الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

"ثقافة" تواطؤ!!

نبيل بومنصف
نبيل بومنصف
"ثقافة" تواطؤ!!
"ثقافة" تواطؤ!!
A+ A-

لن يقيم اللبنانيون الدنيا ويقعدونها إن حل أسوأ الاحتمالات التي تنذر بها أزمة انحباس سياسي تضع مصير الانتخابات النيابية على كف المجهول. تعرف ذلك تماما جميع القوى السياسية المنخرطة سعيدة في سلطة ناشئة فيما أزمة قانون الانتخاب تتصل اولا وأخيرا بإعادة تشكيل السلطة اذا قيض لانتخابات جادة أن تحصل. المقصود بذلك ان اللبنانيين تطبعوا مع الأسوأ سلفا ولم تعد تهزهم أنواع مبتكرة من أزمات تفضي كلها الى ما يسمى الفراغ. باستثناء التمديد المتعاقب لمجلس النواب بين بداية الحرب في السبعينيات وأول انتخابات نيابية بعد الطائف، استحدثت تجارب الفراغات "ثقافة" سياسية وسلوكيات استهانة بالأصول الى حدود نزع عَصّب الرفض الشعبي لها والتطبع معها تطبعا تاما. أمر قد لا يقلق الطبقة السياسية، بل يريحها ويخفف عنها تبعة الانكشاف الحاصل حاليا في التعامل مع شبح ازمة مرشحة للتحول واقعيا، وبلا اي تهويل او تضخيم الى أزمة نظام لا ازمة دستورية فحسب. لا ندري كم ينفع نصح القوى السياسية قاطبة، بدءا برؤوس أهرام السلطات عهدا وحكومة وبرلمانا مرورا بكل القوى الحزبية وتياراتها بمختلف الاتجاهات بلوغا الى ما يسمى قوى المجتمع المدني التي سيختبرها هذا الاستحقاق الحاسم أكثر من أي تجربة سابقة، بعدم الاستهانة بإنذارات بدأت تتسرب بقوة من المجتمع الدولي وآخرها من مجموعة الدعم الدولية للبنان حيال اختلاف الظروف الدولية في التعامل مع مسألة تجديد الدماء السياسية في مؤسسات الدولة وسلطاتها. ما حصل حيال ظروف مرور تسوية ملأت شغور الرئاسة وفتحت أفق لبنان على فرصة تحييده عن الجحيم الاقليمي الملتهب لم يكن أمرا عابرا في المعطى الدولي والاقليمي، ولن يبقى كذلك إن اعاد الواقع السياسي انتاج أزمة تتهدد مجلس النواب، أم النظام، للمرة الاولى. سيكون ذلك من السوء بحيث يعيد هذه المرة علامات التيقن الدولي من ان لبنان ليس قابلا للعيش ضمن نظام دستوري وسيلتحق نهائيا بنادي الدول الفاشلة. لن يقتصر الامر على تهاوي هيكل هش يمكن ان يفتح الباب على مصير شديد الخطورة في اعادة انتاج السلطات او الحفاظ على دستور الطائف، بل ان تداعيات الاستهانة بسيناريوات تعطيل الانتخابات النيابية سيؤدي الى ضرب صدقية مجتمع سياسي وشعبي سواء بسواء ما دام أي فراغ محتمل او تمديد مرجح سيعمم صورة استعصاء لبنان على ان يحمي نفسه بالنظم الديموقراطية والدستورية أولا وأخيرا. ثمة ما يتجاوز الخطورة في أفق هذه الازمة اذا أخذنا سقوط المهل القانونية لقانون نافذ بلا رفة جفن نموذجا عن المجريات التي ستلي هذا السقوط. ولعلنا لا نبتكر جديدا ان قلنا ان ما تجري الاستهانة به في بداياته البديهية سيرتب عواقب اشد فداحة اذا سلك طريق أعراف طارئة قد تفضي الى تقويض النظام.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم