وقف النار متماسك في جوبا والسكان خرجوا من المخابئ سالفا كير وماشار قد يتحادثان من أجل بناء الثقة

خيّم هدوء صباح أمس في جوبا عاصمة جنوب السودان غداة وقف نار اعلن بعد أربعة أيام من المعارك الدامية بين القوات الموالية للرئيس سالفا كير والمتمردين السابقين الموالين لنائبه ريك ماشار، فيما أدى القتال الى نزوح 36 الف شخص.

وخلافا للايام السابقة، لم يسمع اطلاق نار ولا دوي مدفعية، ولم تشاهد أي دبابات في الشوارع وأي مروحيات قتالية في سماء جوبا.
وقال أحد سكان جوبا أوغوست مياي: "الوضع هادئ على مقربة من المطار" حيث دارت معارك عنيفة الاثنين. وأضاف: "هناك ناس في الشارع، ليس بالاعداد التي نراها في الايام العادية، ولكن هناك ناس في الشارع".
وشهدت جوبا بين مساء الجمعة والاثنين مواجهات عنيفة بين القوات الموالية لكير وقوات نائبه ماشار، بعثت مخاوف من تجدد المعارك في انحاء البلاد التي تعاني منذ كانون الاول 2013 حرباً اهلية تسببت بسقوط عشرات الالاف من القتلى ونزوح نحو ثلاثة ملايين شخص. وأوقعت المعارك "أكثر من 300 قتيل" الجمعة وحده، استناداً الى وزير الاعلام مايكل ماكوي. ولم تصدر أي حصيلة للايام التالية، في حين قتل جنديان صينيان من قوة الامم المتحدة بـ"قنبلة" اصابت الاحد عربتهما المدرعة. واستجاب طرفا النزاع الاثنين الى دعوات المجتمع الدولي واعلنا وقف النار.
وفي موازاة اعلان وقف النار، طالب الامين العام للامم المتحدة بان كي - مون بفرض "حظر فوري على الاسلحة" المتجهة الى جنوب السودان، و"عقوبات محددة" جديدة على مثيري الاضطرابات.
وصرحت الناطقة باسم مكتب تنسيق الشؤون الانسانية للامم المتحدة فانيسا هوغينين بأن "المعارك الاخيرة منذ الجمعة أدت الى نزوح 36 الف شخص"، موضحة ان هذا العدد مرشح للارتفاع لان الوضع لا يزال قابلا للانفجار. وقال المكتب ان النازحين وغالبيتهم من النساء والاطفال فروا جراء المواجهات والتجأوا الى مواقع حماية المدنيين التي تديرها بعثة الامم المتحدة في جنوب السودان ومواقع اخرى في العاصمة. وأضاف: "لا بد ان يسمح للمدنيين بالتنقل بحرية للاحتماء وان يتمتع عاملو الهيئات الانسانية بالحماية كي يصلوا فوراً وبأمان وبلا عقبات الى الافراد" الذين يحتاجون الى المساعدة. وشدد على ان "الوضع الانساني خطير والحاجات هائلة. فقد أدت امطار غزيرة في بعض انحاء جوبا الى تفاقم الوضع".
وقال المستشار لدى جماعة "ورلد فيجن" جيرميه يونغ: "خرج عدد كبير من النازحين الذين تركوا ديارهم في القتال الأخير للتريض قليلا. هم في الشوارع. لا يبتعدون كثيراً". وإلى جانب الفرار إلى قواعد الأمم المتحدة، لجأ بعض سكان جوبا كذلك إلى كنائس ومدارس هرباً من القتال.

محادثات
وصرّح الناطق باسم ماشار جيمس غاتديك داك بأن رئيس جنوب السودان ونائبه قد يجتمعان أو يجريان محادثات على الهاتف الثلثاء (أمس) لدعم وقف النار. وقال: "ماشار ملتزم تنفيذ اتفاق السلام. إذا التزم كير بالمثل أعتقد أن في امكانهما بناء الثقة... إذا لم يلتزم طرف تنفيذ اتفاق السلام أشك في أن يكون في إمكانهما النجاح في الاتفاق على العمل معاً". وتأسس كيان دولي هو اللجنة المشتركة للمراقبة والتقويم لمراقبة تنفيذ اتفاق السلام ووقف النار ويرأسها فيستوس موجاي وهو رئيس سابق لبتسوانا.
وأسفرت الحرب الأهلية التي نشبت في كانون الأول 2013 بعدما عزل كير ماشار، عن مقتل الألوف ودفعت أكثر من 2.5 مليوني شخص الى الفرار من منازلهم وتركت نحو نصف سكان البلاد البالغ عددهم 11 مليون نسمة يواجهون صعوبات في الحصول على كفايتهم من الغذاء.
وتراجع إنتاج النفط الذي يمثل أكبر مصدر دخل للحكومة. وامتدت الحرب على أساس عرقي بين قبيلة الدنكا التي ينتمي اليها كير وقبيلة النوير التي ينتمي اليها ماشار. وأكد مسؤولون من جانب كير إن الرئيس ملتزم العمل مع ماشار على تنفيذ اتفاق السلام لإنهاء الصراع الذي وقع في آب 2015 ولكن أعقبته خلافات وجولات قتال متفرقة طوال أشهر في انحاء البلاد.
وعاد ماشار إلى جوبا في نيسان ليستعيد منصب نائب الرئيس في خطوة في اتجاه إقرار السلام. لكن العلاقات بين الزعيمين المتناحرين ظلت مريرة ويقول خبراء إن الفشل في تنفيذ عناصر مهمة من اتفاق السلام مثل دمج قواتهما زادت فرص نشوب القتال.
ونددت الولايات المتحدة بالعنف في جنوب السودان وقالت إنها تعتبر من يرتكبون أعمالا وحشية أو الذين يعرقلون جهود وقف القتال "مسؤولين تماماً".
وطلب مجلس الأمن من كير وماشار كبح جماح قواتهما. وقال إن الهجمات على المدنيين أو على قواعد الأمم المتحدة التي أصيبت في تبادل النار قد يرقى إلى جرائم حرب ستحتاج الى التحقيق فيها.