بلدية النبطية تواجه "مافيا" المولدات: مغامرة أم ثقة زائدة ؟

بعد سنوات من تحكم "مافيا" المولدات بـ"النبطانيين" نجح المجلس البلدي في النبطية باتخاذ قرار جريء يتيح له شراء المولدات الكهربائية لانتاج الطاقة وبيعها للمواطنين بسعر الكلفة مما دفع أصحاب المولدات الى إستباقه بقرار خفض سعر الـ "5أمبير" من 100 الف ليرة لبنانية الى 75 الف ليرة محاولين إظهار تعاونهم هادفين ضمناً الى عرقلة اتخاذ القرار.
إلا ان جلسة المجلس البلدي الاخيرة، وفق معلومات "النهار"، كانت حازمة في إتجاه السير بأي مشروع يحقق مصلحة المواطنين من دون الاكتراث لأي مصالح آنية او ضيقة رغم إبداء بعض الأعضاء توجسهم من الدخول بـ"مغامرة غير محسوبة" مفضلين الإكتفاء بفرض تسعيرة متدنية على أصحاب المولدات. فما هي هذه "المغامرة" التي سيقدم عليها رئيس البلدية أحمد كحيل متسلحاً بموافقة وزارة الداخلية والبلديات و "ثقة" المجلس البلدي؟
ينطلق كحيل في شرحه لمشروع المجلس البلدي لـ"النهار" من حقيقة أن"السنوات الماضية لم تكن مشجعة فمحاولتنا الضغط على أصحاب المولدات لخفض التسعيرة لم تكن بالقدر الكافي لإنعدام المنافسة بينهم رغم قدرتنا على جعلها تحت التسعيرة المحددة من وزارة الطاقة"، لافتا ً الى أنهم "إلتمسوا عدم عدالة بما كل يجري فالنظام المتبع غير مرن ولا يتيح ان يدفع المواطن بقدر ما يصرف (نظام العداد) ولا يلحظ بالقدر الكافي انخفاض اسعار المحروقات، لذلك توجهنا كمجلس بلدي مجتمعين الى تبني مشروع قديم- جديد وهو شراء المولدات والدخول على خط المنافسة مع أصحاب المولدات مع أفضلية اننا لا نبغي الربح بقدر ما نريد خدمة الأهالي وتحقيق العدالة قدرالامكان مع العلم أن بلديات زوطر الغربية وكفرصير والخيام وعيترون وغيرهم قد سبقونا الى هذه الخطوة، ما يعني أننا تأخرنا".
كلفة الـ 5 أمبير الـ55 الف!
من الناحية النظرية قد تكون وجهة نظر البلدية صائبة بتبني المشروع، لكن هل اجرت البلدية دراسة جدوى واقعية؟ وهل هي قادرة فعلاً على إدارة تفاصيل مشروع يتداخل مع الحاجة الى موظفين وتقنيين وغيرهم؟ وهل فعلاً الكلفة متدنية وأصحاب المولدات حققوا أرباحاً خيالية؟
لا يرى كحيل أي "ضرورة واقعية لتضخيم المخاطر فنحن اجرينا دراسة للكلفة تتضمن ثلاثة محاور كلفة عدد ساعات التشغيل والصيانة واليد العاملة ليتبين لنا ان الكلفة لكل "5 أمبير" لا تتعدى الـ 55 الف ليرة لبنانية كحد أقصى مع إمكانية خفض هذه الكلفة في حال التوزيع الصحيح لـ"امبيراج" وإستخدام التقنيات الحديثة التي تتيح التحكم بمصروف المازوت حسب الطاقة المستهلكة".
وشدد على انه "حسب دراسة الكلفة المعدّة الوفر المحقق على المواطن سيكون نحو الـ 20 دولارا لكل "5 أمبير" شهرياً، فلا يستحق هذا الوفر تحملنا مهمة التشغيل ومشقاتها لخدمة أهلنا ومجتمعنا؟ الأكيد ان "سخط الخاصة يذوب برضا العامة" كما قال الأمام علي".
الية حازمة ونظام مرن
قد يقول قائل أن إدارة هذا المشروع من البلدية سيدخل الى صندوقها أموال طائلة والعكس صحيح فهل من ألية قانونية لكل ذلك؟
"قرار المجلس البلدي واضح بان تتم مناقصة عمومية لشراء المولدات الجديدة وكابلات وكل التجهيزات اللازمة للمشروع كما ان يثمن خبير قانوني أي مولدات مملوكة من أصحاب المولدات حالياً ويرغبون ببيعها للبلدية لان المطلوب خدمة الأهالي وليس المناكدة وقطع الأرزاق كما أننا سنقبض من الأهالي بإيصالات قانونية تدخل اموالا الى صندوقنا البلدي كما في كل وارداتنا"، بهذه العبارة حسم كحيل الالية القاونية ولكن عند سؤالنا ماذا لو تخلف مواطنون عن التسديد هل يمكن للبلدية قطع إشتراك ام ستتحمل الخسارة؟ يجيب:" البلدية أخذت في الاعتبار إضاءة الشوارع ودور العبادة كما لحظت العائلات الفقيرة لكن حددنا بخطتنا ألية محددة تتيح لكل من لا يستطيع تسديد قيمة إشتراكه لفقر حاله من الحصول على مساعدة اجتماعية بطلب موقع منه يحول بعدها لتسديد ما يتوجب عليه من اشتراكات".
ماذا لو حصلت محسوبيات؟ يرفض كحيل سؤالنا ويسأل في المقابل:"أيهما أصعب إرسال إنذار قانوني يتيح لنا حجز ممتلكات بهدف تسديد الرسوم البلدية أم قطع الاشتراك؟ كل من لن يسدد إشتراكه سيتم قطعه لان المطلوب تحقيق خدمة أفضل بأقل سعر ممكن ولا محسوبيات لدينا".
ولفت الى أن"البلدية سبتدأ التشغيل والتوزيع في غضون أسابيع من حي سوق الخضر الجديد وفق ألية تشغيل مرنة تتيح للمواطن الدفع مقطوعة أو عبر العداد لتنتقل بعدها مربع مربع لتغطي مساحة النبطية الجغرافية بعد أشهر قليلة".
صحيح ان الخطوة البلدية لاقت ترحيباً لافتاً من تجمع الاندية والجمعيات الاهلية والمدنية في النبطية كما من غالبية الأهالي رغم "سخط" بعض أصحاب المآرب، لكن الأكيد أيضاً ان المجلس البلدي وضع نفسه أمام تحد جديد، فهل يثبت قانونية وشفافيته ام سيفشل وتكون عودة احتكار أصحاب المولدات محط ترحيب؟
[email protected]
twitter:@samirsabbagh