السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

فضّ بكارتها وأغرم بشقيقتها!

المصدر: النهار
فاطمة عبدالله
A+ A-

أحسنت الدراما المصرية بعدم انجرافها الكلي وراء المدّ السياسي- الديني- الاسلاموي من أجل مجتمع لم يعالج نفسه بعد. في كل موسم رمضاني يتغلّب الطرح على المعالجة، فتُنسى العبرة من المسلسل بمجرّد انتهائه، أو بعد حين. بيد ان الموضوعات الاجتماعية التي طُرحت هذه السنة، بدت وكأنها منتقاة بعناية لتتعمّد إحداث خرق.


نحن العرب ندرك جيداً كيف نجعل من حياتنا الاجتماعية "رعباً" جنسياً. ينشأ التابو الجنسي في مركّبنا الذاتي، ويكبر بسرعة قياسية. لنقل انه يتضخّم. يختلف الرجل عن المرأة بأنه قلما يجري وضعه في مصاف "الضحية" الجنسية. فالدراما لم تتوانَ عن تصوير المرأة في وضعية الاستجابة المطلقة للفعل الجنسي لأنها زوجة. الخروق التي تحدث (صورة المرأة اللعوب) لم تخرج هي الأخرى عن النمطية.
المقصود ليس التكلّم عن الجنس، بل عن تداعياته على الصورة الاجتماعية العامة للبنية المصرية، فحضوره درامياً. فكرة البحث عن رجل "معنّف" جنسياً في المسلسلات، بمثابة البحث عن تفسير آخر للماء. سرعان ما تصبح الصورة المعاكسة "سهلة" نسبياً: صلاح السعدني يفضّ بكارة زوجته البالغة من العمر 9 سنين في مشهد يتعمّد الاستفزاز في مسلسل "القاصرات". هي بضعة مَشاهد "صادمة" ضمن عمل يراوح ما بين "الكسر" و"الجبر"، لئلا يبدو طوال الوقت خارج السرب.


يتقبّل بعضهم جارة تسرّ لجارتها عن حياة العاهرات مثلاً، وحين تتناول الدراما هذه الاشكالية تُرمى بالفسق. ثمة ما يتعلّق بالخوف من "التحرر" لارتباطه في ثقافتنا بالانحلال. ان تحترم العلاقة الجسدية ما بين امرأتين، أو رجلين، مثلاً يعني انك توافق طرح مسلسل "موجة حارة" الذي تناول هذه الحال. المثلية الجنسية موجودة أيضاً في المجتمعات العربية، وفي مخيلة بعض شبابنا وممارساته.
لا نتطرق الى الجنس، بل الى كونه طرفاً في قضايانا الاجتماعية، والفارق مهم. فـ"موجة حارة" لم يجعل من السحاقية محوراً مستقلاً، وإنما فصل من ضمن ثيمة عامة تتناول الانحلال الأخلاقي وشبكات الدعارة. "المَخرج" عينه اتبعه مسلسل "حكاية حياة" الذي تناول اشكالية زنى المحارم (علاقة الزوج مع أخت زوجته) من ضمن اشكالية عامة تتعلّق بالخيانة وسقف العلاقة الزوجية.


هي التي تُعنَّف مرتين: الأولى حين تكون ضحية والثانية حين ترفض ذلك، فتصوّرها الدراما "أوفر" متحررة (ورد الخال في مقابل يسرا في مسلسل "نكذب لو قلنا ما منحبش). المرأة في المسلسلات كالحال الجنسية: كلاهما يُؤوَّل. قليلة هي الأعمال التي تربط أبعاد الجريمة مثلاً بالدافع الجنسي (وليس المقصود جريمة الشرف أو الجريمة المتصلة مباشرة بالجنس)، أو تبني التركيبة النفسية لشخصياتها وفق تصاعد الفعل الجنسي في اتجاه الذروة (التفكير، التخطيط، التنفيذ وانتظار النتيجة). لذلك نجد ان معظم الأعمال تناول السلوك المنحرف للمجتمع بأسلوب "اخباري" لم يكترث عميقاً لتحليل المضمون وإلحاقه بجذوره النفسية. فبقيت المرأة، وفق التصوّر "التقليدي" للحضور الانثوي في الأعمال الدرامية، كائناً يبحث عن الحب ويخشاه في الوقت عينه، كما في مسلسل "فرح ليلى"، أو زوجة وأماً مثالية تغيّر التطورات مصير حياتها كما في مسلسل "آسيا"، أو حضوراً في السرير كما في مسلسل "موجة حارة".
يضعنا ما تقدّم أمام واقع تتقاطع فيه الموضوعات. ثمة رابط نفسي ما بين قضايا المجتمع والجنس والمرأة، فإذا بالدراما تتلقفه حيناً وحيناً تخشاه، لتكون في الحال الأخيرة كمن لم يجد ما يبدأ به كلامه سوى القول: ما أجمل طقس هذا اليوم.


[email protected]
Twitter: @abdallah_fatima

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم