الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

أقام سهرة لأقاربه وتوفي... الياس ثابت خاض معركة الانتخابات في الاقليم لكنه لن يصوّت

المصدر: النهار
صيدا- احمد منتش:
أقام سهرة لأقاربه وتوفي... الياس ثابت خاض معركة الانتخابات في الاقليم لكنه لن يصوّت
أقام سهرة لأقاربه وتوفي... الياس ثابت خاض معركة الانتخابات في الاقليم لكنه لن يصوّت
A+ A-

هل كان يعلم مدير تكميلية الرميلة الرسمية (سابقاً)، في إقليم الخروب الساحلي، المربي الياس فيليب ثابت 70عاماً، أن ساعة وفاته اقتربت كثيراً الى حد جعله وقبل ساعات معدودة على تعرضه لحادث سير أدى الى وفاته، أن يجري اتصالات عاجلة مع افراد عائلته ومع اقاربه، وأن يدعوهم الى حضور مأدبة عشاء اقامها على شرفهم في منزله في الرميلة. هو كان يعلم جيداً قبل ذلك، أن معركة الانتخابات البلدية المقبلة اصبحت معركة كسر عظم بين ابناء البلدة، وأيضاً بين ابناء البيت الواحد، فاتخذ قراره بجمع اكبر عدد من آل ثابت، ولبى الجميع دعوته. وفي كلمته المقتضبة التي ألقاها في الحفل، قال: كنا نتمنى ونأمل أن نصل الى توافق على المرشحين من العائلة في لائحة توافقية او تنافسية، لكن ما حصل قد حصل، والمهم ان نبقى متحابين بعضنا مع البعض كما كنا دائما، ولكل شخص حرية الاقتراع لمن يرغب من المرشحين، وبمعزل عن نتيجة الانتخابات وحسابات الربح والخسارة.


تلك كانت وصية الفقيد في سهرة العشاء التي سادها جو من الفرح والسعادة كما قال احد اقاربه، سيمون ثابت الذي شارك في الحفل بعد ايام على وصوله من الولايات المتحدة الاميركية للمشاركة في الانتخابات البلدية، ودعم ترشح شقيقه وليد ورفيقه جورج طنوس لرئاسة لائحة (الرميلة أجمل) مداورة. المنافسة للائحة رئيس البلدية الحالي المحامي جورج الخوري ( الحلم المستمر). علماً ان طانيوس ثابت ابن عم وليد وسيمون، مرشحاً على لائحة "الحلم المستمر".


استمرت سهرة العشاء حتى منتصف الليل، وبعد خروج المدعوين، قاد الفقيد سيارته الجيب، مصطحباً معه العاملة المنزلية وبعد ايصالها الى منزلها في الرميلة، وعودته الى منزله انحرفت سيارته عن الطريق العام، وهوت باتجاه شاطئ البحر بعدما اصطدمت مقدمتها من الجهة اليسرى بصخرة كبيرة، مما ادى الى اصابته بجروح وكسوربليغة جدا، نقل على اثرها الى مركز لبيب الطبي في صيدا، لكنه فارق الحياة بعد يومين. البعض قال ان الحادث نجم بسبب وجود بروجيكتورات كهرباء مثبتة على مدخل موتيل ومطعم على البحر ومسلطة على الشارع العام، والبعض يعتقد ان عارضاً صحياً، نوبة قلبية كانت السبب بحصول الحادث.


سهرة العشاء التي اقامها المدير ثابت، جاءت بعد يوم واحد على عودته مع عقيلته جناد سميح جرمانوس، من زيارة سياحية للاردن، استمرت ثلاثة ايام، وصفها ثابت بزيارة حج وتقرب من الرب، لكونه غسل يديه في نهر الاردن، حيث تعمد السيد المسيح. قال وليد ثابت بعد عودة المدير من الاردن، بدا في غاية السعادة، جلب معه الكثير من الهدايا التراثية، لا سيما الكوفية ووزعها على غالبية اقاربه واصحابه.كان كريم النفس ومحبباً من الجميع .



بدايات حياته كانت مليئة بالفرح والنجاحات، دخل سلك التعليم في سن مبكرة، وتعرف إلى زوجته واحبها قبل ان يقترن بها، عندما كان يراقب سير امتحانات شهادة البروفيه، في حارة حريك في الضاحية الجنوبية في بيروت. الطفل البكر الذي انجباه اطلقا عليه اسم سلام، لكن العدو الاسرائيلي الذي لم يعرف في تاريخه، اي معنى للسلام، وكان يشن حربا شبه مفتوحة على اللبنانين وبخاصة في جنوبه، بذريعة ضرب الفصائل الفلسطينية المسلحة، قضى على الطفل سلام، عندما كان في عمر الثلاث سنوات، وهو في حضن والده، خلال اختبائهما داخل المنزل في الرميلةتجنباً من القذائف التي كانت تطلقها دبابات الميركافا الاسرائيلية اثناء الاجتياح الاسرائيلي الكبير للاراضي اللبنانية في العام 1982 . الميركافا كانت متمركزة عند مدخل مدرسة الفرير، الموجودة على تلة المدخل الجنوبي الشرقي للرميلة، والمطلة على الطريق العام الساحلية وعلى منزل ثابت ايضاً، احدى القذائف العشوائية التي كانت تطلقها الميركافا اصابت المنزل اصابة مباشرة، وسقط سلام مضرجاً بدمائه وهو في حضن والديه، فيما اصيب الوالد بشظايا في قدميه وجسمه، كما توفي من جراء القذيفة جميل غريب الذي ظن ان احتماءه في الطابق الاول الذي كان يقيم فيه ثابت افضل من بقائه في منزله في الطابق الثاني.
بعد معايشته الحزن والاسى لفقدان ولده، لاكثر من سنة، انجبت زوجة ثابت تباعا 4 بنات هن الدكتورة حنان زوجة طوني فارس والمعلمة جنان زوجة موسى الحايك، والمعلمة رين زوجة بشارة نصار، والمهندسة الين زوجة شربل سمعان.



تسلم ادارة تكميلية الرميلة الرسمية في 10 كلنون الثاني 1980 لغاية 2010، ويصفه زميله طوني قزي في المدرسة بانه كان بمثابة الاخ والصديق الوفي لجميع زملائه، كان صريحا وجريئا ومرحاً، لا يخلو من شيء، ويجمع ابناء البلدة ان العلاقة المميزة التي نسجها المدير،مع مسؤولي مقر الاستخبارات السورية الذي كان موجودا في جوار منزل ثابت في الرميلة، طوال فترة الوصاية السورية، لم تكن في يوم من الايام بدافع شخصي او من اجل مصلحة خاصة، وانما كانت لمصلحة الرميلة وجميع ابنائها من دون استثناء. كان يدفع من جيبه الخاص من اجل المصلحة العامة، وكانت كلمته مسموعة لدى الجهات المسؤولة، ولدى عامة الناس.



اقيم قداس وجناز لراحة نفسه في كنيسة مار انطونيوس الكبير في الرميلة، برئاسة راعيي ابرشية صيدا ودير القمر وابرشية صور وتوابعها للموارنة، المطرانين الياس نصار ونبيل شكرالله الحاج، بحضور عدد من النواب والهئيات السياسية والتربوية وابناء البلدة والجوار وعائلة الفقيد، والقى المطران الحاج كلمة رثا فيها الفقيد منوها بسيرته العائلية والتربوية والاجتماعية، كما القى الشاعر موسى زغيب قصيدة.


 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم