الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

بلد في ثلّاجة وكهرباؤه مقطوعة

المصدر: "النهار"
هدى شديد
بلد في ثلّاجة وكهرباؤه مقطوعة
بلد في ثلّاجة وكهرباؤه مقطوعة
A+ A-

هي ليست عطلة عيد الأضحى وحسب التي دخلتها البلاد على كل المستويات. إنها العطلة الحقيقية غيرالمزيّفة التي أخذها السياسيون منمهمات يدركون جيٰداً انها منتهية الصلاحية وهم الذين اخترعوها لأنفسهم من اجل ملء الفراغ في مؤسسات تعطٰلت منذ بدء الفراغ في رئاسة الجمهورية.


الدستور لم ينصٰ على أن تحلّ الحكومة مكان رئيس الجمهورية لمثل هذه المدٰة الطويلة، ولا على شغور رئاسي غير محدٰد زمنياً. اليوم وبعد أسبوع حفل بثلاث محطات متتالية، تكرٰس تعليق كلشيء: الحوار الذي اخترعوه كمؤسسة بديلة عن المؤسسات الدستورية المعطلة، وهو قبل ان يعلٰق فشل في التوصّل الى اي اتفاق ولو يتيم على بند واحد من جدول أعماله الممجوج. لم يبقَ من الحوار الا "خيط الأمن" الرفيع الذي قد يدفعهم مرة جديدة الى الدوران حول طاولة فارغة. والرهان الكبير الذي وضعه البعض على ان جلسة الثامن من ايلول ستكون جلسة انتخاب الرئيس، تكسٰر قبل الوصول الى هذا الموعد الذي كرّس عقم هذه الجلسات الفولكلورية.


واكتمل مشهد الانسداد الكُلِّي مع جلسة مجلس الوزراء التي كادت ان تطيح بآخر"حصن دستوري" يتلطون فيه، لولا استدراك "حزب الله" في اللحظة الأخيرة ان حليفه " التيار الوطني الحرّ" قد يفاجئهم بقلب الطاولة اذا ماشعر انه استُفرِد، كما فعل في جلسة الحوار، والدليل ان رئيس كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب محمد رعد لم يستطع "المونة" على حليفه رئيس التيار وزيرالخارجية #جبران_باسيل بالتراجع عن موقفه بالانسحاب وتعليق مشاركته.


كل شيء بات معلُقاً، من الحوار الى المجلس النيابي وصولاً الى الحكومة، نتيجة العجز الداخلي في فتح ثغرة في جدار الأزمة، ولم يعد ينفع الجدل بأن يرمي كل طرف بالمسؤولية على الطرف الآخر.


الحكومة عندما شكّلت انما لمهمّة محدّدة وهي إجراء الانتخابات النيابية، ورئيسها #تمام_سلام اعتقد انهلن يمكث في السرايا الا لأشهر قليلة. لم تُجر الانتخابات ومدّد للمجلس النيابي مرة ثانية ،والذريعة ان لا اتفاق على قانون انتخابي. تناسى الجميع ان ثمة قانون انتخاب وضعتها لحكومة السابقة برئاسة الرئيس نجيب ميقاتي وهو القائم على النسبية مع الصوت التفضيلي، ووافقت عليه كل الأطراف الممثٰلة في الحكومة آنذاك، حتى "التيار الحر" ،وهو القانون الوحيد الذي يحمل توقيع رئيس الجمهورية.


مجلس النواب الممدّد تعهٰد ورئيسه بأن تكون أولويته اقرار قانون انتخاب قبل انقضاء السنة التي مدّد فيها لنفسه، فإذا بدوراته العادية تنقضي دورة تلّوالأخرى، مكرّسة عجزه عن الاجتماعوالتشريع باستثناء مرة واحدة عندماجاءته التوصيات الخارجية، فارضةً اقرار تشريعات مالية.


وقانون الانتخاب من لجنة مصغٰرة الى أخرى،، وصولاً الى اللجان المشتركة، الى طاولة الحوار، بقي محظوراً الاتفاق عليه، وكأنما المطلوب عدم الاتفاق على قانون لتبقى ذريعة التمديد جاهزة كلما دعت الحاجة. حتى ذريعة الحفاظ على التوازنات السياسية في قانون الانتخاب سقطت مع تلاشي "الثامن من آذار" و"الرابع عشر من آذار" وتناثر شعاراتهما في مهبّ الذكريات. اختلط حابل هذا الاصطفاف بنابل ذاك، وتصدٰعت كل القوى السياسية من داخلها، ومع ذلك، بقي كل طرف يتمسك بقشّة شعاراته الوجودية.


ماذا بقي من الدستور بعدما خُرِقت كل نصوصه وسقطت فريسة الاجتهادات والاختراعات الجوفاء؟ هل ينقذه مؤتمر عادي يعيد لملمة اوراقه المبعثرة واحياء مؤسساته المعطٰلة، ام انها الحال التمهيدية الواقعية لمؤتمر تأسيسي يعيد بناء دولة جديدة وفقدستور جديد؟ الواضح الوحيد في هذا المشهد الأسود ان الخارج المشغول بحروبه الصغيرة والكبيرة وضع لبنان دولة وشعباً ومؤسسات في ثلٰاجة. نسي هذا الخارج اننا بلد ليس فيه كهرباء. وهو غير آبه بالروائح النتنة التي تنبعث من ثلاجته العفنة.


وحدها الحكومة كلما ترنٰحت تهافت سفراء الدول الكبرى لمدٰها بالمضادات الحيوية، لأن المطلوب ان تصمد في حراستها لبلد أرادوه مخيّماً للاجئين،ليس من منطلق الحسٰ الانساني بل لوقف زحف هؤلاء اللاجئين وتمدٰدهم باتجاه حدودهم. ما عدا ذلك، المطلوب هو الانتظار. ووسط هذا التحلٰل المتمدٰد كمشهد #النفايات التي اجتاحت لبنان دون ان ينفع معها كل الحراك المدني والصراخ في الشارع، وحده من يصمد يمكن يشهد متى وكيف ستكون الولادة الجديدة.


 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم