الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

عصام سليمان لـ"النهار": قانون الإثراء غير المشروع وُضِع كي لا يُطبّق

نيكول طعمة
عصام سليمان لـ"النهار": قانون الإثراء غير المشروع وُضِع كي لا يُطبّق
عصام سليمان لـ"النهار": قانون الإثراء غير المشروع وُضِع كي لا يُطبّق
A+ A-

"من أين لك هذا"؟ سؤال يردده اللبنانيون كلما تجدد الحديث عن وجوب تعديل أحكام قانون الإثراء غير المشروع، الذي يُبرّىء مسؤولي الدولة من أي فساد ما دامت مواده لا تلزم كل من يتسلّم زمام المسؤولية كشف ما لديه من أموال وممتلكات أمام الرأي العام، ضماناً للشفافية الكاملة، بل في الظرف المختوم!


التصريح عن الأموال لدى المجلس الدستوري في مغلفات مقفلة لا يفتحها أحد. ما فائدته؟ وكيف يُسمّى تصريحاً وهو سرّي؟ وهل ثمة حالات فتحت فيها مغلفات؟
يشرح رئيس المجلس الدستوري عصام سليمان وجهة نظره القانونية من الموضوع لـ"النهار"، فيشير الى ان قانون الإثراء غير المشروع الرقم 154/99 ينص على أن "كل من يقوم بخدمة عامة، وكل من أسند إليه، بالانتخاب أو التعيين، رئاسة الجمهورية، رئاسة مجلس النواب، رئاسة مجلس الوزراء، أو الوزراء والنواب والقضاة وغيرهم، عليه أن يقدم تصريحاً موقعاً في غلاف سرّي مغلق يتضمن كامل ذمته المالية، بما فيها الأموال المنقولة وغير المنقولة، التي يملكها المصرِّح، أو زوجه أو أولاده القاصرون".
وعلى هؤلاء أن يتقدموا بتصاريح الى رئاسة المجلس الدستوري، خلال مهلة ثلاثة أشهر بعد تعيينهم أو انتخابهم، وتصريحاً آخر بعد ثلاثة أشهر من انتهاء ولايتهم، أو انتهاء توليهم المنصب، أو انتهاء مدة انتخابهم.
كيف يُسمّى تصريحاً وهو سرّي؟
ثمة مادة في قانون الإثراء غير المشروع، وفق سليمان، "يُعتبر فيها التصريح المنصوص عليه في هذا القانون شرطاً من شروط تولي الخدمة العامة، ويعتبر التخلّف عن ذلك من تاريخ تولي الخدمة العامة حتى تقديم التصريح في المهل المحددة، بمثابة استقالة من الخدمة الفعلية".
ما الفائدة من التصاريح السرية غير المعلنة؟
يرى سليمان أن مسألة تقديم التصاريح ضرورية، علماً أن قانون الإثراء غير المشروع يحتاج إلى مراجعة لملاحقة الأشخاص الذين يثرون في شكل غير شرعي على حساب المال العام للدولة.
ماذا لو كان مضمون التصاريح كاذباً؟
يُذكّر سليمان بنص آخر في القانون يشير إلى أن "كل من يقدم تصريحاً كاذباً يُعاقب بالعقوبة المنصوص عليها في المادة 462 من قانون العقوبات".
إذاً، كيف السبيل إلى التحقق من شفافية التصريح وهو موجود في مغلف مقفل؟ يشير سليمان الى انّ "للتصاريح طابعاً سرياً وعلى كل موظف مكلّف بتسلّمها وتوضيبها أن يحافظ على هذه السرّية"، موضحاً في هذا السياق، انه "إذا أقدم الشخص الذي أُوكل إليه تسلم المغلف على فضح سرية التصريح عبر فتح المغلف وكشف المعلومات الواردة فيه، يُعاقب أمام القضاء جزائياً بالعقوبة المنصوص عليها في المادة 579 من قانون العقوبات".
وعن التأكد من أن التصريح ليس عبارة عن ورقة بيضاء داخل المغلف، "لا يتحقق من ذلك إلاّ إذا اقيمت دعوى في حق أحد المسؤولين في الدولة بإثراء غير مشروع، فالمحكمة التي تنظر في الدعوى تطلب من رئيس المجلس الدستوري تسليمها التصاريح التي قدمها هذا المسؤول. وما تقوم به المحكمة هو فتح التصاريح والتحقق من المعلومات الواردة فيها، فإذا تبيّن لها أن المعلومات الواردة في أحد التصاريح غير صحيحة يُلاحق صاحب التصريح جزائياً حتى ولو لم يثبت الإثراء غير المشروع بحقه". لكن في الوقت عينه، "وُضعت في هذا القانون شروط صعبة جداً لرفع شكوى ضد أحد المتهمين بالإثراء غير المشروع". لماذا؟ لأن المادة 10 من القانون تفيد أن "لكل متضرر أن يُقدم شكوى خطية موقعة منه للنيابة العامة، او مباشرة لقاضي التحقيق الأول في بيروت، إذ على الشاكي إيداع كفالة مصرفية مقدارها 25 مليون ليرة لبنانية حتى توافق المحكمة على الدعوى". والأكثر صعوبة، بحسب سليمان، "أنه إذا قررت المحكمة منع المحاكمة عن المسؤول الذي قدمت في حقه شكوى، لأنه لم يُثبَت عليه الإثراء غير المشروع، تغرّم المحكمة الشاكي السيئ النيّة بمبلغ لا يقل عن 200 مليون ليرة لبنانية، وبالسجن من ثلاثة اشهر حداً أدنى إلى سنة، فضلاً عن إلزام الشاكي بناء على طلب المشكو ضده، دفع تعويض عن الأضرار التي لحقت به من جراء الشكوى". وفي رأي سليمان، "وُضع هذا القانون بشروطه وقيوده الصعبة كي لا يُطبّق، لذلك لم تُقدّم دعوى إثراء غير مشروع بحق أي مسؤول في الدولة منذ عام 1999 حتى تاريخه. ويبقى هذا القانون من دون ملاحقة أمام القضاء. ويختم سليمان: "من هنا نرى البلد في قمّة فساده وبكمّ هائل من السرقة، ولا يوجد أي مسؤول يمكن وصفه بالحرامي قانونياً حتى اليوم"!


[email protected]
Twitter: @nicoletohme

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم