السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

بقعة ضوء وسط الظلام

رندة حيدر
A+ A-

شكل القرار الأخير لمجلس الأمن الذي ندّد بالمستوطنات اليهودية في الضفة الغربية واعتبرها أهم عائق في وجه السلام، نقطة ضوء وسط هذه الأجواء المكفهرة والظلامية التي تلف المنطقة بأسرها. وعلى رغم أن القرار لم يصدر تحت الفصل السابع الملزم وتالياً لا يتضمن فرض أي خطوات عملية عقابية على الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، إلا أنه شكل صفعة قوية للحكومة الإسرائيلية ولليمين الجديد الذي يتحكم بتوجهات السياسة الإسرائيلية.
يجيء هذا القرار على خلفية عدد من التشريعات الإسرائيلية التي سعت الى شرعنة البؤر الاستيطانية اليهودية غير القانونية، وتزايد الأصوات الصادرة عن اليمين والمطالبة بضم أجزاء من الضفة الغربية بصفة نهائية إلى إسرائيل.
بالطبع لم يكن لهذا القرار أن يصدر لولا امتناع الولايات المتحدة عن استخدام حق الفيتو، الأمر الذي عكس مستوى التدهور الذي وصلت اليه العلاقة بين الإدارة الأميركية وحكومة نتنياهو بعد ثماني سنوات من حكم أوباما.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا، هل يمكن مثل هذا القرار الأممي وقف الاستيطان اليهودي وكبح جشع المستوطنين والكف عن نهب الأراضي الفلسطينية؟ أم أن اهمية القرار ستبقى رمزية وستشكل دعماً معنوياً لحقوق الفلسطينيين لا أكثر؟
إن ردة الفعل الإسرائيلية الرسمية الحادة على القرار والحملة الشرسة التي شنها نتنياهو لا تعبر عن الغضب بقدر ما هي مناورة داخلية تهدف إلى تعبئة الرأي العام الإسرائيلي ضد المجتمع الدولي وتصوير الأمم المتحدة معادية لإسرائيل واتهام الدول الداعمة للقرار بأنها معادية للسامية وتصوير نتنياهو المدافع عن مشروع الاستيطان. وهنا يمزج نتنياهو النفاق السياسي بالكذب مستغلاً التنديد الدولي بالمستوطنات لتحصين مكانته السياسية وقطع الطريق على مزايدات زعماء اليمين الجدد الذين يشكلون خطراً على زعامته. لذا فمن المتوقع أن يشكل هذا القرار حافزاً اضافياً لتمسك المستوطنين بمطالبهم توسيع الاستيطان، وتعزيز نفوذهم على رغم كونهم يمثلون أقلية داخل المجتمع الإسرائيلي، لكنها اقلية مؤثرة وفاعلة قادرة على تأليب الرأي العام على نتنياهو اذا لم يقف الى جانبها. ومن غير المتوقع أن يدفع القرار الحكومة الحالية الى تغيير توجهاتها في موضوع الاستيطان.
ومع أن قرار مجلس الأمن يعبر عن موقف دولي واضح وصارم ضد المستوطنات اليهودية، فإن الصعب أن يتحول في المستقبل المنظور رافعة لمفاوضات سياسية بين الفلسطينيين والإسرائيليين أو محركاً لدفع حل الدولتين قدماً. من هنا ان دوره قد يقتصر على أن يكون البصمة الأخيرة التي أراد الرئيس باراك أوباما أن يتركها قبل تركه منصبه.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم