السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

اردوغان لن يفوت "نعمة" تشديد قبضته

روزانا بومنصف
روزانا بومنصف
اردوغان لن يفوت "نعمة" تشديد قبضته
اردوغان لن يفوت "نعمة" تشديد قبضته
A+ A-

ايا تكن التحذيرات والمخاوف التي اطلقتها الدول الغربية ازاء ما اعتبرته فرنسا مثلا شيكا على بياض قد يعتبر الرئيس التركي رجب طيب اردوغان انه بات يملكه للتصرف بحرية ازاء تصفية معارضيه في الجيش والقضاء وقطاعات اخرى تعاونت من اجل اطاحته، فان ثمة اقتناعا سياسيا يلتقي عليه اكثر من مصدر سياسي وديبلوماسي ان اردوغان لن يتصرف الا على اساس هذه القاعدة اي انه يمتلك القوة والشرعية الشعبية والسياسية الكافية للذهاب في هذا الاتجاه. اذ ان اداءه السابق وطبعه يسمحان بتوقع الا يكون متساهلا بل على العكس خصوصا انه وصف المحاولة الانقلابية بالارهاب مما يعطيه صك براءة للذهاب في اجراءاته ضد الانقلابيين الى اقصى ما يمكن. اذ انه وعلى رغم استهدافه معارضيه والقطاعات الاعلامية قبل محاولة الانقلاب الى الحد الذي لم يكن ذلك كله يجعل منه رئيسا ديموقراطيا ولو انه اتى بعملية انتخابية، فانه وعبر نجاحه في دفع قطاعات كبيرة من الشعب التركي الى الشارع دفاعا عنه في وجه محاولة الانقلاب العسكرية، بات غداة ما حصل يمثل الديموقراطية في تركيا ولو انه سيذهب حكما الى تنفيذ تطلعاته وطموحه بان يجعل من النظام التركي نظاما رئاسيا بدلا من ان يبقى نظاما برلمانيا. فما حصل نزع كل العقبات من امامه ولو ان تركيا ستبقى تعيش اضطرابا بعض الوقت وهو لن ينتهي في وقت سريع، وهو بذلك سيكون مطمئنا الى ان اي عملية انقلابية من الجيش ستغدو غير محتملة ولعلها غير ممكنة ايضا في ضوء الانتقامات العقابية التي سيقوم بها. كما ان المصادر المعنية لا تعتقد ان اردوغان سيفوت هذه الفرصة الذهبية التي اتيحت له على غرار ما عبر هو شخصيا بقوله ان ما حصل هو بمثابة نعمة من الله من اجل تطهير الجيش كما قال، مما يفيد انه سيعمد الى تنظيف القطاعات التي تعارضه او التي يخشى منها على سلطته من دون اي رادع في ظل الدينامية الشعبية التي سيوظفها لمصلحته من جهة وفي ظل الدينامية السياسية التي توافرت له حتى من خلال الاحزاب السياسية المعارضة له والتي دافعت عن النظام في وجه محاولة الانقلاب العسكري. ومع انه قد يكون مبكرا معرفة ما الذي قد يكون اجهض محاولة الانقلاب وما اذا كان اقفال القنصلية الفرنسية قبل يومين من هذه المحاولة يعتبر مؤشرا الى وجود معلومات مسبقة ادت معرفتها الى تراجع قيادات في الجيش وعدم تبني المحاولة مما افقدها زخمها وقوتها نتيجة معرفة خارجية بها ايضا الامر الذي ادى الى افقادها توازنها او ان هناك خطأ ما حصل نتيجة عدم قدرة الانقلابيين على الصمود اكثر من ساعات معدودة، فان خلاصة المحاولة انها ساهمت في تقوية اردوغان اكثر بكثير مما كان يشعر به قبل حصوله والذي ربما ادى الى الانفتاح التراجعي الذي قام به تجاه روسيا او ازاء اسرائيل في الاونة الاخيرة وصولا الى حديث رئيس وزرائه بن علي يلدريم عن تطبيع مرتقب مع دمشق وبغداد ومصر.


ومع ان هذه التوقعات تشكل خطا بيانيا مرتقبا لما سيقبل عليه اردوغان في المستقبل القريب، فان الانشغال التركي الداخلي الذي سيستمر بعض الوقت يرسم المزيد من علامات الاستفهام حول مآل الامور في تركيا كما في جوارها علما ان المنطقة مضطربة من دون دخول عدم الاستقرار التركي على الخط. فازاء التشدد الذي سيتبعه اردوغان في الداخل التركي والدعم الذي بات يلقاه ثمة تساؤلات كانت طرحت قبل محاولة الانقلاب وستطرح بقوة اكبر ازاء سياسة خارجية تستمر في اظهار المزيد من التساهل او تتجه الى التشدد. والنموذج على هذه التساؤلات قد تتصل بما يطرحه الغرب مثلا لجهة امكان الحصول على تعاون تركيا ازاء تنظيم الدولة الاسلامية في سوريا والعراق في الوقت الذي يمكن ان يشهد الجيش التركي محاولات تطهير وقص اجنحة قد تعيق حركته الى حد كبير. وهو امر قد يجمد مشاركة تركيا او قدرتها على الانخراط في اي التزام في المدى المنظور. وثمة نموذج اخر شهده مثلا الشارع السوري بين ترحيب النظام ومن يدور في فلكه بمحاولة الانقلاب على اساس انها اطاحة لاردوغان تذهب بعدو لبشار الاسد وقبل ان تتحقق اماني الرئيس التركي بازاحة نظيره السوري وتوقف نبضات قلب المعارضين السوريين على وقع العملية الانقلابية. وذلك في الوقت الذي بدا القلق الذي عبرت عنه ايران من خلال اتصالات عدة اجراها المسؤولون الايرانيون باردوغان معبرين عن دعمهم لاستمرار حكومته كبيرا ومثيرا للتساؤلات على غير ما عبر عنه اعلام النظام السوري مثلا بحرارة وان يكن القلق او الدعم الايراني ارفق بضرورة ان يأخذ اردوغان في الاعتبار استنكار المحاولة الانقلابية ضده من اجل ان يسقطها بدوره على ضرورة رفض اطاحة بشار الاسد في سوريا على اساس ان الاخير في موقعه بحكم انتخابه ايضا شأنه شأن اردوغان. وتاليا فان رفض المحاولات الانقلابية ينبغي ان تكون بمعيار واحد وفقا للتوظيف الايراني لما حصل على قاعدة ان بيعه الدعم الايراني يجب ان يقابل بالمثل ازاء نظيره السوري بغض النظر عن طبيعة الانتخابات التي اوصلت الاسد وحجمها. فهذه الوقائع البسيطة كانت معبرة عن حجم المتغيرات المرتقبة من انقلاب المعادلة انطلاقا من تركيا على رغم مسارعة غالبية الدول الى تأكيد الدعم للحكومة المنتخبة اي لاردوغان انما ليس قبل التثبت من حجم المحاولة الانقلابية والتثبت من عدم احتمالات نجاحها.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم