الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

10 سنوات على استشهاد بيار الجميّل: مشاريع مدفونة في الأدراج وملف قضائيّ فارغ

اسكندر خشاشو
اسكندر خشاشو AlexKhachachou
10 سنوات على استشهاد بيار الجميّل: مشاريع مدفونة في الأدراج وملف قضائيّ فارغ
10 سنوات على استشهاد بيار الجميّل: مشاريع مدفونة في الأدراج وملف قضائيّ فارغ
A+ A-

في وقت يستعد لبنان الرسمي والشعبي لإحياء ذكرى استقلاله الثالثة والسبعين، تحل الذكرى العاشرة لاغتيال النائب الوزير بيار امين الجميل، الذي شاء القدر ان يحمل اسم جده احد رجالات الاستقلال 1943، ويتزامن تاريخ اغتياله معها.


فتى الكتائب، عريس الشهداء، امير المنابر، "شيخ التغييرين"، صفات اطلقت على الشاب الكتائبي، المفعم بالحياة و"الثوري"، الذي استطاع بفترة بسيطة خلق دينامية جديدة، لحزب وعائلة ظن الجميع ان الزمن قد طواها الى غير رجعة، بعد الاحداث والمتغيّرات الهائلة التي حلت على لبنان بعد عام 1989.
عايش بيار الجميل النضال الحزبي والسياسي والوطني، وكان لا يزال في ريعان شبابه منذ ان تسلم والده الرئيس أمين الجميل سدّة رئاسة الجمهورية اللبنانية.
ولم تكن الأيام التي قضاها الرئيس الجميل في القصر الجمهوري آمنة. فقد تعرض الجناح الذي تقيم فيه عائلته للقصف الذي قضى على كل شيء ونجت العائلة بأعجوبة. فانتقلوا جميعًا إلى المنزل العائلي في بكفيا حيث تابع بيار دراسته بين فرير الشانفيل في ديك المحدي ومدرسة سيدة الجمهور.
عاد الشيخ بيار في العام 1992 إلى الوطن بعد أن اضطرت العائلة إلى مغادرة البلاد إلى باريس. والتحق بكلية الحقوق في معهد الحكمة لينال اجازة في الحقوق عام 1995.
وفي العام 1999 انتقل مع العائلة إلى قبرص حيث تزوج بباتريسيا الضعيف في حضور والده الممنوع من دخول لبنان. وتكلل زواجهما بولدين هما أمين والكسندر.
وخلال هذه الفترة، ورغم القبضة الامنية والسياسية السورية على لبنان، لم يكن بعيداً عن العمل السياسي، فعمل باندفاع ليعيد والده وحزب الكتائب اللبنانية الى الساحة، وكانت التجربة الاولى التي خاضها العام 1998 عندما قرر المشاركة في الانتخابات البلدية، ثم خاض الانتخابات النيابية منفردًا عن دائرة المتن الشمالي عام 2000 وفاز بها، كما شهد ذاك العام عودة والده من المنفى مما اعطاه دفعاً سياسياً وشعبياً كبيراً.
لم يثن الفوز النيابي والحالة الشعبية التي كوّنها الجميل عن العمل على استعادة حزب الكتائب، فأسس الحركة الاصلاحية الكتائبية، قبل ان يستطيع بدبلوماسيته وحنكته من ابرام اتفاق او صفقة مع قيادة الصيفي آنذاك برئاسة كريم بقرادوني ودمج الحركة الاصلاحية الكتائبية بالحزب الشرعي.
دخل الجميل لقاء قرنة شهوان وكان من اشرس المطالبين بخروج الجيش السوري من لبنان خلال عمله النيابي، وبعد استشهاد الرئيس رفيق الحريري عام 2005 كان من ابرز الوجوه في ثورة الارز، التي كانت حاضرة دوما في ساحات النضال، وخاض انتخابات عام 2005 وفاز فيها فدخل المعترك الوزاري للمرة الأولى بتوليه مهام وزارة الصناعة، إلى أن اغتيل في 21 تشرين الثاني 2006 في وضح النهار في منطقة الجديدة بعملية شبيهة بالافلام الهوليوودية، حيث اعترضت سيارته سيارتان، وأُطلقت النار عليه مباشرة فاستشهد هو ومرافقه سمير الشرتوني.
استطاع الشاب الكتائبي وعلى رغم بعده عن نطاق الصناعة أن يخلق رؤية جديدة في الوزارة. فرفع شعار "بتحب لبنان حب صناعتو" وهو شعار يلخص الثقة التي أراد أن يشعر بها اللبنانيون تجاه انتاجهم وبلدهم.
أطلق في وزارة الصناعة برنامجًا تحت عنوان "صناعة لشباب لبنان 2010" فأراد من خلاله أن يقدّم للصناعيين في خلال مئة يوم روزنامة صناعية مفصّلة.
طرح اقتراحات قوانين في المجلس النيابي، اهمها الجهاز الترقبي للحوادث، اضافة الى اعطاء تسعيرة مخفضة للطلاب ومنح اعفاءات ضريبية وتخفيض رسوم .
كما كان سبّاقًا بموضوع النفايات حيث عرض في مجلس الوزراء في جلسته المنعقدة بتاريخ 28/6/2006 موضوع ادارة النفايات المنزلية الصلبة، ويقضي بإنشاء مطمر في الجية وفي حال عدم الموافقة اقامة مطمر في الخريبة، وآخر في سرار، ومطمر ثالث في زحلة والطيبة - بعلبك ومطمر رابع في مزرعة بصفور وفي شقراء - برعشيت.
عرف كيف يجمع في شخصه الطفولة والبراءة مع السياسة. كان مرحًا لا تفارق الإبتسامة ثغره، يسرق لحظات الفراغ ليأتي إلى المنزل ويقضي الوقت مع ولديه، فهو القائد في النهار والولد الشيطان في الليل كما وصفه عضو المكتب السياسي الكتائبي سيرج داغر.
وزّع يومياته بين الوزارة وبيوت الكتائب المنتشرة على كل الاراضي اللبنانية فقام بـ54 زيارة حزبية واعاد فتح الاقسام، والاقاليم واحيا ما كان منها رميماً.
كان عالماً ان حياته ستكون قصيرة، وهذا ما يبرر سبب استعجاله في انهاء مهماته فهو بحسب رواية داغر ابلغ زوجته باتريسيا ان فترة بقائه ستكون قصيرة وعليها الاهتمام بالاولاد والعائلة، كما انه رفض الركوب بسيارة مصفحة، لأنه لا يريد ان يصّعب قتله فكان يقول دائماً: "من أراد قتلي، سيقتلتي بسهولة".
اجتهد الجميل، في بناء علاقات شخصية مع الكتائبيين فقلما تجد كتائبياً لا يملك رقم الشيخ بيار ولا تجمعه معه صداقة، حتى ان هذا الموضوع خلق اعتراضات لدى المسؤولين الكتائبيين، الذي تحفظوا على تخطي الحزبيين لهم والتواصل المباشر مع الوزير.
هذا النفس الثوري المتمرد ازعج اصحاب النفوس الحاقدة الذين افرغوا حقدهم في رصاصات غادرة أصابته في رأسه واستطاعوا انهاء مشروع سياسي لبناني طموح، استفاد منه لخلق مشاريع وطنية تثبّت شباب لبنان في وطنهم، حتى هذه الساعة، أما ملف التحقيق بهذه الجريمة فهو فارغ ولم يتقدم حتى خطوة واحدة، فلا جلسات ولا قرارًا ظنّيًّا ولا تحقيقات جدية، ولا جلسات استماع. وحتى اليوم لم يتم تسليم ملفّه الى المحكمة الدولية التي طالبت به مراراً.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم