الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

أيّ مصير ينتظر إقليم كردستان بعد القضاء على "داعش"؟

فاضل النشمي
أيّ مصير ينتظر إقليم كردستان بعد القضاء على "داعش"؟
أيّ مصير ينتظر إقليم كردستان بعد القضاء على "داعش"؟
A+ A-

على امتداد السنوات الثلاث عشرة الماضية، أظهر أكراد كردستان العراق براعة لافتة في ادارة خلافاتهم الداخلية وعدم السماح لها بالتأثير على مواقفهم المتماسكة تجاه حكومة المركز في بغداد، فالتناقض بين مواقف الاحزاب الكردية داخليا، الى التنافس المحلّي الحادّ على مراكز القوة والنفوذ في الاقليم تتلاشى تقريبًا بمجرد دخول وزراء ونواب الاقليم في الحكومة والبرلمان المركزيَّين. لكن الظروف المعقدة التي شهدها العراق منذ حزيران 2014، المتمثلة بصعود "داعش"، وانخفاض اسعار النفط، وسعي الاقليم للاكتفاء الاقتصادي عبر تصدير النفط بشكل منفرد عن بغداد، الى جانب "التفرد البارزاني" في حكم الإقليم، عوامل مجتمعة، اعادت الى الاذهان صراع الاخوة الكرد الطويل وأضعفت تماسكهم المعهود، وبات من غير المستبعد، عودة الاقليم الى حكم الادارتين، واحدة في إربيل بيد الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود البارازاني، وأخرى في السليمانية بزعامة تحالف حزبي الاتحاد – التغيير. ومع ان الاحتمالات القائمة غير قابلة للتطبيق دائما، وما زال الاقليم يُحكم تحت ادارة موحدة شكليا برئاسة مسعود البارزاني، الا ان عوامل مجتمعة غير قليلة، ربما تلقي بظلالها القاتمة في المدى المتوسط والبعيد على احوال الاقليم. فعلى المستوى السياسي، ما زال انتهاء الولاية الممددة قبل عام لرئيس الاقليم مسعود البارزاني، تمثل اهم العقبات التي تواجه شرعية الحكم الكردي، وتسهم في تقويض التفاهمات الحزبية هناك، ولعل الجهود المتواصلة لتوحيد حزب الاتحاد الوطني وجماعة التغيير في السليمانية، جاءت في سياق مقاومة "نهج التفرّد" الذي يتبعه الرئيس مسعود البارزاني في ادارة الاقليم، كما تؤكّد على ذلك معظم التحليلات والتصريحات التي يطلقها اعضاء حزبي الاتحاد والتغيير. ومعلوم ان حكومة اربيل عطّلت برلمان الاقليم ومنعت رئيسه القيادي في حركة التغيير يوسف محمد من دخول اربيل في تشرين الاول 2015.


الخلاف بين الاحزاب الكردية يتجاوز حدود شرعية السلطة، ليصل الى كل ما يتعلق بالجوانب الاقتصادية والسياسية وحق تقرير المصير، حيث تميل الاطراف المعارضة لحكومة اربيل المتمثلة اساساً بحزب الاتحاد الوطني بزعامة الرئيس السابق والمريض الحالي جلال طالباني، وزعيم حركة التغيير انوشيروان مصطفى الى التقاطع مع التصريحات المتواصلة التي تطلقها حكومة اربيل بشأن اعلان الاستقلال، اذ يرون ان الوقت غير مناسب ويحتاج الى العمل على ضمانات محلية واقليمية لإنجاح تجربة الاستقلال. ويكشف موقفهم الاخير بشأن تصريحات مسرور البارزاني مطلع الاسبوع الجاري التي قال فيها" إنه بمجرد إلحاق الهزيمة بتنظيم الدولة الإسلامية يجب تقسيم العراق إلى ثلاثة كيانات منفصلة للشيعة والسنّة والأكراد". حيث اعتبر الاتحاد الكردستاني، ان تصريحات نجل الرئيس بارزاني "تعبّر فقط عن رأي طرف سياسي في اقليم كردستان". والمفارقة ان تصريحات مسرور البارزاني وجدت لها أصداء رافضة داخل الاقليم الكردي، ولم تمنحها بغداد المنشغلة بحرب "داعش" في الفلوجة أدنى اهتمام.
اما على الصعيد الاقتصادي، فينظر قادة القيادة المشتركة الحالية لحزبي الاتحاد والتغيير بقلق بالغ لتأخر تسديد رواتب المواطنين الكرد لأشهر طويلة، ويحمّلون حكومة اربيل مسؤولية ذلك. والأمر نفسه ينطبق على موقف الطرفين من مرحلة ما بعد "داعش"، فصحيح ان نجل الرئيس مسرور البارزاني يشغل منصب رئيس المجلس الأمني في الاقليم، وليس من مهامه الخوض في الشؤون السياسية، الا ان موقعه وقربه من الرئيس مسعود البارزاني يسمح بالقول، ان ما يصدر عنه يمثل افكارًا متداولة في داخل بيت الرئاسة البرزاني الكردي. خاصة اذا ما علمنا ان مسرور البارزاني اضاف لتصريحه السابق المتعلق بتقسيم العراق العبارة التالية: "الفيدرالية لم تنجح، وبالتالي إما كونفدرالية أو انفصال كامل... إذا كان لدينا ثلاث دول كونفدرالية فستكون لدينا ثلاث عواصم متساوية لا تعلو واحدة على أخرى". وذلك يعني، ان حكومة اربيل ورئيسها مسعود بارزاني تفكّر جديا بالانفصال عن العراق نهائيا، وهناك معلومات متداولة تشير الى تنسيق عالي المستوى بين الرئيس البارزاني ومجموعة من المشايخ العرب السنّة المتواجدين في اربيل لكسب ودّهم والاتفاق معهم بشأن ترتيبات ما بعد الخلاص من "داعش"، ويعزّز ذلك التصريحات التي أطلقها المتحدث باسم العشائر العربية في نينوى مزاحم الحويت، حيث اعتبر أن ما طرحه مسرور برزاني، هو الحل الأمثل للبلاد، وان "تقسيم العراق إلى ثلاث دول هو الحلّ الأمثل والواقعي لإنهاء مشاكل البلاد الحالية". لكن الجماعات الكردية المعارضة لحكومة اربيل تعتبر ذلك نوعًا من الهروب الى الامام نتيجة المشاكل الملحّة في الاقليم، فيما يعتبر بعض العرب، ان دعوات تقسيم العراق تأتي على لسان ما يطلقون عليهم تسمية" سنّة البارزاني" مثلما هو الحال مع ما كان يعرف بـ"سنّة المالكي"، ويقصدون بهم شيوخ العشائر المدفوعين بمصالحهم الخاصة الذين تحالفوا مع رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، ويتحالفون اليوم مع رئيس الاقليم مسعود البارزاني. واللافت ان بعض مشايخ العشائر السنّية يرحبون بمشاركة قوات البشمركة الكردية في معركة تحرير الموصل ويرفضون مشاركة قوات الحشد الشعبي الشيعية.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم