الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

4 تفجيرات انتحارية صبغت فجر القاع بالدم \r\n"قافلة شهداء" تتجدّد من الـ 76 و78 إلى 2016

بعلبك - وسام إسماعيل
4 تفجيرات انتحارية صبغت فجر القاع بالدم \r\n"قافلة شهداء" تتجدّد من الـ 76 و78 إلى 2016
4 تفجيرات انتحارية صبغت فجر القاع بالدم \r\n"قافلة شهداء" تتجدّد من الـ 76 و78 إلى 2016
A+ A-

طغت رائحة الدم ولونه القاتم على فجر بلدة القاع الحدودية، بسقوط 5 ضحايا من أبناء البلدة وجرح 17 شخصاً بجروح مختلفة، أحدهم في حال حرجة، نتيجة أربعة تفجيرات متتالية، بأحزمة ناسفة، نفذها أربعة انتحاريين الرابعة فجر أمس داخل البلدة، على بعد 500 متر من مركز الجمارك اللبناني.
"شهداء القاع حزيران 2016" جوزف ليوس وبولس الاحمر وجورج فارس وفيصل عاد وماجد وهبة، انضموا أمس الى رفاقهم "شهداء القاع حزيران 1976" و"شهداء القاع حزيران 1978".


وجوه الانتحاريين
كرامة الشهادة كانت واضحة بالامس مع عدم تمزق جثث الشهداء القاعيين، على نقيض الانتحاريين الذين تناثرت اشلاؤهم هنا وهناك، ووصل بعضها إلى أسطح الأبنية بفعل أربعة أحزمة قدرت فرق الهندسة التي كشفت على مكان الانفجار زنة كل منها بنحو 3 كيلوغرامات من مادة ت. أن. ت. وعلى عكس الانفجارات السابقة، بقيت وجوه الانتحاريين التي انفصلت عن الاجساد واضحة المعالم، مما سيساعد الاجهزة الامنية في التعرف اليها بسهولة. وكان الانتحاريون استخدموا قنابل يدوية عثر على إحداها غير منفجرة، وعمل الجيش على تفجيرها في مكانها، كذلك عثر على مسدس حربي يعود إلى أحد المواطنين في مكان التفجير.
وعلى الأرجح، ان منطقة التفجير داخل البلدة لم تكن هي الهدف الفعلي للانتحاريين الاربعة الذين فجروا أنفسهم بأحزمتهم الناسفة تباعاً، بعدما كشف الأهالي أمرهم وهم على مقربة من أحد منازل البلدة لآل مقلد، بعد تمكنهم من التسلل سيراً الى داخل الاراضي اللبنانية نحو البلدة عبر البساتين ومشاريع القاع، خلف مركز "الأمانة" التابع للأمن العام والجمارك اللبناني حيث مخيمات اللاجئين السوريين.
ووفق رواية صاحب المنزل الجريح ش. مقلّد لـ"النهار" في "مستشفى البتول" في الهرمل الذي نقل اليه لإصابته بجروح عدة، أنه قرابة الساعة الرابعة إلا 10 دقائق فجراً، شعر كل من ش. مقلّد وط. مقلّد اللذين كانا يتناولان طعام السحور ويتحضران ليوم الصيام، بحركة مريبة خارج المنزل، ففوجئا بشخصين في محيط منزلهما الذي يبتعد أمتاراً عن مركز الدفاع المدني و50 متراً عن كنيسة البلدة، الأمر الذي دفع أحدهما الى سؤالهما عن اسباب وجودهما وهويتهما، فأجابه الأول: "انت شو دخلك نحنا مخابرات الجيش. عرّف انت عن حالك". فرفض مقلد التعريف عن نفسه وطالب الانتحاري الاول بتقديم هويته العسكرية، خصوصا انه لاحظ ان الانتحاري حاول افتعال اشكال معه، ولهجته غريبة، وكان شديد الرغبة في اقترابه منه، وعندها فوجئ مقلد بوجود شخصين آخرين عند الجهة الاخرى يحاولان التواري. وفي هذا الوقت خرج الوالد ط. مقلد بينما كان الانتحاري يتحدى ولده ش. مقلد استدعاء الجيش، بعدما هدّد صاحب المنزل بالاتصال بالقوى الامنية، وبادر الى سحب سلاح حربي من داخل المنزل والاقتراب مسافة أمتار من الانتحاري الذي كان في حال من الارباك، وسمع صوتاً يشبه دقات خفيفة، فأدرك ش. مقلد وجود شيء خطير وبادر الى اطلاق عيارات نارية في الهواء، وهنا فجر الانتحاري نفسه، فيما ابتعد من كان برفقته. وبعد دقائق حضرت سيارة تابعة لمخابرات الجيش الى المكان وفيها اربعة عناصر لمعرفة ما يجري، وهنا هرع الانتحاري الثاني اليها وفجر نفسه. وسارعت آلية اسعاف طبي تابعة لكنيسة البلدة يقودها بولس الاحمر الذي كان يعمل لمساعدة الجرحى، وهنا فوجئ الموجودون بانتحاري ثالث توجه نحوهم سيراً وفجّر نفسه. وبعد دقائق قليلة تبعه انتحاري رابع على أثر تجمع مزيد من الاهالي في ظل حالة التوتر، وفجر نفسه بالقرب منهم لإسقاط مزيد من الضحايا، مما أوقع مزيداً من الإصابات.
وقال الجريح ميلاد مطر انه شاهد الانتحاري الثالث يرتدي جلباباً أزرق الى جانب سيارة الاسعاف وسائقها بولس الاحمر الذي كان يعمل على اجلاء الضحايا والجرحى، ولدى اقتراب عدد من الاهالي عمد إلى تفجير نفسه.
وتوزع الجرحى على مستشفيات الهرمل، وهم: باسل وميلاد مطر، بلال ابرهيم مطر، مخايئيل نخلة وهبة، طلال مقلد وولده شادي، دنيا فوزات شحود، مروان ليوس، جورج فارس، ميشال شحود، ايلي ويوسف ورفعات عاد، المعاون جون جورج خوري، الجندي حسين خير الدين، المؤهل زورو اللقيس، الرقيب أول محمد سليمان.
وأكد كاهن رعية البلدة الأب اليان نصرالله الرواية حول حصول التفجير، وقال لـ"النهار": "إن البلدة في حال حزن وانزعاج. الفاجعة كبيرة والقاع منذ بدء الأزمة السورية تعيش حالاً من الرعب بسبب الارهابيين الذين لا يزالون في جرود بلدتنا". وأشار الى أنه "رغم الإجراءات المتخذة من القوى الأمنية وأهالي البلدة، استطاع الارهاب ضرب البلدة". وقال بنبرة حزينة ان "أول شهيد سقط في هذه التفجيرات هو سائق السيارة الصحية التابع للكنيسة".
بدوره أكد رئيس بلدية القاع بشير مطر لـ"النهار" ان "ما بعد 27 حزيران سيختلف عما قبله، إذ سيعمد المجلس البلدي والاهالي، بالتعاون مع القوى الامنية، إلى حماية القاع ضمن اجراءات استباقية مشددة، لعدم تكرار مثل هذه العملية، وخصوصا ضمن المناطق التي تنتشر فيها مخيمات للاجئين السوريين في أرض البلدة". وشدد على "أن هذا العمل الارهابي المدان لن يخيف أهل القاع، بل سيزيدهم اصراراً على التثبت في ارضهم، ولن نسمح ان يتم ذلك ولن نسمح لأحد بعبور أرضنا نحو بقية المناطق".


جناز ويوم حداد
ودعا اللبنانيين الى المشاركة اليوم في جناز الضحايا الخمس في كنيسة البلدة، مطالبا الدولة بإعلان "يوم حداد تكريما لهؤلاء الشهداء الذين منعوا بأرواحهم مخططاً تفجيرياً كان يستهدف كل لبنان".
وضرب الجيش طوقا أمنيا حول مكان الانفجار ومنع المواطنين وحتى الصحافيين من الاقتراب من مكان التفجير في إجراءات أمنية مشددة، ودعا الأهالي الى التزام منازلهم خشية وقوع انفجارات أخرى.
وتفقدت شخصيات عسكرية وسياسية ودينية مكان التفجير. ووصل قائد الجيش العماد جان قهوجي الى مكان التفجيرات ليشق طريقه بعدها الى كنيسة البلدة حيث التقى الاهالي وذوي الضحايا والجرحى، ثم زار دار البلدية والتقى المطران الياس رحال، لافتاً في تصريح الى "أن مسارعة الارهابيين الى تفجير أنفسهم قبل انتقالهم الى مناطق أخرى، هو دليل واضح على يقظة الجيش والمواطنين التي أحبطت مخططاتهم"، مطمئناً "أن لدى الجيش الارادة والقدرة الكاملتين على مواصلة محاربة هذا الارهاب الذي لا يميز في جرائمه الوحشية بين طائفة وأخرى"، ومشدداً على "أن أي عملٍ إرهابي مهما بلغ حجمه، لن يؤثّر إطلاقاً على قرار الجيش الحاسم محاربة الارهاب، وحماية لبنان والحفاظ على استقراره". وكان سبقه كل من النائب غازي زعيتر بتكليف من رئيسي مجلس النواب والحكومة، والنائب اميل رحمة، مؤكدين "ان لبنان بأكمله مستهدف ولا بد من تعزيز قدرات الجيش".
وظهرا، زار القاع الوزير جبران باسيل، والنواب ايلي ماروني وانطوان زهرا وجوزف المعلوف، ورئيس الهيئة الشرعية في "حزب الله" الشيخ محمد يزبك.
كذلك تفقد المكان مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية صقر صقر وقاضي التحقيق العسكري محمد بدران.
وأصدرت مديرية التوجيه في قيادة الجيش بياناً قالت فيه إن "أحد الإرهابيين أقدم داخل بلدة القاع على تفجير نفسه بحزام ناسف أمام منزل أحد المواطنين، تلاه إقدام ثلاثة إرهابيين آخرين على تفجير أنفسهم بأحزمة ناسفة في أوقات متتالية، وفي الطريق المحاذية للمنزل المذكور، مما أدّى إلى استشهاد عددٍ من المواطنين، وجرح عدد آخر بينهم أربعة عسكريين، كانوا في عداد إحدى دوريات الجيش التي توجّهت إلى موقع الانفجار الأوّل. وقد فرضت قوى الجيش طوقاً أمنياً حول المحلة المستهدفة وباشرت عملية تفتيش واسعة في البلدة ومحيطها بحثاً عن مشبوهين".
وفي بيان آخر، قالت إنه "تبين أن زنة كل حزام ناسف من الاحزمة الاربعة التي استخدمها الارهابيون، تبلغ كيلوغرامين من المواد المتفجرة والكرات الحديد".
وأصدر الصليب الأحمر اللبناني بياناً أشار فيه إلى إحصاء 5 شهداء إضافة إلى اشلاء لأربعة أشخاص، و15 جريحاً، نقلتهم فرق الإسعاف إلى المستشفيات.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم