الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

أسوأ المسلسلات... أفضل المسلسلات\r\n

فاطمة عبدالله
A+ A-

يحلو ان تكون النهاية أشبه ببانوراما عامة تجمع الجيّد بالسيئ. أي المسلسلات كسبت جولة، وأيها كسبت معركة. بعضها لم يكسب إلا سخط المُشاهد. ثمة أعمال تابعناها بحكم المتعة وأخرى وفق اقتضاء الواجب. أما تلك التي أمتعتنا بالحبكة والأداء والبنية الدرامية، فلم تخل هي الأخرى من الثقوب.
رائع مسلسل "سنعود بعد قليل" لو لم يقع في التكرار والاطالة والملل المشهدي الذي رافق انهيار بعض الشخصيات. لعله واحد من أفضل الأعمال السورية وأكثرها اختزالاً للإنسان الآيل الى التدمير. ظلّ خائفاً من ان يُحسب على طرف ضد طرف آخر وسط صراع الأطراف في سوريا. مثله أيضاً "الولادة من الخاصرة 3، منبر الموتى". فيه أمهات رائعات وإنسان متشظٍ. وفيه أيضاً زوايا اخراجية مرتبكة، أثّرت سلباً في البنية النفسية للموت.
أعمال البيئة الشامية، مهما تألقت، فإنها شيء من تركة الماضي الثقيلة. احياؤها في كل موسم رمضاني فقد طعمه، حتى بات تركيباً من خواء. القالب عينه يُنسخ، والنسخ سيئ لأنه يفتقر الى التجديد. "ياسمين عتيق" قدّم المرأة الشامية كائناً يقرر وسط السلطة المطلقة للرجال. كان أفضل المسلسلات الشامية لجهتي المضمون والعبرة، لكنه لم يحظَ بالانتشار الجماهيري اللازم.
لعلّ الجمهور أراد "لعبة الموت" الذي قالت الاحصاءات انه حقق أعلى نسبة مشاهدة. يعود هذا، في رأينا، الى وزن أبطاله وحضورهم في المُشاهد، قبل القصة التي لم تتخطَّ كونها نسخة زائفة عن الأصل الأجنبي، أُضيفت اليها بعض التطورات فامتلأت بالثغر.
ظلّ "قيامة البنادق" في دائرة جماهيرية ضيّقة، ولم يحقق شيئاً من الانتشار المتوقّع، كذلك "نكذب لو قلنا ما بنحبش" الذي بالغ في الحاق الحوادث بالممثلة يسرا على حساب الأسماء الأخرى المشاركة في العمل. يبقى "العرّاف"، الذي لم يكن أفضل أعمال عادل إمام لكونه أقرب الى تجميع أدوار أداها سابقاً، وسكبها مرة واحدة على الشاشة. تشفع لعادل إمام كاريزما رائعة وتاريخ طويل. أما "العائدة 2"، فتمكن من احراز خطوة أمامية، ولا سيما في حلقاته الأخيرة، بعكس "العشق المجنون" الذي راوح مكانه وسط حال من الجمود حيناً، والتطوّر المفكك أحياناً. الأسوأ كان "صبايا 5": نصّ مسطَّح، لو صُبغَ بكل مكياج العالم ستظلّ تشوّهاته مخيفة.
الى الاعمال المصرية التي لم تُعرض في لبنان. العمق الذي اتسم به مسلسل "موجة حارة" بجعله الانسان امتداداً طبيعياً لمجتمع لا يعرف الثبات، ميّز العمل وأعطاه حضوراً مختلفاً. ومسلسل "نيران صديقة"، كذلك، واحد من أفضل الأعمال. الزمن لعبة نحب أحياناً ان تقع بين يدينا. اختيار العمل الوقت المتأرجح مسرحاً لحوادثه، وتقديم النصّ على مراحل عدة، مع تعمّد التقاط أنفاس المُشاهد، يستحق الاطراء.
وهناك أيضاً "بنت اسمها ذات"، مسلسل جعل من الزمن الماضي حاضراً قوياً، وكأن شيئاً لم يتغيّر بعمق. لافت كيف اختزلت ذات البنية السياسية والاجتماعية والاقتصادية الأرضية المصرية، لتتصاعد تدريجياً نحو التكيّف مع محيطها.
"القاصرات" و"آسيا" و"حكاية حياة"، أعمال اجتماعية تابعها الجمهور، بينما السياسة غطّت أجواء رمضان. انقسمت الآراء في شأن المسلسلات الاجتماعية لتناولها شؤون المجتمع المصري بـ"جرأة". لكن المُشاهد، سواء أيّد الطرح أو رفضه لما يعتبره "محرماً" في شهر رمضان، قدّم لهذه الأعمال نسبة متابعة مرتفعة وسيلاً من التعليقات التي تحضّ، بقصد أو من دون قصد، على المشاهدة.
لا جديد في "فرح ليلى" الذي انشغل بليلى علوي على حساب النصّ. ولكنه أفضل بمرات من "نظرية الجوافة". لم تشفع لإلهام شاهين مواقفها السياسية الأخيرة، مقابل نصّ باغتته ثورة "30 يونيو" فبان وكأنه لمرحلة فاتت. تجربتها الكوميدية بدت قراراً متهوراً. ومسلسل "مزاج الخير" لم يتخطَ الكليشيهات: النساء جاريات، المخدرات، والجزء المستهلك من حياة الليل.
حار المُشاهد ما بين الاعجاب بدور المشعوذ الذي أداه نور الشريف في مسلسل "حلف الله"، أو النفور منه. اننا نميل الى الاعجاب بالرجل، لكن الجدل الذي أثاره لم يرفع العمل الى مكانة المسلسلات الأكثر تميزاً. كان ذلك بعكس مسلسل "اسم موقت" الذي اكتنف بغموض يحضّ على الترقّب، وجعل من الذاكرة المفقودة ذريعة الى اشكالية البلطجة عقب الانتخابات الرئاسية.
شكّل عنوانه صدمة: "الداعية"، وراح مرور الحلقات يجعله يميل الى توثيق الواقع أكثر من التعمق النفسي. انه من الأعمال التي راقت المُشاهد متابعتها على رغم كونه أقرب الى هالة دعائية منه الى عمل درامي. لم يحظَ "بدون ذكر أسماء" بالبروباغندا عينها التي حصدها "الداعية"، لكن مقاربته للتهميش الاجتماعي، جعله يشبه مُشاهداً يتمنى من الشاشة ألا تعامله بفوقية.
ومسلسل "الشك" لا يعتبر عملاً درامياً عابراً. انه أحد الأعمال التي تماشت مع التحوّل السياسي- الديني في مصر بعد الثورة، فلم يتوانَ عن اظهار انتهازية رجال الدين الطامحين الى تسلّم السلطة. كذلك حال مسلسل "على كف عفريت" الذي ربط التشدد الديني بالإرهاب واستهداف أجهزة الدولة، متطرقاً لحاضر المُشاهد وبعض من معالم المستقبل.
انه عرض لأبرز الأعمال، لا جميعها. ثمة حرص على عدم ارهاق القارئ بالكميات. لا بد من ان نترككم أمام ختام جميل: كل عام وأنتم بخير.



[email protected]
Twitter: @abdallah_fatima


 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم