الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

أرقام مخيفة تهدد الأجيال القادمة... 1278 طفلاً في لبنان ضحايا عنف

سلوى أبو شقرا
أرقام مخيفة تهدد الأجيال القادمة... 1278 طفلاً في لبنان ضحايا عنف
أرقام مخيفة تهدد الأجيال القادمة... 1278 طفلاً في لبنان ضحايا عنف
A+ A-

1 من ستة أطفال في لبنان هو ضحية اعتداء جنسي، إلى جانب الإيذاء الجسدي والنفسي فضلاً عن الإهمال، وهي أرقام تستدعي خطةً وطنية للحد من أشكال العنف كافة ضد الأطفال لجعل كل طفل بأمان. وقد دُقَّ ناقوس الخطر في ندوة أقامتها جمعية "حماية" في كلية الطب في الجامعة اليسوعية في بيروت، حضرها كل من السيدة لمى تمام سلام، وممثلين عن وزارة الشؤون الاجتماعية ووزارة التربية والتعليم العالي، ووزارة الإعلام، وخبراء اجتماعيين، إضافة إلى أساتذة وطلاب. قسِّمت المحاور فيها لتتناول: الأطفال في المجتمع، ودور وأخلاقيات وسائل الإعلام في حماية الأطفال، ونظرة على استراتيجيات الوقاية من سوء معاملة الأطفال في لبنان، ونحو شبكة شاملة لحماية الأطفال. 



من التوعية إلى التدخُّل


"حماية" (himaya) جمعية لبنانية غير حكومية تأسست عام 2009 بعدما صدرت دراسة عن جمعيتي "كفى" وsave the children ووزارة الشؤون الاجتماعية تفيد بالأرقام أنَّ طفلاً من بين 7 أطفال في لبنان يتعرض للتحرش الجنسي. وكانت هناك حاجة لوجود مبادرة تهدف إلى حماية الطفل بشكل شامل من العنف بأنواعه الأربعة: الجسدي، اللفظي/النفسي، الجنسي، والإهمال. ولا يقل أي منها أهمية عن الآخر أو له تأثير أقل من غيره. تشرح مديرة منطقة بيروت في جميعة "حماية" باتريسيا الخوري أنَّ "الجمعية تعمل من خلال برنامجين أساسيين، الأول هو برنامج الوقاية الموجه للأطفال لرفع التوعية من خلال مهارات حياتية أو حصص توعوية تعنى بالنظافة وتغيرات الجسم خلال مرحلة المراهقة، سلامة استخدام الإنترنت وموجه كذلك للأهل وليس فقط للأطفال. "حماية" تعمل ضمن نطاق لا مركزي حيث تنتشر مكاتبها في كل من بيروت، جبل لبنان، بعلبك، عكار، زحلة، زغرتا، وصيدا. كل من هذه المكاتب يتوجه إلى المجتمع المحلي ويشبه المجتمع المحيط به. أهمية هذا البرنامج تكمن أيضاً في اكتشاف الحالات، حيث ينتبه إلى سلوكيات بعض الأطفال التي تكون بمثابة مؤشرات عن احتمال تعرض الطفل لأي نوع من العنف، مما يساهم في تحويل الطفل إلى برنامج "الحصانة والمرونة" المتخصص في التدخل. ويمكن التواصل معنا من خلال الخط الساخن (03414964) أو الوزارات المعنية ومصلحة حماية الأحداث (UPEL)، ومنظمات غير حكومية. أو من خلال e-LINE، خط ساخن إلكتروني يقدمون عبره الشكاوى". وتضيف: "الجمعية تملك مركزاً داخلياً للحالات التي تتطلب حماية ضمن معايير معينة منها عدم تعاطيه المخدرات، أو حمل الطفلة، ويجب أن لا تكون فترة تعرضة للعنف قد تخطت الستة أشهر. ويخضع الطفل في المركز لمتابعة تربوية، صحية، نفسية، اجتماعية، ترفيهية، وتعليمية".


العنف بالأرقام


تعتبر الأرقام الصادرة عن جمعية "حماية" خلال عام 2015 نموذجاً يكشف عن حالات إساءة معاملة الطفل على المستوى الوطني. وتبيَّن من خلال الدراسة أنَّ حالات الاعتداء على الأطفال وصلت إلى 1278، وارتفعت هذه النسبة بعد دراسة مجموعة من المناطق والقرى اللبنانية، ليبرز أنَّ مدينة بعلبك احتلت المركز الأول حيث وصلت نسبة حالات الاعتداء على الأطفال إلى 320 حالة، لتتبعها حلبا بـ 237، وزحلة بـ197، من ثم زغرتا بـ 196، والشياح بـ 172، تلاها كل من المنصورية وبرمانا بـ 156. إلى ذلك، قسَّمت الجمعية الاعتداءات إلى:


- عدد من الحالات من الجنسين: 612 أنثى و666 ذكراً.


- الاعتداء الجنسي: 80.


- الإهمال: 665.


- الاعتداء النفسي: 278.


- الاعتداء الجسدي: 255.


من حماية الطفل إلى حماية الأسرة


"إنَّنا في وزارة الشؤون وفي لبنان قررنا الاستفادة من الظروف لبناء خطة ومنظومة كاملة لحماية المرأة والطفل، بالتعاون مع وزارة العدل وذلك من خلال الاستفادة من الدعم الدولي للبنان بسبب ظروف اللجوء السوري حيث يكمن دور الوزارة بالاستجابة إلى أزمة النزوح"، هذا ما لفت إليه المحامي الأستاذ فهمي كرامي ممثل وزارة الشؤون الاجتماعية. شارحاً أنَّ "الخطة الوطنية تنقسم إلى قسمين، منها حمائي وآخر صحي يرتبطان بشكل عضوي". وأكد "وجود مبلغ مالي لحالات الطوارىء للمرأة والطفل الذين يتبين أنهم في حاجة لاستشفاء أو طبابة طارئة، مشيراً إلى التحديات التي تواجهنا لا سيما إمكانيات الوزارة المحدودة وغياب موازنة للدولة اللبنانية منذ العام 2005. وهناك رؤية مستقبلية للوزارة تسعى من خلالها إلى الانتقال من حماية الطفل إلى حماية الأسرة".


دُور الرعاية... مرفق عام


"المعيار الأساس في المعاهدات الدولية هو الملصحة العليا للطفل"، هذا ما أكده المحامي نزار صاغية مشيراً إلى أنَّ حقوق الطفل والمرأة في لبنان دخلت في المعادلة السياسية والطائفية، أبرزها قضية حرمان الأطفال من والدة لبنانية من الجنسية. قد نفهم ألا يحتاج طفل فرنسي إلى جنسية والدته اللبنانية، ولكن في حالات أخرى رفضُ إعطاء بعض الأطفال الجنسية اللبنانية خوفاً من الاختلال الطائفي، أدى ذلك بالأطفال إلى عدم امتلاكهم أية وثيقة رسمية. برز تمنٍ كبير لحماية الأطفال وتأمين جنسية لهم، ولكن هنا أيضاً تدخل مجلس الوزراء وغلب التوازن الديموغرافي على الحقوق الأخرى المرتبطة بالأطفال. المسألة الثانية هي الأطفال المتبنون في الخارج حيث بيعَ أكثر من 10 آلاف طفل أيام الحرب الأهلية اللبنانية، وجزء من هؤلاء اعتبروا من مفقودي الحرب في حين أنهم بيعوا. وفي المسألة السورية الأمر نفسه يحصل، ولكن بطرق مختلفة. أما أكبر القضايا اللبنانية فهي دور الرعاية في لبنان، التي تضمُّ بين 23 إلى 28 ألف طفل أي نحو 2% أو أكثر من أطفال لبنان. هؤلاء يكبرون من دون حنان واهتمام أهلهم، في حين تدفع الدولة اللبنانية لكل هذه المؤسسات المذهبية لتأمين الحماية للأطفال أي إنَّ هذه الدور تعتبر مرفقاً عاماً".


ولفت صاغية إلى "دراسة اقتصادية أجريت عام 2007 ولم يُسمح لها أن تُنشر بعدما رفضت بعض هذه الدور دخول باحثين تابعين إلى الدولة اللبنانية واليونسيف والمؤسسات البحثية إليها لاستقاء معلومات. ما ثبَّت أنَّ هذا الطفل الذي يمكن أن يبقى في منزل أهله، والذي يجب أن تؤمن الدولة له المأكل والمسكن والتعليم والصحة تكون كلفة رعايته أقل من تلك التي تدفعها الدولة اللبنانية لمراكز الرعاية ألا وهي 133 ألف ليرة لبنانية كل شهر. مما يفيد بأنَّ المصلحة الإنسانية والاقتصادية والاجتماعية للطفل تكمن في بقائه بمنزل أهله، خصوصاً أن غالبية هؤلاء الأطفال ليسوا بأيتام بل هم آتون من عائلات فقيرة لا تستطيع التكفل بمصاريفهم".


الطفل المُعنَّف لا يعرف أنه ليس وحده


"أولادكم ليسوا لكم"، هذا ما أشار إليه البروفيسور أنطوان قربان الاختصاصي في تدريس أدبيات مهنة الطب في الجامعة اليسوعية، معتبراً أنَّ "هذا الكائن الصغير لديه حقوق محمية بالقانون، مهما اختلف مستواه الاجتماعي أو العرقي، وكل هذه الاختلافات تبقى ثانوية أمام وجوده ككيان. فالطفل المُعنَّف لا يعرف أنه ليس وحده في هذا العالم، وأن كثراً يخوضون تجارب صعبة مثله"، لافتاً إلى أنَّ "العلاقة بين المُعنَّف والمُعنِّف هي علاقة غريبة ترتكز إلى مدى ومفهوم كرامة الإنسان، ولا يمكن إلغاء الصفة الفريدة لأي كائن بشري، فمجد الله على الأرض اسمه كرامة الإنسان".


110 حالات طوارىء يومياً


بدوه، شرح رئيس قسم الطب النفسي في جامعة القديس يوسف وعضو في جمعية IPSCAN للوقاية من إساءة معاملة الأطفال وإهمالهم، الدكتور سامي ريشا، أنَّ "المستشفيات باتت تولي أهمية كبرى للتوعية والانتباه إلى كل أنواع العنف الجسدي أو الجنسي أو النفسي، أو حتى الإهمال الذي نراه يومياً في عيادات طب الأطفال"، شارحاً أنَّ "مستشفى أوتيل ديو يستقبل يومياً ما يقرب من 110 حالات طوارىء يومياً بين أطفال وراشدين. عادةً السرية الطبية وهي مقدسة، ولا يُرفع الحظر عنها سوى في الحالات التي نجد من خلالها أنَّ الطفل تعرض لأذىً مما يجعلنا مجبرين على التبليغ عن حاله. قبل جمعية "حماية" كنا نلجأ إلى UPEL لتقديم الشكاوى، وحالياً بات في أوتيل ديو قسمٌ مخصص يمكن الاتصال به يعمل 24 ساعة طيلة أيام الأسبوع السبعة للتبليغ عن أية حال عنف يتعرض لها أي طفل". وأشار إلى أنَّه "سيتم إطلاق أول ديبلوم جامعي لإساءة المعاملة كي يتمكن الطلاب الذين يهتمون بهذا الشأن من الحصول على شهادة، كما سننشر أول كتاب جامعي بثلاث لغات العربية، والفرنسية والانكليزية عن إساءة المعاملة. ونعلن أنَّ كل طفل لبناني بحاجة إلى استشفاء نفسي سيدخل إلى المستشفى مجاناً. أما الأجانب فسنسعى إلى إيجاد طريقة لإدخالهم مجاناً أيضاً ومساعدتهم على الصعيدين الطبي والنفسي".


[email protected]


Twitter: @Salwabouchacra

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم