السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

حرية الوصول الى المعلومات باتت متاحة أخيراً... ماذا عن الاستثناءات والثغر؟

المصدر: "النهار"
اسكندر خشاشو
اسكندر خشاشو AlexKhachachou
حرية الوصول الى المعلومات باتت متاحة أخيراً... ماذا عن الاستثناءات والثغر؟
حرية الوصول الى المعلومات باتت متاحة أخيراً... ماذا عن الاستثناءات والثغر؟
A+ A-

في خطوة إصلاحية مهمة على المستوى التشريعي، وبعد نضال لمدة 8 سنوات أقرّ مجلس النواب قانون حق الوصول الى المعلومات، وأصبح متاحاً لأي شخص طبيعي أو معنوي، الوصول الى المعلومات والمستندات الموجودة لدى الإدارة والاطلاع عليها.


يعدّ الحق في الوصول إلى المعلومات من المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان، فقد كفلته معظم الاتفاقيات الدولية، وبدأت تطبيقه الدول الغربية منذ أكثر من مئتي سنة، وبقيَ لبنان بمنأى عن هذا التشريع الحيوي حتى سنة 2009 حين تقدمت الشبكة الوطنية للحق في الوصول إلى المعلومات( شبكة تضم ممثلين عن جميع الفئات في المجتمع، سواء انتموا إلى القطاع العام أو الخاص) بتقديم اقتراح قانون حول الحق في الوصول إلى المعلومات، إلى مجلس النواب في نيسان من العام 2009، الا أنه نام في أدراج المجلس ولجنة الادارة والعدل الى العام 2012"، حين بدأت لجنة الإدارة والعدل بدراسته، وشكلت لجنة فرعية ضمّت النواب نوار الساحلي وسيرج طورسركيسيان وغسان مخيبر وميشال الحلو لدراسته.
ونظراً إلى كسل اللجان في مجلس النواب، استغرق المشروع نحو 5 سنوات لدراسته وتمحيصه، قبل إحالته على الهيئة العامة وتالياً إقراره.


بنود القانون
يكرّس القانون الحق بالوصول للمعلومات كافة في الدولة وإداراتها العامة، والمؤسسات العامة، الهيئات الادارية المستقلة، المحاكم والهيئات والمجالس ذات الطابع القضائي أو التحكيمي، العادية والاستثنائية، بما فيها المحاكم العدلية والادارية والمالية من دون المحاكم الطائفية، البلديات، المؤسسات والشركات الخاصة المكلفة بإدارة مرفق أو ملك عام، والهيئات الناظمة للقطاعات.
وكل ما يصدر عن هذه الإدارات، من ملفات وتقارير ودراسات ومحاضر وإحصاءات، اضافة الى الأوامر والتعليمات والتوجيهات والتعاميم والمذكرات والمراسلات، العقود ووثائق المحفوظات الوطنية، والمستندات الإدارية المتعلقة بمعلومات ذات طابع شخصي.
كما ألزم القانون الإدارة بنشر المستندات حكماً في مواقعها الإلكترونية من قرارات وتعليمات وتعاميم ومذكرات تتضمن تفسيراً للقوانين والأنظمة أو تكون ذات صفة تنظيمية، والعمليات التي بموجبها يتم دفع أموال عمومية تزيد على خمسة ملايين ليرة لبنانية، وذلك خلال شهر من تاريخ إتمامها أو إتمام أحد أقساطها، على أن يتضمن النشر الآتي: قيمة عملية الصرف، وكيفية الدفع، والغاية منه، والجهة المستفيدة، والسند القانوني الذي بموجبه جرى الصرف (مثلاً: مناقصة، عقد بالتراضي، تنفيذ حكم قضائي).
كما ضمن حق وصول الأشخاص الى الأسباب التي دفعت الإدارة الى اتخاذ القرارات الإدارية غير التنظيمية التي تمسّ حقوقهم.
واستثنى القانون حق الاطلاع على:
- أسرار الدفاع الوطني والأمن القومي والأمن العام.
- إدارة العلاقات الخارجية للدولة ذات الطابع السري.
- ما ينال من المصالح المالية والاقتصادية للدولة وسلامة العملة الوطنية.
- حياة الأفراد الخاصة وصحتهم العقلية والجسدية.
- الأسرار التي يحميها القانون كالسر المهني او السر التجاري مثلاً.
- وقائع التحقيقات قبل تلاوتها في جلسة علنية، والمحاكمات السرية، والمحاكمات التي تتعلق بالأحداث والاحوال الشخصية .
- محاضر الجلسات السرية لمجلس النواب او لجانه، ما لم يقرر خلاف ذلك.
- مداولات مجلس الوزراء ومقرراته التي يعطيها الطابع السري.
- المستندات التحضيرية والإعدادية والمستندات الادارية غير المنجزة.
- الآراء الصادرة عن مجلس شورى الدولة إلا من قبل اصحاب العلاقة في إطار مراجعة قضائية.
كما وضع القانون آلية مراجعة في حال رفض الادارة المعنية تزويده بالمعلومة وأناطها بالهيئة الوطنية لمكافحة الفساد التي تدرس الطلب وتعليل الادارة، وتبت به خلال شهرين من تقديمه، وحتى قرارات الهيئة قابلة للطعن أمام مجلس شورى الدولة.


في الإيجابيات
ووفق ما تقدم يساعد في كشف الفساد والحد منه، من خلال تعزيز قدرة المواطنين والإعلام على تطبيق الرقابة البناءة والاستقصائية، ويزيد من وعي المواطنين بحقوقهم المكتسبة، وهو أيضًا أداة أساسية في يد النواب لمراقبة أعمال الحكومة.
اضافة الى انه سيعزز صدقية الأخبار ودقتها لدى تناولها، وسيساهم في رفع الشفافية في الإدارات ويشكل بداية فعلية في مكافحة الفساد وهي المصاريف والتقارير والأسباب الموجبة والاحصاءات وغيرها. كما سيساهم في تطوير الادارة التي أصبحت ملفاتها مكشوفة للرأي العام والنقاش والنقد من دون أي قيود تتيح شفافية العمل الوزاري.
يساعدُ الفرد في تصحيح أو اكمال أو تحديث أو محو المعلومات الشخصية المتعلقة به غير الصحيحة او الناقصة او الملتبسة او القديمة في سجلاته الشخصية، وهذا الأمر يحدث مشكلات كثيرة على المستوى الشخصي بسبب عدم الدقة في المعلومات المدوّنة عن الشخص، كما يضع دليلاً للمعاملات الإدارية التي يريد القيام بها وعدد المستندات المطلوبة ونوعها ومدة إنجازها.


السلبيات
بالنسبة إلى الصحافي فهو لن يستفيد كثيراً من هذا القانون، وخصوصاً أن عمله قائم في شكل عامٍ على السرعة. فمن غير المنطقي انتظار 15 يوماً ليؤمن له الموظف طلبه، كما انه لن ينتظرَ شهرين ويتقدم بطلبات نقض وتعليل في حال مماطلة الادارة على الاجابة. فهذه المدة كفيلة بتسوية أو تمييع أي مخالفة مرتكبة طلب الصحافي معلومة عنها.
الى ذلك، يرى خبراء قانونيون ان بعض الاستثناءات في القانون يحمل الطابع الفضفاض عن أسرار الدفاع الوطني والأمن القومي والأمن العام، ويصبح الموضوع الأبرز والذي يأخذ حيّزاً حقوقياً كبيراً في العالم المتقدم على صعيد إيقاف المتهمين ومحاكمتهم واحترام مبادئ العدالة، واحترام حقوق الانسان اثناء التوقيف ومعاملة السجين، واشكالية السجون خصوصاً في لبنان، والتحقيق وأساليبه، وهذه جميعها يمكن أن تدرج تحت خانة الأسرار الامنية ولا يمكن الحصول عليها.
سمّى القانون إنشاء الهيئة العليا لمكافحة الفساد، وأوكلَ الى الحكومة اللبنانية ووزير العدل وضع الأطر التنظيمية لها. على الطريقة اللبنانية، من الممكن أن يحتاج هذا الأمر إلى سنوات ولجان ولجان فرعية، وتدخلات سياسية، وتوظيف على طريقة الـ 6 و6 مكرر، وتبقى أطر الاعتراض غير متاحة.
ألزم القانون كل الادارة أن تحتفظ بالمعلومات التي بحوزتها بشكل منظم وبترتيب يسهل على الموظف المكلّف عملية استخراجها، ويجب عليها حفظ المعلومات إلكترونياً كلما أمكن ذلك،


المكننة
وهذا الأمر يحتاج مكننة الإدارات عامةً وهي ما تفتقده، والشروع بعملية المكننة هذه يحتاج الى سنوات، وكلفة كبيرة غير متوافرة في ميزانيات الوزارات، وهذا ما سيبعدُ التطبيق الفعلي للقانون بإعتبار أن جزءاً من الطلبات سيستوجبُ الحصول عليه كمية من الملفات ومن مصالح مختلفة يمكن أن تكون متباعدة جغرافياً، ويتعذرُ الحصول عليها خلال وقت قصير.


جولة على المواقع
في السياق نفسه، وبجولة على المواقع الالكترونية للوزارات التي ألزمها القانون بنشر تلقائي للقرارات والعقود وغيرها، نجدُ أن في غالبيتها، قديمة وغير محدثة ولا تعدو كونها منبراً لخطابات الوزير السياسية، اذا كان محدثاً أصلاً، وتالياً تحديثها وتطويرها يحتاج الى تأهيل بشري ومادي، وربما لن يكون متوافراً في مدة زمنية قصيرة نظراً إلى سيرورة الإدارات البطيئة جداً.
كما ان بند "ما ينالُ من المصالح المالية والاقتصادية للدولة" يمكن أن يؤول ويفسّر، لأن السؤال عن أي ملف مالي أو عقد يمكن التذرع بعدم الاجابة ودخوله ضمن هذا البند، خصوصاً في ما يتعلق بالمؤسسات التي تدير قطاعات الدولة على سبيل المثال) الشركات المشغلة لقطاع الاتصالات، سوكلين، ليبان بوست)، بحيث إن هذه الشركات بأغلبها تكون مملوكة من دولة أخرى وربما طلب معلومات عن هذه المؤسسات يمكن أن ينال من مصالح الدولة الاقتصادية وعلاقتها بالدول الأخرى.
في المحصلة، وعلى رغم بعض المطبات، يعتبر القانون عصرياً وحيوياً ومهماً، واذا بدأت الادارات بتوفير ما هو متاح والذي لا يحتاج الى مراسيم تنظيمية تكون أيضاً خطوة كبيرة نحو الاصلاح. ويبقى الأمل بأن لا يتدخل ذكاء اللبناني وخبرته في التلاعب بالقوانين، لئلا يواجه مصير قانون منع التدخين في الأماكن العامة وقانون السير.


 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم