الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

تحقيق - مراهقون في عزّ الثلاثين!

ليال كيوان
A+ A-

أعوام مضت على مراهقته المفترضة، واليوم، وهو في نهاية العقد الثالث من العمر، روبير مراهق من جديد!
يقبل الشباب أو الفتيات الخامسة والعشرين من العمر، لكن البعض منهم يقدمون على استعارة تصرفات غريبة عنهم لم يعتادوها من قبل ولم يألفها ذووهم والمقربون منهم. فالبعض يزداد اهتمامه بمظهره، والبعض الآخر يسعى إلى بناء علاقات إجتماعية أكبر، ومنهم من يدخل في مغامرات عاطفية متنقّلاً كالطير من علاقة الى أخرى! وتلك الأعراض هي وفق تعريف الخبراء، تنتج من المراهقة المتأخرة، فما هي؟ وما أسبابها؟ وهل يمرّ فيها الجميع؟ وما تأثيرها في الشخص نفسه وفي علاقاته مع الآخرين؟


في الخامسة والثلاثين
بدأ ذووها يلاحظون عليها تغييراً مفاجئاً، تصرفاتها بدت غريبة بعض الشيء، فهم لم يعتادوا رؤية ابنتهم تصبغ شعرها وتبالغ في وضع الماكياج رغم أن عمرها تخطى الخامسة والثلاثين. حتى أنّ أصدقاءها بدأوا يلاحظون تصرفاتها الغريبة وعندما سألوها أجابت: "شويّة تغيير مش أكتر". لكن الواقع الذي ينقله المقربون يتخطى "شويّة تغيير"، ذلك التغيير الذي لم يقتصر على "اللوك" فحسب بل طاول تصرفات أخرى تتعلق بالتعامل مع الجنس الآخر. سيمونا عزباء ولم تكن مرتبطة مع أحد من قبل، وجميع من يعرفها يعلم أنها لم تربطها يوماً علاقة حب مع أي شاب، رغم جمالها ونعومتها الفاتنة التي تلفت أي رجل. أما اليوم، فهي لا تلبث أن تتعرّف الى شاب حتى تتركه وتنتقل للتعرّف الى آخر، وفي ذلك تقول إنها "ترغب في الارتباط وتبحث عن الرجل المناسب". لكنّ أصدقاءها يقولون إن الأمر مختلف، فهي تتعرّف الى شاب وتتركه بعد مدة وجيزة وتقصد آخر بهدف إرضاء غرورها! فهل أصبحت مراهقة من جديد؟


زواج على المحكّ
وفي مكان غير بعيد، تدور المشاحنات بين روبير وزوجته عن تغيّرات مسّت شخصيته فحوّلت حياة زوجته جحيماً. وهي تؤكد في هذا الصدد الى أن "روبير كان دائماً مثال الرجل الصالح الذي لا يسمح لنفسه أن ينظر الى أي امرأة أخرى، فهو الذي كان يحسب حساباً لتصرفاته ويزيّن خطواته وأقواله، بات اليوم شخصاً آخر غريباً عمّن تزوجت به قبل خمسة أعوام. لم أفكر يوماً أنه عليّ أن أسأله أين تذهب أو مع من تتكلم أو أي أسئلة فيها من الشك مما يجعلني أقلق على زوجي، لكن اليوم تصرفاته كلها أصبحت غريبة جداً، فبات يتأخّر في المجيء الى البيت بعد انتهاء دوام العمل، وبدأ يخرج مع أصحابه قاصدين النادي ومطاعم البلد كعادة مستجدّة". وتعترف زوجته بانها بدأت تشكّ في أنه قد تعرّف الى إحداهن وهو "يخرج معها متذرعاً بالخروج مع الأصحاب". ورزان التي سمعت مراراً عن أزمة منتصف العمر التي تصيب البعض فوق سن الأربعين، بدأت تتساءل عمّا إذا كان روبير قد أُصيب بتلك الأزمة وهو لم يبلغ الثامنة والثلاثين بعد! الجواب لدى المتخصّصين.


دوافع المراهقة المتأخرة
يمرّ الإنسان بمراحل مختلفة خلال دورة الحياة، تبدأ بالطفولة ثم المراهقة فالشباب والنضج وأخيراً الشيخوخة. وبينما ينتقل البعض من مرحلة الى أخرى بسلاسة، يكون هذا الإنتقال لدى البعض الآخر مصحوباً بأزمات تتفاوت في شدّتها وأعراضها بحسب قدرة الإنسان على استقبال مرحلة جديدة من حياته والتكيّف مع طبيعتها ومظاهرها، وتكمّن الصعوبة في أن التغييرات تكون داخلية كإحساس الإنسان بنفسه وخارجية حيث قد تتغيّر نظرة الآخرين إليه. والبيئة الإجتماعية وأسلوب التربية والمشكلات الأسرية والضغوط النفسيّة والطلاق وتأخر سنّ الزواج، كلها عوامل قد تؤدي الى ظهور المراهقة المتأخرة أو استمرارها حتى سنوات متقدمة من عمر كل من المرأة والرجل على السواء. ويشرح الإختصاصي في علم النفس الإجتماعي الدكتور كمال بطرس، "قد يكون الدافع إلى المراهقة المتأخرة أسباب عميقة في نفسيّة الشخص منها الحرمان الزائد في التربية وفي فترة المراهقة، كأن يمنعه الأهل مثلاً من الاختلاط بالجنس الآخر بحجة العيب، فيحاول تعويض ذلك في الكبر، فيطلق على هذه التصرفات "نكوص وارتداد لمراحل سابقة من العمر"، وهذا يكون هروباً إلى الماضي، وكأنه يهرب من اعترافه بسنه والتغيّرات الجسدية التي حصلت، وكأنه يؤكد لنفسه والآخرين أنه ما زال صغيراً ومرغوباً فيه. ويأتي السبب النفسي الأعمق للمراهقة المتأخرة بأن تكون سلوكاً دفاعياً ضد الاكتئاب، وهذا النمط من الشخصيات لو بحثنا في شخصيته سنجده يهرب من الاكتئاب بالخروج والتعاملات والمعاكسة ونمط المراهقة المتأخرة، فنجد في الظاهر حالاً من الهوس وفي الأعماق اكتئاباً مرضيّاً مؤذياً". والمراهقة المتأخرة محفوفة بالأخطار، خصوصاً إذا نجمت عنها مشكلات عائلية في حال كان الرجل او المرأة متزوجين، "فهي قد تؤدي الى الطلاق والتفكك الأسري. ويجب الانتباه الى أنه لا يوجد عمر لهذه المراهقة، ويُصاب بها الشخص وفق مزاجه وظروفه".
وعن الوقت الذي قد تستغرقه المراهقة المتأخرة، يشير بطرس الى أنه "من الصعب تحديد توقيت زمني لانتهاء الأزمة، رغم أن معظم الدراسات تشير إلى أنها تمتد من 3 إلى 5 سنوات". والحلّ الأمثل لتخطيها يكون بالاعتراف والقبول بالتغيّرات الطبيعيّة التي طرأت على الشخص ومحاولة التأقلم مع المتغيرات الحاصلة مع القبول بالواقع وتفهّمه والاقتراب أكثر من العائلة والأصدقاء.
[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم