الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

الراقص بيار جعجع الأصمّ وجسده المسكون بالأنغام الحرّة!

المصدر: "النهار"
هنادي الديري
هنادي الديري https://twitter.com/Hanadieldiri
الراقص بيار جعجع الأصمّ وجسده المسكون بالأنغام الحرّة!
الراقص بيار جعجع الأصمّ وجسده المسكون بالأنغام الحرّة!
A+ A-

كان حلمه الكَبير أن يُقدّم شرايين روحه على الخَشَبة، من خلال رَقصَة مُنفَرِدة لا يُشاركه أحدهم فيها، غائِراً في عالَمِه الصامِت، مُستَخرجاً منه حِكايات يَرويها الجَسَد بإتقان مُبدِع، وسيطرة كامِلة، وشَغَف "يَستوعِب" قطرات العَرَق المُتناثِرة بحُريّة موجِعة... وتلك الأصوات المُتقطّعة التي يولّدها صَمته الجميل!


وكانَ له ما أراد.



 


على خَشَبة #مسرح_المَدينة القائِم في شارع الحمراء التاريخيّ، تحوّل جَسَد الراقِص الأصمّ منذ ولادته، بيار جعجع (36 عاماً)، في عطلة نهاية الأسبوع، آلة عَزَفَ عليها الجمهور أحاديثهم الصامِتة. وعَبّروا عن ذهولهم من خلال التصفيق القويّ الذي لم يَسمعه بيار، ولكنه شَعَرَ به تماماً كإحساسه العَميق بالموسيقى التي عَزَفها مُباشرةً معه على الخَشبة، شريف صحناوي (الغيتار الكهربائي) وطوني عليّة (بايس غيتار).


موسيقى تجريبيّة، حُرّة في "نَزواتِها" النغميّة، ورقص مُعاصِر، جامِح، عاصِف، لا يَنحَصِر داخل إطار فنّي واحد... وأيضاً دقائق طويلة من الصَمت الكلّي على الخَشَبة تَخلّلته حركة الجَسَد الذي يَعيش انخِطافه كأنه يتمايل على صدى أنغام يَسمعها وَحده... وبعض تأوهات خَرَجت "خِلسةً" من جعجع.



 


"الّلغة الأم" عَرض راقص جَمَع لـ45 دقيقة جُموح الرَقص المُعاصِر مع لغة الإشارة التي هي في الواقِع لغة هذا الشاب الرائع في انفعالاتِه. هي لغته الأولى ومن خلالها يَتواصَل مع عالِم لديه الكَثير ليتعلّمه بعد عن الاختِلاف.


45 دَقيقة رَسَمَت صورة يَصعَب نسيانها عن قصّة راقِص أصمّ يَعيش علاقته الإستثنائيّة مع الصوت والإيقاع.
مَزَج العَرض الحركات الراقِصة مع الحوارات الإيمائيّة والموسيقى التجريبيّة والألعاب البهلوانيّة ومَشاهَد الفيديو.
وفي نِهايَة العرض، وفيما الجمهور يَهتُف اسمه ويُصفّق له وقوفاً، اكتفى بيار جعجع، المُلهِم والشفّاف في انفعالاته، بتَحويل نَظَره نحو أرضيّة الخَشبة، مُعبّراً عن سعادَته وشكره من خلال لغّة الإشارة... وسُرعان ما غادرَ الخَشَبة... والجُمهور لم يكن قد استيقَظَ بعد من حُلم اليَقَظة الساحر الذي استمرّ زهاء 45 دقيقة.


الأحلام تُصبِح أكثر قيمةً إذا تَحقّقت بعدما خيّل إلينا أنها كانت مُستَحيلة!



 


[email protected]


 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم