الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

حتى لندن تريد الانفصال عن بريطانيا !

راجح الخوري
A+ A-

هل فتح زلزال "البريكزيت" الأبواب في "منازل" كثيرة على طلاقات تشبه "دومينو" متدحرجاً يضرب في أوروبا ويفتح شهية "استفتاءات الخروج" في أماكن وتجمعات أخرى؟
كان من المثير جداً ان تخرج من وزارة الخارجية العمانية بعد ساعات من إعلان نتيجة الاستفتاء البريطاني الخروج من الاتحاد الأوروبي، تغريدة تقول "انه قرار شجاع وتاريخي" وهو ما أطلق عاصفة من الردود المؤيدة والمعارضة، بما يذكّرنا بجو من التساؤلات والغموض الذي طالما أحاط بعلاقات السلطنة مع مجلس التعاون الخليجي. فمن المعروف ان هناك تحفظات لدى مسقط على سياسات المجلس ومواقفه، كما أن لدول المجلس عتباً عليها آخره لاستضافتها سراً المحادثات النووية بين واشنطن وطهران لمدة ثلاثة اعوام من غير ان تبلغ احداً في العائلة الخليحية!
جامعة الدول العربية مثلاً تكاد ان تكون نسياً منسياً لا تستحق حتى حبر أسطر لرثائها، ولهذا يبقى الحدث أوروبياً، صحيح، لكن ارتداداته تضرب كما قلت في منازل كثيرة على المستويين الوطني والقومي، ولهذا لم يكن مستغرباً ان يقال عن ديفيد كاميرون "إن ما فعله المقامر الكبير جنون تام". لكن الجنون قد لا يكون في خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي الذي طالما نظرت إليه بأنفة موروثة من الأمبراطورية التي لا تغيب عن ممتلكاتها الشمس، بدليل ان المسنين أيدوا الإنفصال على عكس الشباب.
الجنون قد يكون في صندوق كل الشرور "باندورا" الذي فتحه عندما قرر إستفتاء البريطانيين وسط ظروف واضحة جداً من التبرم المتصاعد في كل إنحاء القارة العجوز: الأنفة البريطانية الموروثة التي جعلت الزواج مع اوروبا متعسراً منذ البدايات، الأزمة الإقتصادية في عدد من الدول الأوروبية، قضية المهاجرين وما تثيره من رغبة في الانغلاق، صعود اليمين، حراك اليسار.
وهكذا كان للزلزال تردداته القلقة في أماكن كثيرة، وأولها في بريطانيا حيث ترتفع أصوات استقلالية تهدد المملكة المتحدة، وحتى في العاصمة لندن التي صوتت بنسبة ٦0٪‏ على البقاء نظمت عريضة تجمع آلاف التواقيع وتطالب بالإنفصال عن بريطانيا والالتحاق بأوروبا. لكن الوضع يصبح إنفصالياً أكثر في اسكوتلندا التي صوتت بنسبة ٦٢٪‏ للبقاء ما دفع رئيسة الوزراء نيكولا ستورجن الى القول إن إجراء إستفتاء على الأستقلال أمر قائم جداً لأنه من غير المقبول ان تخرج اسكوتلندا من أوروبا ضد رغبتها.
الوضع مشابه في ايرلندا الشمالية التي صوتت للبقاء بنسبة ٥٥,٧٪‏ حيث دعا حزب "شين فين" الى استفتاء على توحيد ايرلندا، وحتى عندما صوت جبل طارق على البقاء بنسبة ٩٠٪‏ ارتفعت مطالبة إسبانيا باستعادته، وفي زوايا أوروبية كثيرة يسيل لعاب أحزاب اليمين التي تريد المطالبة باستفتاءات مماثلة لأهداف شعبوية على الأقل ... ونحن في بداية "دومينو" من الطلاقات وخراب البيوت على الغالب!


[email protected] - Twitter:@khouryrajeh

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم