الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

تجربتي في هوليوود

جمانة سلّوم حداد
A+ A-

عندما تواصلتْ معي المنتجة والمخرجة الشابة نغم وهبي، المقيمة في لوس أنجلس، منذ قرابة السنتين، لكي تعرض عليّ مشروعها تحويل كتابي "هكذا قتلتُ شهرزاد" مسرحيةً، وتطلب حقوق العمل، وافقتُ بالطبع انطلاقاً من شغفي بمنح أفكاري آفاقاً وأبعاداً جديدة غير تلك التي تستطيع الكلمات المكتوبة الوصول إليها. أذكر أني كنتُ أقول لها كلما حاولتْ "توريطي" برؤيتها، وإشراكي في اتخاذ القرار في منحى الاقتباس: "أنا أثق بموهبتكِ. هذا الكتاب أصبح الآن طفلك أنتِ، فاشعري بكامل الحرية في إعادة خلقه كما تريدين وإنجابه من أحشائك بالصورة التي ترينها مناسبة له ولكِ. لا يزدهر عملٌ فني إلا في جوّ من الحرية المطلقة". كنتُ، في المقابل، أتساءل كيف ستستطيع هذه الصبية الخلاّقة، المشغوفة، ابنة أبيها الفنان اياد وهبي، أن تجعل نصّاً هو بمثابة مونولوغ، عملاً مسرحياً حيّاً يتلاءم مع شروط العرض الناجح، من تعدّد الأصوات والإضافات الموسيقية وسواها من العوامل البصرية الجوهرية التي تغني الخشبة. كنتُ أتساءل أيضاً كيف ستحوّل نصّاً لبنانياً / عربياً بهمومه ومشاغله، عملاً مسرحياً يعني مشاهديه كافة، مهما كانت خلفياتهم وجنسياتهم وجنسهم وخصوصياتهم.
إلى أن جاءت ليلة العرض الأول على خشبة مسرح هوليوودي مساء التاسع من آذار2017. الصالة ملأى (نفدت بطاقات العروض كلها قبل شهر من انطلاق المسرحية)، الحضور متنوّع (أميركيون وعرب ولبنانيون مقيمون في كاليفورنيا) والتوقعات عالية من الجميع. أشهد أنني منذ لحظة بدء المسرحية حتى انتهائها، لم أستطع، ولو لهنيهة، إبعاد عينيّ عن الخشبة. أنفاس الحضور كانت محبوسة ومشاعر الجميع فائرة على الحافة من دون ميوعة. نجحت نغم وهبي، ومعها طاقمها الرائع من الممثلات والممثلين من جنسيات واثنيات مختلفة (ذلك كان رهانها منذ البدء)، في منح الوجع والمعاناة، والانتصار عليهما، حياة تتخطى الواقع اللبناني والعربي وتمسّ الإنسانية جمعاء: كل أب وكل أم؛ كل ابن وكل ابنة؛ كل رجل وكل امرأة؛ كل عربي وكل غربي، الخ. تراجعت الخصوصيات من دون أن تمّحي، وخرجت الى السطح تجربة الإنسان التائق الى الكرامة والحرية مهما كانت قيوده.
أن ترى كاتبةٌ كلماتها تتحرّك وترقص وتثور على المسرح، لتجربةٌ مُسكرة في ذاتها. ولكن أن تعيش أيضاً، تفاعُل عدد من الناس المختلفين في ما بينهم مع تلك الكلمات، وتماهيهم معها، فذلك يجعلها تختبر اكتمالاً روحياً لا يوصف.
شكراً نغم وهبي. شكراً يا فريق العمل على الخشبة وفي الكواليس.
وكما قالت لي نغم: "عقبال ما نشوف هالمسرحية ببيروت!".


[email protected] / Twitter: @JHaddadOfficial

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم