السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

"التحالف المدني الإسلامي": أفكار مدنية بخلفية إسلامية؟

مصطفى العويك
"التحالف المدني الإسلامي": أفكار مدنية بخلفية إسلامية؟
"التحالف المدني الإسلامي": أفكار مدنية بخلفية إسلامية؟
A+ A-

مروان شاب عشريني، جذبته فكرة "التحالف المدني الإسلامي" الذي أُعلن برئاسة أحمد الأيوبي. فالتحالف يطرح على المستوى الإسلامي الداخلي عناوين جديدة بعيدة من الصورة النمطية التي توسم بالإسلام هذه الأيام، ويبتعد في أفكاره عن الإسلام الحركي التقليدي ويقدم نموذجاً لإسلام معني بالسياسة وبملفات اجتماعية باتت بحاجة إلى معالجة ولا تقاربها المؤسسات الدينية الرسمية والأحزاب الموسومة إسلامياً.


من هنا جاء تأييد مروان للتحالف، مستعجلاً البدء بورش عمل توعوية في المناطق التي تصل فيها نسب تعاطي المخدرات إلى أرقام مخيفة.
اما محمد الضايع، المهندس في مجال الاتصالات والقادم حديثا من السعودية الى مسقطه في البقاع، فقد استجاب تلقائيا لافكار التحالف نظرا الى "حداثتها ومواكبتها للعصر وطرحها حلولا موضوعية لمشاكل المجتمع اللبناني عموماً والاسلامي خصوصاً"، ويبدو اكثر حماسة لتحويل شعارات التحالف التنموية والاجتماعية الى مشاريع ميدانية. ويقول لـ"النهار": "لقد تعبنا من السياسة ومن السياسيين، وطرح العنوان المدني يجذب الناس اكثر من العنوان السياسي، لذلك انا مع الاسراع في بدء تنفيذ المشاريع التي نطرحها وخصوصاً في مجال معالجة المشاكل الاجتماعية والانحرافات الاخلاقية التي تزدهر بين الشباب، والتي كلما تفاقمت خسر مجتمعنا عنصر الحيوية".
حماسة الضايع لم تتبلور حتى اليوم في اي مشروع كبير. "جلّ ما قمنا به حتى الان المشاركة في تظاهرة التأييد لفتح مستشفى شبعا الحكومي (مضى على انطلاق التحالف شهران)، ولكني طرحت تأسيس شركات على وجه السرعة تعنى بالشباب وخدمتهم". ويضيف: "ان هذا الامر موضوع نقاش جدي داخل التحالف الذي نصر على اعطائه طابعا مدنيا بحتا خدمة لناسنا وسعيا لتحصيل حقوقهم".
وإن كان يسجل للتحالف تركيزه على هذه النقاط وغيرها كمفهوم التنمية في الإسلام والتعليم والدمج الاجتماعي لذوي الحاجات الخاصة، اضافة إلى السياحة الدينية ومعالجة المشاكل الاجتماعية، والتركيز على ثوابت العيش المشترك في لبنان، وبالتالي يعطي مقاربة جديدة للعمل الإسلامي، إلا أنه لم يأتِ بجديد على المستوى السياسي. وهذا لا يعود إلى قصور أو عجز ذاتي وإنما يرجع إلى طبيعة التركيبة السياسية الإسلامية اللبنانية. قد يكون واقع الساحة السنية لا يسمح بوجود حزب إسلامي جديد وإن كان يجمع بين الإسلاموية والمدنية، ففي ظل وجود "تيار المستقبل" و"الجماعة الإسلامية" والرئيس نجيب ميقاتي والوزيرين عبد الرحيم مراد واشرف ريفي وغيرهم، من الصعب أن ينجح بناء إطار اسلامي سني جديد، ما لم يتغير الواقع المعاش.
لذلك، يقول منسق التحالف أحمد الأيوبي لـ"النهار": "نحن على يمين القوى السياسية السنية في المطالبة بالحقوق ومتابعة الحضور الإسلامي في الدولة ومؤسساتها، ولسنا جزءاً من الاصطفاف السني، وموقفنا إيجابي من القيادات، ونتعاون معها لما فيه مصلحة لبنان والمسلمين، ونحتفظ بحقنا في النقد البناء للاداء السياسي السائد".
لكن الأيوبي لا يقبل فكرة ان التحالف لم يحدث خرقاً على مستوى الطرح الإسلامي في لبنان: "القيمة المضافة التي قدمناها تمثلت في الجمع بين التوجه الإسلامي ومدنية العمل السياسي، فضلاً عن حملنا رسالة تعاون وتكامل مع الجميع والعمل على سد الثغر التي تراكمت بشكل كبير واوصلتنا إلى ما نحن فيه اليوم". ويكشف عن "مبادرة وطنية تتمثل في تطوير العلاقات الإسلامية - المسيحية من الحوار النظري اللاهوتي إلى التعاون الميداني في خدمة الإنسان وتنميته. وهذا طرح عملي متقدم سيكون له أثر إيجابي في تعزيز العيش المشترك".
يبدو أن طموح التحالف على رغم سوداوية الاجواء المحيطة، كبير، و"ما معنى الطموحات إن لم تكن كبيرة وتستحق العناء؟"، يقول الأيوبي. ويضيف: "نعم نسعى إلى أن نكون قوة تغيير ذات عمق عربي وإسلامي وسطي حر، ونعمل على تقديم مشروع ثقافي نهضوي يتضمن تطوير الخطاب الديني مع ايماننا بأن هذا الأمر ليس حكراً علينا ولا على غيرنا". ويؤكد: "لدينا النواة العلمية المطلوبة بين شباب التحالف ما يمكّننا من اطلاق مشروع كهذا وإدارته".
تنظيمياً، يستكمل التحالف عملية البناء التنظيمي والإداري، ويستعد لعقد مؤتمر تأسيسي بعد خمسة أشهر، تنبثق منه قيادة منتخبة تتولى إدارة التحالف والسير به نحو مبتغاه "أيا تكن الصعوبات"... فهل يغلب الطموح الصعاب؟ وهل ينجح في تقديم نموذج جديد للعمل الاسلامي في لبنان عبر ايلاء المواضيع الاجتماعية والتنموية بكل ابعادها اهتماما يتقدم اهتماماته السياسية؟

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم