الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

رحلَ النقيب محمد البعلبكي تاركاً مهنة الصحافة المكتوبة تصارع البقاء

المصدر: "النهار"
سلوى أبو شقرا
رحلَ النقيب محمد البعلبكي تاركاً مهنة الصحافة المكتوبة تصارع البقاء
رحلَ النقيب محمد البعلبكي تاركاً مهنة الصحافة المكتوبة تصارع البقاء
A+ A-

لن يغيب اسم نقيب الصحافة محمد البعلبكي من تاريخ الصحافة اللبنانية الذي وسمه بحضوره طوال عقود من الزمن. غرف قلمه من بحور الثقافة والأدب والتاريخ والفلسفة، وأتيحت له خدمة المهنة والنضال لإرساء كرامتها وتطويرها. ولد البعلبكي عام 1921 في مدينة بيروت، حيث التحق بالكلية الشرعية وتلقى علومه الدينية والأدبية فيها، ثمَّ انتسب إلى الجامعة الأميركية بعد منحة دراسية، ليتخرج منها عام 1942 حائزاً إجازة في الأدب العربي. تولى في مسيرته سكرتارية مجلة "العروة" قبل الالتحاق بأسرة جريدة "الديار"، وتفرَّغ بعدها للصحافة حيث عمل في عدد من الصحف والمجلات وأسهم في تأسيس "الصياد"، "كل شيء" و"صدى لبنان".



رحيله إعلان متأخر لوفاة الصحافة
"لقد ظلّ محمد البعلبكي يقاوم الموت، متحمّلاً أوجاع العمر في السياسة كما في مهنة الصحافة، حتى انطفأت آماله، فرحل بصمت اليأس وفجيعة انطفاء الزمن الجميل، زمن حرية الكلمة وقدرتها على الفعل"، بهذه العبارات رثى الصحافي طلال سلمان النقيب محمد بعلبكي.
وفق سلمان "جاهدَ بعلبكي طويلاً لحماية المهنة، وسط زلازل الحروب الأهلية في لبنان ثم في المنطقة، فلما عجز حاول حماية نقابة الصحافة في لبنان كمنبر لفلسطين وسائر القضايا القومية والوطنية، وصولاً إلى القضايا المطلبية، فكانت ملجأ جميع المظلومين والمقهورين والباحثين عن العدالة. ليست مبالغة أن يقال أن وفاة محمد بعلبكي، نموذج الصحافي المثقف العقائدي حتى السجن. ليست مبالغة أن يقال أن رحيله هو بمثابة إعلان متأخر لوفاة الصحافة في لبنان، بل في الوطن العربي جميعاً، مقدمة لسقوط "الكلمة" صريعة، ونهاية عصر "اقرأ" و"الذي علم بالقلم". رحم الله النقيب الذي اجتهد حتى النفس الأخير لحماية نقابة ميتة مقاوماً محاولات اغتيال الصحافة، مستعيناً بعكاز من إرادته ومن "مناقبيته" ومن عشقه للكلمة - الموقف. رحمك الله ورحم معك الصحافة اللبنانية التي كانت آخر ما تبقى من رايات الصحافة والكلمة الحرة في الوطن العربي".


 


بصمة في تاريخ الحزب والوطن
"خسر لبنان اليوم علماً من أعلام لبنان الوطنيين"، وفق رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي النائب أسعد حردان الذي قال لـ"النهار"، انه "علمٌ من أعلام الفكر والموقف الواضح والالتزام بالقضايا الوطنية بشكل مميّز. هذا النقيب الذي استمر فترة طويلة برضى الجميع في لبنان كان من الشخصيات الكبرى التي آمنت ودافعت عن الحرية، وكان من أعمدة لبنان المدافعة عن كرامة وعزة وشعب لبنان، ومدافعاً بليغاً عن الحرية بشكل عام وحرية التعبير عن الآراء والأفكار. لذلك كنا نراه في المقدمة خلال كل المحطات. ونحن كقوميين خسرنا صديقاً ورفيقاً له بصمة في تاريخ حزبنا، وبصمة كبرى في تاريخ الوطن".



جمع سلطة التهذيب والكلمة الحرة
الصحافي ابرهيم عبدو الخوري عاصر النقيب البعلبكي ما يُقارب العشرين عاماً أثناء عمله في نقابة الصحافة. يصفه لـ"النهار" بأنه "إنسانٌ واسع الصدر، مرحبٌ بكل نقدٍ موجه له ولغيره على اعتبار أن النقد البناء مدرسة في أسلوب الكتابة. عُرفَ بتواضعه، وإعطاء كل صاحب حقّ حقه. جمع بين سلطتين، سلطة التهذيب والوداعة وتقدير الغير وسلطة الكلمة الحرة. أسلوبه العربي كان مميّزاً بحكم أنه كان طالباً في الأزهر، وقد أخبرني منذ مدة أنَّ المفتي طلب آنذاك من طلابه استكمال دروسهم الثانوية والحصول على إجازة جامعية مثلما يفعل الكهنة. وهذا ما حصل، إلاَّ أنَّه بعد وفاة المفتي تسلَّم مفت آخر وأوقف الدروس، مما اضطر البعلبكي إلى ترك الكلية الشرعية وتحصيل دراسته في الأدب العربي بالجامعة الأميركية في بيروت حيث تخرّج. كان من المميّزين في الصحافة إلى جانب جبران تويني الجد، وكميل يوسف شمعون. أما أبرز تلامذته فكان البطريرك أغناطيوس الرابع هزيم، والأستاذ غسان تويني، ومنح الصلح، وبهيج طباره، وعبد الرحمن الصلح وجبران الحايك، وغيرهم".


خسرت الصحافة اللبنانية مع رحيل النقيب محمد البعلبكي قلماً مناضلاً في سبيل حرية الكلمة، فهو اختصر زمناً سياسياً وحزبياً وصحافياً، وكأنَّ لرحيله دليل حسيّ على أفول مهنة.



[email protected]
Twitter: @Salwabouchacra


 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم