الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

أي آفاق مبكرة للانتخابات النيابية المقبلة؟

أي آفاق مبكرة للانتخابات النيابية المقبلة؟
أي آفاق مبكرة للانتخابات النيابية المقبلة؟
A+ A-


يبدو الحديث المبكر عن ظروف استحقاق الانتخابات النيابية المقبلة والمفترض ان تجري في ربيع 2017 مبررا تماما في ظل الظروف السلبية والشديدة الالتباس التي فرضت تمديدا قسريا لمجلس النواب الحالي ومن ثم نشوء أزمة فراغ رئاسي قياسية في تاريخ الازمات الرئاسية وما واكب ويواكب كل ذلك من استعصاء لانجاز توافق سياسي على قانون الانتخاب الجديد. ولم تكن آخر فصول التداعيات السياسية للظروف التي واكبت هذا الملف والتي تمثلت في كلام رئيس الجمهورية العماد ميشال عون امس من بكركي عن التمديد لمجلس النواب كمسبب اساسي لتراجع المؤسسات ومن ثم مسارعة رئيس المجلس نبيه بري الى الرد عليه الا المؤشر الساخن المبكر ايضا لاستمرار الكثير من جمر التباينات العميقة تحت رماد بدايات العهد الجديد التي وان كانت طلائعها اتسمت بمهادنة طبيعية تواكب انطلاقة العهد الا انها سرعان ما تطل برأسها عند أول هبة موقف جديد او ريح خلافية .
الا ان المسألة الاساسية المرتبطة بملف الانتخابات الرئاسية لا تقف هنا فقط بل تتمادى الى الأبعد المتعلق بتساؤل عريض اساسي عن أي مشهد سياسي يتجه اليه لبنان في المرحلة الفاصلة عن ايار وحزيران المقبلين اذا سلمنا جدلا بان الانتخابات ستجرى في مواعيدها ولم يطرأ عليها ما يتردد عن تأجيل "تقني" محدود او ما شابه من احتمالات. وهو تساؤل يتخذ طابعا جديا وحساسا للغاية متى قيس المشهد المترقب بحسابات التطورات الداخلية والخارجية التي ادت الى انتخاب الرئيس عون ومن ثم تكليف الرئيس سعد الحريري تشكيل الحكومة الجديدة وفق ظروف لا تزال القوى اللبنانية تختلف اختلافا عميقا على توصيفها الموضوعي سواء لجهة العوامل الداخلية التي افضت الى التطورات الاخيرة وسمحت بانهاء الفراغ الرئاسي والشروع في تشكيل الحكومة ام بالنسبة الى مساهمة عوامل اقليمية في نشوء هذا التطور. ولان طلائع العهد الجديد لا تزال في طور التشكل ولا تسمح بعد بالرؤية الاستباقية الواسعة والدقيقة فان كل كلام جازم عن طبيعة المشهد السياسي الذي سينشأ عن الانتخابات النيابية المقبلة يبدو ضربا من التوظيف السياسي الذي لا تستقيم معه الوقائع الموضوعية ما دامت مدة غير قصيرة مبدئيا لا تزال تفصل عن موعد الانتخابات وما دامت سوق التكهنات حول قانون الانتخاب الذي ستجرى الانتخابات على اساسه مفتوحة على الغارب من دون اي يقين. ومع ذلك ثمة عوامل جديدة وقديمة تبدو بمثابة مرتكزات يمكن الركون اليها للاستدلال الى طلائع الوقائع التي سيجري في ظلها الاستحقاق الانتخابي في انتظار معرفة ما ستقدم عليه الحكومة العتيدة والعهد الرئاسي الجديد في صدد بت قانون الانتخاب. ابرز العوامل التي يجري الاعداد لها من الآن والتي ستلعب دورا مؤثرا في الانتخابات هي التحالفات السياسية التي يفترض ان تكون ولادة العهد الجديد قد اطلقت مسارها ولو في اطار مبدئي يستند الى التحالفات التي لعبت دور الرافعة في قيام العهد الجديد . فاذا كان من النافل القول ان لا تبديل مرتقبا اطلاقا على محورية الثنائية الشيعية التي عادت في الآونة الاخيرة لاثبات ثباتها غير القابل لاي تغيير، فان التطورات التي تشكل المادة الاكثر اثارة للاهتمام ستكون في اتجاه المقلب المسيحي في المقام الاول ومثله ولو بدرجة اخف في المقلب السني. ذلك ان الكثير مما تشهده حاليا عملية تأليف الحكومة الحريرية يشكل بروفة متقدمة لتجربة الثنائي المسيحي "التيار الوطني الحر" و"القوات اللبنانية" في تعاملهما مع موجبات عملية التأليف انطلاقا من تفاهمهما الثنائي الذي جاء استكمالا وامتدادا للتحالف الذي لعب دورا محوريا في انتخاب الرئيس عون ولو لم يكن وحده. هذا التحالف بدأ يحدث خلطا واسعا للاوراق والوقائع على المستوى المسيحي لجهة ما يرسمه من معالم انتخابية في مختلف المناطق التي يتشارك فيها طرفا التحالف انتشارا حزبيا واسعا او في المناطق التي يتنافسان فيها مع قوى مسيحية أخرى وما يمكن ان تتجه اليه احتمالات المواجهة او التحالف بين الثنائي والقوى الاخرى. كما ان ثمة من يرى انه لدى حلول موعد الانتخابات سيكون طرفا التحالف قد اختبرا جيدا مدى متانة تفاهمهما في السلطة كما في الشارع كما في تطور علاقاتهما مع القوى الاخرى وهو الامر الذي لا يمكن الحكم من الآن على نتائجه للجزم بالوجهة التي سيسلكها فريقا التفاهم في رسم المخطط التفصيلي لخوضهما معا المعركة الانتخابية في كل المناطق.
اما على صعيد المشهد السني فان الامر يختلف لجهة عودة صعود اللاعب الاساسي المتمثل بالرئيس الحريري و"تيار المستقبل" وسط تساؤلات لا تجد اجوبة مبكرة عنها وخصوصا لجهة ما اذا كان الحريري سيتمكن من خلال عودته الى رئاسة الحكومة من لملمة الكثير من الوهن الذي اصاب شارعه وقواعده في مناطق انتشار تقليدية كانت تدين بالولاء الساحق للحريرية واصابتها عوامل التبديلات السلبية ولو لم يستفد كثيرون من تراجع الحريرية الا في مناطق محدودة كتجربة الانتخابات البلدية في طرابلس. والحال ان قانون الانتخاب يلعب دورا مفصليا في استشراف الحالة الحريرية الانتخابية اكثر من سواها اذ ان بقاء قانون الستين يشكل عاملا ايجابيا واضحا لمصلحة "المستقبل" مثلما يفيد تماما الحالة الجنبلاطية في الشارع الدرزي. اما في حال اعتماد قانون نسبي فان مجمل المعطيات ستكون عرضة للتبديل الذي يصعب معه ضبط اي تقديرات مسبقة. كما ان امكانات نشوء تحالفات عريضة في ظل واقع عهد جديد هو احتمال لا يمكن اسقاطه وينتظر بلورة التجربة الحكومية المقبلة .

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم