الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

من حملة ترامب إلى شاشة "سي أن أن"

المصدر: "النهار"
سوسن أبوظهر
من حملة ترامب إلى شاشة "سي أن أن"
من حملة ترامب إلى شاشة "سي أن أن"
A+ A-

بينما كان دونالد ترامب يزور اسكوتلندا بصفة رجل أعمال متستر بترشيح أحد الحزبين الكبيرين للرئاسة الأميركية، ويرعى مصالحه في الفنادق ومنتجعات الغولف، مع إطلاق المواقف الشعبوية التي تنذر بزلزال قد يكون أكبر من الانسحاب البريطاني من الاتحاد الأوروبي لو وصل هو إلى البيت الأبيض، كان المدير السابق لحملته يقطف الثمار.


ترامب اسم في الضوء، ينتشر كالنار في الهشيم، سواء ناصره المرء أم تخوف من أفكاره بما فيها من عن عنصرية وجهل بالسياسة الخارجية. اسم مثير للجدل يكفل الشهرة لكل من يرتبط به، من باب العمل والولاء، وحتى الخصومة.


حتى الاثنين كان كوري ليفاندوفسكي مدير حملة المرشح المثير للجدل، إلى أن صدر بيان يعلن الاستغناء عن خدماته. غير أن الرجل لم يغير بعد صفته على حسابه الرسمي على "تويتر".


جاء بيان الإقالة مقتضباً، خالياً من الأسباب. لكن دانا باش، إحدى كبيرات مراسلي شبكة "سي أن أن" الأميركية للتلفزيون، غردت أن إيفانكا، ابنة ترامب، تقف وراء القرار وذهبت إلى حد تخيير والدها بين بقائها هي في حملته أو ليفاندوفسكي. بن جاكوبس من "الغارديان" كتب على "تويتر" أن الرجل دفع ثمن محاولاته تهميش جاريد كوشنير، زوج إيفانكا. غير أن "بوليتكو" نقلت عن مصدر سابق في الحملة أن التخلص منه تم لاحتواء أزمة تصريحات عنصرية أطلقها حيال قاض فيديرالي مكسيكي الأصل.


ليفاندوفسكي مثير للجدل تماماً كمرشحه للرئاسة. فقد أوقف في آذار بعد سحب ميشيل فيلدز بقوة من ذراعها من مهرجان انتخابي. المرأة صحافية. ألا يذكركم ذلك بالحملة الشعواء التي شنها ترامب على ميغن كيلي من شبكة "فوكس نيوز" وانتقاده إياها بسوقية لمجرد كونها امرأة؟


لم تنقضِ ثلاثة أيام حتى وجد ليفاندوفسكي عملاً آخر، تحت الضوء، ويدر الكثير من المال. في خطوة مفاجئة، قررت "سي أن أن" التعاقد معه بصفة معلق سياسي. وما كاد النبأ ينتشر حتى هاجم ترامب المحطة في حسابه الرسمي على "تويتر"، متهماً إياها بالانحياز إلى غريمته هيلاري كلينتون. لكن سرعان ما ظهر مدير الحملة السابق على الشاشة، مع دانا باش، صاحبة التغريدة عن خلافه مع إيفانكا ترامب.


ماذا بوسع رجل مثله أن يقدم إلى المحطة، ولماذا لجأت إليه مع العلم أن ترامب فرض على كل العاملين في حملته توقيع عقد يمنعهم من إفشاء أي معلومات سرية أو وقائع شهدوا عليها، وذلك تحت طائلة الملاحقة القانونية، على ما أوردت وكالة "الأسوشيتد برس"؟ سؤال كبير لا إجابة عليه بعد، غير ما هو بديهي، دعاية واقتناص فرصة من طرف "سي أن أن"، وإغراء المال لصاحب الوظيفة الجديدة.


في ظهوره الأول على الشاشة بدا ليفاندوفسكي كأنه لا يزال مديراً للحملة، متحدثاً بإيجابية كبيرة وإعجاب واضح عن المرشح الرئاسي و"شرف العمل معه". وذهب إلى اعتبار أنه "الشخص الوحيد القادر على إنقاذ هذه البلاد من أجل أولادي وأولادهم من بعدهم".


وفي أروقة المحطة الأميركية تحفظ، لا بل غضب متصاعد، ذلك أن الزميل الوافد صاحب سجل في تحقير الصحافيات ومعاداة الصحافيين، بينهم نوا غراي من "سي أن أن" نفسها وقد استخدمت القوة مرة معه لإبعاده عن ترامب ومراسل لـ"بوليتكو" وضعه على "اللائحة السوداء" فحظر بذلك وجوده في المهرجانات الانتخابية.


المراسلات والمنتجات في شبه ثورة، وهن يبحثن في تقديم عريضة للمطالبة بفسخ العقد مع ليفاندوفسكي. ولا يقتصر الاعتراض عليهن، إذ يشمل العاملين من أصول لاتينية الذين يعتبرون التعيين تبنياً لمواقف ترامب العنصرية حيال المهاجرين وغير البيض عموماً.


الأمر لا يتعلق فقط بسجل مدير الحملة السابق في خشونة التعامل مع الصحافة، بل في انتهاك المعايير المهنية. "الواشنطن بوست" اعتبرت أن "سي أن أن" رضخت لمساومات السوق وقضت على القواعد الإعلامية في تضارب فاضح للمصالح. "أم أس أن بي سي" المُنافسة على سبيل المثال اتصلت بليفاندوفسكي ثم عدلت عن تقديم عقد عمل له خشية الوقوع في خطأ مهني.


ميغن كيلي التي طالما كانت ضحية سهام ترامب والمدير السابق لحملته، ذكرَت بأن الرجل الذي لهثت "سي أن أن" لتوظيفه "هدد الصحافيين مراراً" و"استخدام كلمات بذيئة بشعة في معرض الحديث عن النساء منهم". وأشارت إلى أن ليفاندوفسكي يفقتد إلى الموضوعية والتحليل النزيه، وهو لا يزال موالياً لترامب وربما قرر الانتقال من كواليس الحملة إلى الشاشة بموافقته.


فهل يحتاج المرشح الجمهوري ناطقاً غير رسمي باسمه في محطة سبق لها توظيف شخصين قبله لقربهما من حملته في إطار تغطيتها المستمرة لكواليس الانتخابات الرئاسية؟ وإذا كان الأمر لا يضر ترامب، فأي فائدة لـ"سي أن أن"، وقد كان من الأجدى لها اللجوء إلى جمهوري يتمتع بحس نقدي حيال شخص ترامب وآرائه وخصوصاً أعماله واستثماراته وتضارب المصالح الناشئ حتماً في حال دخل البيت الأبيض.


كما فعل في اسكوتلندا مرشحاً، تخيلوا أن يختار ترامب رئيساً لجولاته الخارجية البلدان التي تحضن مشاريعه أو تلك التي يرغب في بدء أعمال فيها. حينها هل يعود ليفاندوفسكي إلى فريقه في البيت الأبيض أم يؤدي المهمة من على منبر شاشة تخلت عن المعايير المهنية لتسجل هدفاً في لعبة التنافس الإعلامي الشرس وسباق النفوذ والتأثير. هدف يحقق كسباً آنياً، لكنه غير نظيف، كمثل هدف سُجل باليد في مباراة حاسمة لكرة القدم.


[email protected]


Twitter :@SawssanAbouZahr


 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم