السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

مغارة ونبع ماء ووادٍ... تختفي تحت ردميات أوتوستراد بيروت- دمشق

مغارة ونبع ماء ووادٍ... تختفي تحت ردميات أوتوستراد بيروت- دمشق
مغارة ونبع ماء ووادٍ... تختفي تحت ردميات أوتوستراد بيروت- دمشق
A+ A-

تحت جسر "النملية" مباشرة يبدأ "وادي الدُلم" صخرة كبيرة في وسطه تتحول مع المياه الآتية عبر الوادي إلى شلال جميل، ومشكلاً جدولاً غزيراً في معظم أيام السنة حتى يصل إلى بلدة #قب_الياس، وبعد عشرين متراً من هذه الصخرة، تزوّد مغارة عميقة في لحف الوادي الجدول بكمية أخرى من المياه. كذلك يوجد قرب مدخل المغارة نبع آخر متدفق بحوالي 3 - 4 انشات. هذه الصورة الطبيعية الوديعة والهادئة كانت بأمان حتى أتى مشروع طريق بيروت-دمشق حيث يتم حفر الجبل الذي يعلو جسر "النملية" مباشرة، وتقوم شاحنات الشركة الملتزمة تنفيذ هذا المشروع بجلب الرمال والأتربة والصخور ورميها في هذا الوادي الذي يزيد عمقه عن خمسة وعشرين متراً، ما أدى إلى طمر أعلاه وكذلك المغارة التي لم يبقَ من ارتفاع مدخلها سوى 30 سم. وتوقفت المياه المتدفقة منها عن الخروج نحو الوادي ربما احتجاجا على تهشيم مدخلها وإخفائها من الوجود، بالرغم من أنها تكوّنت مع الوجود في تلك البقعة المنسية لدى المارين على طريق بيروت-الشام. كذلك اختفى الأنبوب الذي وصله المزارعون قديما بمجرى النبع جنب المغارة حيث كان يضخ بشكل متواصل كماً من الماء تروي الأراضي التي تقع على جانبي الوادي. اختفى لأن آلافاً من أطنان الردميات قد وضعت فوقه. أما الوادي ذاته فبدأ بالاختفاء أيضا في جزئه العلوي، وسيطمر الجزء الأكبر منه إذا استمرت عملية الردم من دون أي رادع بيئي أو جمالي أو اهتمام برَي الأشجار والمزروعات التي تعتمد على ما تجود به المغارة والنبع.


هكذا يتم تدمير وإزالة معلم طبيعي من دون أن يكترث أحد، ومن دون أن تلتفت الشركة التي تسبب كل هذا الضرر للطبيعة وللمزروعات التي تعتمد على المياه المنسابة في الوادي، خصوصا أن بعض الملاكين بدأوا بغرس الأشجار المثمرة معتمدين على ريها من هذه المياه. فثقافة الباطون السائدة بحاجة إلى توفير أمكنة تُرمى فيها الأتربة والصخور ولو أدى ذلك إلى إخفاء مغارة قديمة، ونبع مياه عذبة، ووادٍ يستصرخ أصحاب القرار بإيقاف هذه الأذية غير المبررة لأنه بدأ يتحول إلى مسطح ترتع على جزئه العلوي الآليات: بعضها يجلب الصخور والتراب، وتقوم جرافة بدفع الردميات نحو الوادي من أجل توفير بضعة دولارات فيما لو نقلت الردميات إلى مكان آخر. كما أن أحداً لم يحرك ساكناً لإيصال احتجاج لمتعهّدي هذا المشروع. فهل لهذه الكلمات صدى عبر صفحات "النهار" بعد أن اختفى صدى الضمير البيئي في الوادي الذي يدمّر يومياً بشكل منهجي؟

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم