الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

ولادة قانون العدالة ضد رعاة الأرهاب

أمين عاطف صليبا
A+ A-

تزامنت الذكرى مع موافقة مجلس النواب الأميركي على مشروع "قانون العدالة ضد رعاة الأرهاب"، الذي سبق أن وافق عليه مجلس الشيوخ بالاجماع، وهو يتيح لأهالي ضحايا 11 أيلول مقاضاة المملكة العربية السعودية كدولة أمام القضاء الأميركي. وسبق أن كتبت مقالة عن هذا الموضوع في أيار الماضي، عندما صوت مجلس الشيوخ الأميركي بالموافقة على إصدار مثل هذا القانون، وحذّرت في حينه من أنّ مثل هذا التصرف يُدمّر مبادىء القانون الدولي، ومبدأ حصانات الدول، ولا يجوز ملاحقة السعودية كدولة أمام القضاء الأميركي. وتشاركت مع عدة قانونيين بالتحذير من مغبة السير بمشروع هذا القانون، لكن على ما يبدو كان التصميم الأميركي في أوساط الكونغرس يعلو على كل المبادىء والقوانين والأعراف الدولية، ليصدر هذا المشروع – بالإجماع – عن الكونغرس، سالكاً طريقه في اتجاه البيت الأبيض، حيث لم يعد هناك من مانع قانوني لجعله نافذاً، سوى استعمال الرئيس أوباما "الفيتو" - وهذا ما هو متوقع حسب مصادر البيت الأبيض - الذي يحق له أن يعيد القانون مرة ثانية للتصويت عليه في الكونغرس بمجلسيه، وذلك بنسبة ثُلثي الأعضاء، فإذا حظي التصويت بهذه النسبة لا يعود بأمكان الرئيس الأميركي – الحالي أو الجديد – وقف التنفيذ.هذا القانون، غير المسبوق في تاريخ العلاقات الدولية، لم أستطع فعلاً إيجاد تصنيف له، إن لجهة صلاحية من أصدره، أو لجهة مضمونه! صحيح أنّ المُشرّع الأميركي، سمح بمقاضاة الدول أمام القضاء الأميركي، لكن حصرها بالدول التي يُصنّفها القانون الأميركي بأنّها دول أرهابية ( ايران – سوريا – كوريا – وغيرها قبل أن تزال عنها تلك الصفة [ليبيا على سبيل المثال]). هل اعتبر هذا التشريع ضمناً أنّ السعودية، دولة أرهابية؟! لا أظن ذلك. وأرى أنّه إذا صار قانوناً، تعتريه تشويهات لا يمكن تجاوزها في علم القانون، إذ بأي حق وبأي صلاحية يصدر الكونغرس الأميركي مثل هذا القانون؟ هل أعتبر نفسه – أي الكونغرس – أنّه نواة حكومة كونية، تُشرّع على هواها وعلى دول العالم الأنصياع لتلك التشريعات، على حد علمنا القانوني المتواضع لا وجود لمثل هذه الحكومة في النظام الدولي، وأميركا بتشريعها السابق الذي أجاز ملاحقة قضائها الدول الأرهابية، لم تكن قادرة على وضعه موضع التنفيذ لو لم تكن مُتكئة على قرارات مجلس الأمن. على الكونغرس الأميركي أن يتحلى ببعد النظر، وأن لا يتكل فقط على أنّ ردّ فعل السعودية، لن يتخطى قرار سحب الاستثمارات البالغة 750 مليار دولار من أسواق الولايات المتحدة الأميركية – وهنا لا بدّ من التوضيح أنّ سحب تلك الاستثمارات بالصورة الفورية، يعرض السعودية لخسارة 49% من قيمتها، وفق ما يراه خبراء الاقتصاد – وستبقى السعودية في حاجة الى أميركا وضماناتها، في الوضع الحالي للعالم العربي والخليجي، حيث ينطبق على أميركا القول المأثور "فيك الخصام وانت الخصم والحكم".ربما هذا الرأي سابق لأوانه، حيث من المتوقع أن لا يبصر النور مثل هذا القانون، على الأقل قبل النصف الثاني من عام 2017. ومما يزيدنا تمسكاً بهذه القناعة، ما رافق التصويت من وقائع، إن لجهة أختيار التوقيت المتزامن مع الذكرى الخامسة عشرة للمجزرة، وكيف ضجّ مجلس النواب بالهتافات والتصفيق عند اقرار القانون – هذه واقعة قلّ حصولها في أميركا – أو لجهة طريقة التصويت على القانون، بحيث لم يُطبّق مبدأ التصويت الفردي المسجّل، بل طُبِّقت طريقة الأقتراع الصوتي، مما يعني أنّ النواب الديموقراطيين المؤيدين للرئيس أوباما، لن يكونوا محرجين، عند التصويت مرة ثانية على القانون، إذا استعمل الرئيس حقه في "الفيتو"، وذلك من خلال التراجع عن تصويتهم السابق الذي حصل من دون تسجيل فردي. قد تكون هذه الواقعة بمثابة الكوة التي ستمكّن الرئيس الأميركي من إبطال مفاعيل هذا القانون، غير المسبوق على الصعيد الدولي، حيث من حق الدول أن تتساءل من سيكون اللاحق لدولة السعودية في هذا المجال، وعلى أميركا أن تتبصر المستقبل، وتسأل نفسها، ألآ تتوقع صدور قوانين داخلية في الدول المعنية من شأنها الحاق الضرر على الأقل بمصالحها وشركاتها ومواطنيها حول العالم؟!


 في الذكرى الخامسة عشرة لهجوم 11 أيلول الدامي

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم