الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

ديموقراطية جنوبية على مسافة خطوات من جبهات الموت

المصدر: "النهار"
ب.ع.
ديموقراطية جنوبية على مسافة خطوات من جبهات الموت
ديموقراطية جنوبية على مسافة خطوات من جبهات الموت
A+ A-

تعيش ثماني قرى مسيحية موزعة ضمن حدود قضائي حاصبيا ومرجعيون اجواء انتخابات ومنافسة حقيقية تغيب عن كثير من جاراتها الشيعية، وبأستثناء الاشكالية التي تشهدها بلدة أبل السقي المسيحية – الدرزية نتيجة الخلاف على توزيع المقاعد بين الفريقين، فأنه يمكن القول ان ثمة ديموقراطية حقيقية في هذه البلدات وصناديق اقتراع ستفعل فعلها يوم الاحد لجهة اختيار المجالس البلدية والاختيارية بكل ديموقراطية، وبعيداً عن منطق الثنائيات والاكراه والفرض وحسابات الـ 86 في المئة التي لا تنطبق على مسيحيّي الجنوب.
في الشكل لوائح متنافسة في غالبية القرى والبلدات المسيحية، اسوة بالقرى والبلدات الدرزية والسنّية حيث تحتد المواقف على كل المواضيع، ولا تستثني قضية، ولو تسنّى تطبيق البرامج التي أعلنتها اللوائح المتنافسة لأمكن القول ان تلك الانحاء ستتحول الى جنائن معلقة، لكن الواقع يدل على ان النظريات شيء والتطبيق شيء آخر. وتحقيق الاحلام الوردية يحتاج الى الكثير من العناية والملاحقة والاهتمام. لكن المهم جداً في تجربة القرى والبلدات المسيحية والدرزية والسنّية جنوباً هو تلك الحيوية الديموقراطية التي تظهرها تلك المجتمعات في تركيبتها الفسيفسائية التي ربما شكّلت بطريقة او بأخرى حافزاً او مولداً لكثير من رغبات خوض التنافس الانتخابي والديموقراطي لدى البيئة الشيعية المحصنة بالتوافق الثنائي بين حركة "أمل" و "حزب الله" وتوافقهما على ترتيب امور بلديات غالبية الانحاء الشيعية الامر الذي لم تنجح الثنائية الحزبية المسيحية العونية – القواتية في استنساخه في المناطق الاخرى.
وفي تلك الانحاء الجنوبية تتسلل الاحزاب مرة جديدة وراء العائلات للنفاذ الى العملية الانتخابية وحصد "الانتصارات السياسية البلدية والاختيارية" اذا جاز الكلام، لكن الاساس واستناداً الى التجربة فإن قيادة المسيحيين المتمركزة في جبل لبنان لا تعير كثير اهتمام الى تلك الاقاليم البعيدة عن المركز سواء في الجنوب ام في البقاع والشمال، وتلك حقيقة مثبتة ويمكن تقديم عشرات الامثلة عنها. ولعل اقصى اهتمام السياسيين المسيحيين جنوباً يتركز على مدينة جزين ومنطقتها نظراً الى ارتباط هذه البقعة بجبل لبنان جغرافياً، وبالمعادلات السياسية الاخرى على مستوى الاصطفاف السياسي في لبنان. ومن بين قوانين الانتخاب المطروحة على النقاش في مجلس النواب، وباستثناء قانون "اللقاء الارثوذكسي" لا يقدم اي مشروع رؤية متكاملة لكيفية تأمين التمثيل السياسي الحقيقي للمكون المسيحي في مرجعيون وحاصبيا وبنت جبيل والنبطية. وتالياً يصبح من حقّ مسيحيّي الجنوب العمل من اجل انتخاب ممثليهم الحقيقيين، ولو كان الامر على قاعدة الانتخابات البلدية والاختيارية، ومن الواضح ان طبيعة تشكل هذه المجالس انما تؤشر الى توجهات هذه البلدات والقرى رغم اعتماد النظام الاكثري وإغفال نسب الناخبين المعارضين للوائح الفائزة.
وفي المحصلة، هي انتخابات بلدية واختيارية بالاسم لكنها فعلاً انتخابات تريدها الناس للتعبير عن رأيها، وليس سهلاً ان تمارس الديموقراطية في منطقتي حاصبيا ومرجعيون على مسافة كيلومترات قليلة من جبهات الموت في الداخل السوري وعند حدود فلسطين المحتلة.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم