السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

عودة الراقص مع الثعابين

امين قمورية
عودة الراقص مع الثعابين
عودة الراقص مع الثعابين
A+ A-

يقولون إن امتطاء الليث أسهل من حكم اليمن، لكن علي عبد الله صالح "امتطى الليث" و"رقص مع الثعابين". عندما تولى السلطة عام 1978، قالوا انه كأسلافه الضباط الانقلابيين لن يصمد اكثر من اسابيع واذا به ظل جاثما على الكرسي 35 سنة متفوقا بذلك على الملكة بلقيس. خلع من الحكم بقوة الارادة الاقليمية، لكن صاحب الحيلة الواسعة لا يزال يحلم بالعودة الى السلطة ليحطم الرقم القياسي للإمام يحيى في الحكم (40 سنة). هذا الرجل يكاد لا يخرج من الباب حتى يعود من النافذة الى أن صار اسم اليمن مرادفا لاسمه واسمه مرادفا لليمن. كان كل شيء يشير الى ان التسوية التي تطبخ في أروقة المفاوضات في الكويت ستأتي على حسابه. إلا انه فاجأ الجميع بإعلانه والحوثيين عن قيام مجلس سياسي أعلى لادارة شؤون الدولة سياسياً وعسكرياً وأمنياً واقتصادياً وإدارياً واجتماعياً وفقاً للدستور اليمني.
هذا الاعلان يلغي ببساطة الإعلان الدستوري واللجان الثورية التي أتاحت للحوثيين الإمساك بمؤسسات الدولة ليبني مؤسسات جديدة تفرض امراً واقعاً جديداً. ويعيد العمل بالدستور السابق في مناطق سيطرة الطرفين. ومن شأن الاعلان ايضا ان يوحد "انصار الله" والمؤتمر الشعبي العام في وفد واحد الى مفاوضات الكويت في مواجهة وفد حكومة الرئيس هادي التي سعت طويلاً هي ورعاتها الاقليميين الى التفريق بين الحوثي وعلي صالح وبث الخلاف بينهما. الحوثيون يحتاجون إلى قوات علي صالح لتعزيز مواقعهم الميدانية على الأرض، فيتمكنون تالياً من التمسك بمطلبهم الحصول على حصة وازنة تترجم قوتهم العسكرية على الأرض وانتشار هذا القوة، وليس حجمهم الديموغرافي أو المذهبي. وهم يحتاجون أيضاً إلى خبرات مناصري الحاكم الخبير في شؤون اليمن المنتشرين منذ نيف وثلاثة عقود في الإدارات والمؤسسات. وهو في المقابل، على رغم تمتعه بدعم داخلي في مناطق الشمال اليمني ، يحتاج إلى دعم من خارج الحدود لا يمكن توفيره الا بالعمق الاقليمي للحوثي.
علي صالح يضرب من جديد، فالخطوة تقلب طاولة المفاوضات على الجميع وتعيد خلط الاوراق المحلية والاقليمية، خصوصاً أن كلا الطرفين المتصارعين لم يحقق إنجازات عسكرية على الأرض تتيح له التلويح بالحسم لإرغام الخصم على القبول بتقديم تنازلات. واعلان كهذا من شأنه ان يضع اليمن على مفترق طريقين: تقسيم البلاد سلماً شطرين بما يضمن لعلي صالح الكلمة الفصل في شطره الشمالي، أو العودة الى التصعيد العسكري والغاء التفاهم على التهدئة بين الحوثي والرياض بما يقود الى وحدة بالاكراه ومعمدة بالدم ولاتدوم طويلاً... والمهم بالنسبة الى علي صالح ان يظل هو اليمن وان يظل اليمن هو.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم