الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

العهد و"أمهات العروس"!

نبيل بومنصف
نبيل بومنصف
العهد و"أمهات العروس"!
العهد و"أمهات العروس"!
A+ A-

ثمة "خلطة" سياسية جديدة بدأت تتكون في البلد ويصعب رسم معالمها الكاملة قبل ولادة الحكومة الثانية التي يتولى رئاستها الرئيس سعد الحريري. هذه الخلطة ومهما تفاوتت الأدوار والأحجام الداخلية التي اضطلعت بالدفع نحو ولادة عهد الرئيس العماد ميشال عون سيكون حجر الرحى في ارساء تكوينها متكئا الى التجربة العملية الاولى في الحكم للحلف العوني - الحريري. تعامل الداخل السياسي مع الرئيس عون كما تعامل معه الخارج تماما وبدت الايام الاولى عقب انتخابه بمثابة افساح سريع لفرصة صارت امرا واقعا. ولعل المفارقة الأكثر مدعاة للتوقف عندها كانت في تهافت دول اقليمية لتجاذب لحاف الغطاء الاقليمي للعهد كأنها تنافس قوى لبنانية داخلية في تنازع السباق الى تصدر دور "أم العروس". وينطبق هذا بقدر مماثل على تسابق افرقاء الداخل الى كعكة الحكومة الحريرية. انها السياسات التي غالبا ترافق ولادة العهود وتقيم امام اعين الرأي العام مهرجاناتها المتقلبة وقواعد الانتقال من ضفة الى أخرى. ومع ذلك ثمة فوارق كبيرة جدا بين سوابق ولادة العهود السابقة وولادة العهد العوني. ترانا الآن امام معادلة تسييل عاملين كبيرين احدهما يجسده تحالف الرئيسين عون والحريري والآخر يجسده تحالف "القويين المسيحيين" وما ينبغي قيامه من توازنات مع سائر الاخرين وفي مقدمهم الثنائي الشيعي. حتى لو أصر رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل في تصنيفه الاولويات التي اوصلت الرئيس عون الى الرئاسة على إدراج "حزب الله" في المرتبة الثانية قبل "القوات اللبنانية" والرئيس الحريري فان واقع الحكم الذي بدأ يرتسم مع غالبية ساحقة اوصلت الحريري الى التكليف يعيد الاعتبار الاول الى المعادلة العونية - الحريرية التي استولدت العهد الجديد. لن يكون اذاً في مصلحة اي من طرفي المعادلة أي جنوح نحو التجربة المدمرة في عهد الرئيس اميل لحود والرئيس رفيق الحريري حتى لو مضى "حزب الله" في "تقليد" ثابت لديه بعدم تسمية الرئيس الحريري لرئاسة الحكومة. يعرف الحزب تماما معنى ان يتسبب للحليف الذي عطل من اجله الانتخابات الرئاسية سنتين ونصف سنة بانتكاسة عاجلة من اول الطريق. ولكنه يعرف ايضا كما عرابو العهد الآخرون ان الرئيس المنتخب والرئيس المكلف باتا الآن في وحدة تجربة "وجودية" لاطلاق دينامية تغيير حقيقية في البلاد وإلا ستبدأ التداعيات السلبية بالتراكم بسرعة. ما بين الرئيس عون والرئيس الحريري رسم في بداية هذا الاسبوع انقلاب سياسي بدأت تتصاعد على ناره ملامح مشهد يحمل الكثير من المجهول. وليس أسوأ من الاستعجال القاتل في معاينة الاندفاعة الاولى التي تضع الرئيسين المنتخب والمكلف كما البلاد برمتها في عين الاختبار المصيري.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم