نصب تذكاري في كوريا الجنوبية احتفالًا باستقلال لبنان!

قد يعتقد البعض أنّ هذا العنوان هو مجرّد مزحة، لكنه واقع فعلي وملموس جسدّته إرادة لبنانية شابّة ترفض الاعتراف بفشل هذا الوطن في احتضانها وتأمين حياة كريمة لها، بل تتمسّك به وطنا تفتخر وترفع اسمه عالياً إينما حلّت!

هذا الحنين الى وطن يكاد يخسر كلّ طاقاته الشابّة في الاغتراب، دفع الزوجان اللبنانيان وسام بويز وريف جوزف عون الى رفع نصب تذكاري للبنان في وسط بارك في إحدى مدن كوريا الجنوبية الرئيسية وهي مدينة كوجيه حيث يعيشان منذ ثلاث سنوات بدافع العمل.
وأهمية البارك المذكور، والذي يضمّ 38 نصبا تذكارياً لـ 38 بلدًا حول العالم، فتمثل عبارة عن قرية نموذجية تمثل العيش المشترك بين الجاليات الأجنبية المقيمة في كوريا والشعب الكوري الجنوبي.
فبُعيد وصولهما الى المدينة منذ حوالي الثلاث سنوات للعمل وأثناء تجولّهما في المكان اكتشف وسام وريف هذا البارك، ولاحظا عدم وجود نصب للبنان رغم وجود جالية لبنانية هناك، وللحال قاما بالاتصال بالمسؤولين عن البارك للاستفسار حول إمكانية إضافة نصب للبنان في المكان.
فجاء الجواب رفضًا قاطعًا لإضافة إي نصب في المكان.
احتراماً منهما للبلد وللسلطات الرسمية في كوجيه لم يصرا على طلبهما في حينه، لكن بعد حوالي السنتين ومع ولادة ابنتهما ماري جوي في كوريا عادت فكرة رفع النصب اللبناني في البارك تدغدغ أحلامهما "خاصة أن هذا البلد سيترك بصمته في حياتنا فقد أصبحنا عائلة هنا مع ولادة ماري جوي، مع العلم أن كوريا الجنوبية بلد جميل لذلك أردنا أن نترك شيئا من لبنان في كوريا".
فقررا الاتصال مجدداً بالسلطات ومحاولة الاستفسار عن سبب رفضها رفع نصب تذكاري للبنان في البارك المذكور، وأعرب الزوجان للسلطات عن استعدادهما القيام بكل ما يلزم وتحمل تكاليف المشروع إذا ما تمّت الموافقة. فجاء الجواب أن الرفض يتعلّق بأسباب هندسية جمالية وليس لأي سبب آخر.
عندها قصد الزوجان السلطات المختصة واجتمعا بالمعنيين الذين أوضحوا أنّ للبارك شكلًا هندسيًّا لا يمكن كسره وأنه لا يوجد إمكانية أو متسّع فيه لنصب إضافي.
أصرّ وسام وريف على موقفهما وقصدا البارك والتقطا مجموعة من الصور، واكتشفا أنّ الشكل الهندسي الذي تحدثت عنه السلطات الرسمية يحتاج الى نصب أخير لكي يكتمل شكله فعليا، وتدعيماً لموقفهما قاما بجمع الصور وإضافة صورة للنصب المنشود على البارك والذي اتسع المكان له بشكل لافت وعادا بالعمل المنجز الى السلطات المعنية .
لم تتمكن السلطات الكورية هذه المرة من رفض الاقتراح خاصة أنه يظهر اكتمالا للشكل الهندسي للبارك بعد إضافة النصب الـ 39 ، فأتت الموافقة مشروطة بتكفّل الزوجان بتكاليف المشروع وهذا ما حدث .
افتتح النصب في 13 تشرين الثاني الحالي في احتفال أقيم في المكان بمشاركة ممثلين عن البلدية والأشخاص الذين نفّذوا المشروع وعدد من اللبنانيين في مدينة كوجيه وآخرين حضروا من العاصمة سيول فضلا عن سكان المدينة الذين حضروا بدعوة عامة من البلديّة إضافة الى بعض ممثلين عن الجاليات الأجنبية الأخرى الموجودة في كوجيه. يحمل كلّ نصب في هذا البارك علم البلد المكرّم واسمه باللغة الكورية إضافة الى النشيد الوطني باللغة الرسمية للبلد وتفاصيل عن موقعه، وبأي قارة يقع وما هي اللغات المحكية فيه ومساحته والديانات الموجودة فيه فضلا عن مساحته مقارنة بكوريا إضافة الى نظام الحكم فيه!
فعلى بُعد حوالى 8 الآف كلم عن لبنان، وبعدد لبنانيين مقيمين في كوريا الجنوبية لا يتجاوز 45 شخصا أصبح للبنان نصباً تذكاريا يخلّد اسمه في وسط كوريا الجنوبية عربون صداقة بين لبنان وكوريا، علماً أن لبنان سيكون البلد العربي الوحيد الممثل في كوريا الجنوبية ولن يتسّع البارك بعد إضافة نصب لبنان الـ 39 لأي نصب آخر، وذلك "لأننا نفتخر بوطننا لبنان ونريد أن يكون له موقعه ومكانته كأيّ بلد مميّز في هذا العالم" .
وهذه عيدية وسام وريف للبنان وكلّ اللبنانيين بمناسبة عيد الاستقلال !