الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

قمة عمّان مرّت بسلام

علي حماده
قمة عمّان مرّت بسلام
قمة عمّان مرّت بسلام
A+ A-

أهمّ ما حصل في القمة العربية في العاصمة الاردنية عمّان التي انتهت اعمالها امس الاربعاء، اولا انها انعقدت، وثانيا انعقدت بهدوء من دون ان تطفو على سطحها الخلافات العربية المزمنة التي لا يمكن أي قمة عربية مهما علا شأنها أن تكون مسرحا لطيها، وثالثا، ان لبنان شارك في القمة بوفد موحد متجانس عكسته كلمة الرئيس ميشال عون التي جانبت أي مسألة خلافية يمكن ان تضع لبنان في مواجهة مع اطراف عربية كانت تترصد موقف لبنان عبر الكلمة التي ألقاها عون، فيما جلس رئيس الحكومة سعد الحريري خلفه في قاعة المؤتمرات في البحر الميت.


حسنا فعل رئيس الجمهورية بتحنب اتخاذ مواقف خلافية، وقد وضع جانبا ميوله السياسية الخاصة كرئيس لحزب سياسي كان ولا يزال يعتبر جزءا من تحالف سياسي يربطه بـ"حزب الله" وإيران والنظام في سوريا. وهنا، نحن المراقبين لا يهمنا كثيرا التوقف عند ميول عون او الحريري السياسية، محليا او اقليميا، بمقدار ما يهمنا تنبيههما الى ضرورة تحييد لبنان عن ازمات المنطقة بأكبر قدر من الحكمة، بالرغم من وجود حالة شاذة يعكسها "حزب الله" بتكوينه ووظيفته وتورطه بالدم في سوريا وغيرها من الدول العربية. والسكوت المبطن عن حالة "حزب الله" الشاذة، لا يعني بالضرورة موافقة على ارتكاباته ولا على ما يمثله من تناقض فاضح مع الصيغة اللبنانية، وانما السكوت، أو قل إشاحة النظر، معناهما امرار الوقت في انتظار ان تتبلور حلول ما على مستوى المنطقة، باعتبار ان القوى اللبنانية كافة تعتبر ان انهاء الشواذ يحتاج الى مظلة اقليمية - دولية لم تتوافر الى الآن. ولكن يبقى الخوف من ان يكون المعبر الى الحلول حربا ما في الاقليم!
لكن، وبالعودة الى الموقف اللبناني والى أداء الرئيس ميشال عون خلال القمة، يمكن القول ان تنسيقه والرئيس سعد الحريري أثمر حضورا لبنانيا معقولا، ومستساغا، لم يمالئ طرفا ولم يعادِ طرفا، وعاد لبنان بذلك الى ممارسة سياسة أقرب ما تكون الى النأي بالنفس عن الخلافات والمحاور، أقله رسميا. هذه نقطة تسجل ليس فقط للرئيس عون، بل للرئيس الحريري الذي حضر قمة عمان، بعد تنسيق دقيق معه، مما أراح اللبنانيين عموما.
أما بالنسبة الى "الرسالة الخماسية" التي وجهها خمسة رؤساء جمهورية وحكومة سابقين الى القمة مباشرة، وبالرغم من انها خلفت نوعا من الانزعاج لدى البعض، ولا سيما عون والحريري، فإن وصفها بالخطيئة او بالخيانة مبالغ فيه كثيرا، ويتناقض ومبدأ الحريات المقدس في لبنان. فالرؤساء الخمسة، مثل أي مواطن لبناني، أحرار في آرائهم وفي التعبير عنها بالوسائل التي يرونها مناسبة، ويبقى ان من يعارضهم حر هو الآخر في انتقادهم. ان الحرية هي معنى لبنان، ويقيننا ان موقف الرئيس سعد الحريري الذي نعرف انه كان ممتعضا من الرسالة أبقى المسألة، من خلال رده، ضمن نطاق النبرة الهادئة والرصينة المطلوبة، وخصوصا ان التباين حول الشكل قد لا يعني بالضرورة تباينا في المضمون. فالحريري، وان بدا مهادنا، ما أصبح بين ليلة وضحاها عضوا في قوى ٨ آذار!

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم