السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

"بي بي سي 2020" المساواة للنساء... متى عندنا؟

المصدر: ""النهار"
سوسن أبوظهر
"بي بي سي 2020" المساواة للنساء... متى عندنا؟
"بي بي سي 2020" المساواة للنساء... متى عندنا؟
A+ A-

في إطار خطة عمل جديدة، أعلنت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" أنه سيكون للنساء نصف الإطلالات التلفزيونية والإذاعية بحلول عام 2020، وذلك بعد انتقادات طالت المؤسسة المخضرمة بأن تركيبتها الداخلية لا تعكس التنوع الجنسي والعرقي في أوساط جمهورها.
والـ"بي بي سي" هيئة عملاقة توفر، بأذرعها المختلفة، 21 ألف فرصة عمل، ستشغل نساء نصفها بحلول 2020، مع العلم أن 48،4 في المئة من الموظفين هم حالياً نساء. أما المناصب العليا فلا تزال بيد الرجال، وإن يكن 41،3 في المئة منها صار نسائياً، وفق أرقام أوردتها "الغارديان".
وداخل المجموعتين الجندرية، الرجال والنساء، سيكون هناك تنوع عرقي بين السود والآسيويين وحصة متساوية في الإطلالات التلفزيونية المباشرة، وهؤلاء يشكلون 12،2 في المئة من القوة العاملة، مع العلم أن أهداف المحطة لعام 2017 تقضي بأن تكون النسبة 14،2 في المئة. وتشمل خطة 2020 الطموحة جعل الأشخاص ذوي الحاجات الخاصة 8 في المئة من فريق العمل، ومنح نسبة مماثلة للمتحولين جنسياً.
وكان وزير الثقافة الأسبق ديفيد لامي ضغَط على الهيئة لوضع تلك الأهداف في نص مكتوب مُلزم ضمن الأهداف العامة للمؤسسة. واعتبر في كلمة أمام مجلس العموم أن غياب التنوع لا ينسجم مع الصورة التي تسوقها الـ"بي بي سي" عن نفسها بكونها "عالمية"، فهي لا تزال "مؤسسة شديدة البياض".
لذلك تتعهد الهيئة أن تكون عام 2020 مكان عمل متنوع، "أكثر تنوعاً من أي طرف آخر في هذه الصناعة (الإعلام)"، وأن تحمل الشاشة "المروحة الأوسع من التنوع، أكثر من أي جهة أخرى في هذا القطاع وأن تقدم نموذجاً يُحتذى" على المستويين البريطاني والعالمي. وستنعكس تلك السياسة على المسلسات التي تنتجها ليكون للأقليات وجود لائق وغير مفتعل في الأعمال الدرامية والكوميدية وفي برامج الأطفال.
في نظر كثيرات في سوق العمل، تبدو "بي بي سي" تغرد خارج السرب. وفي كل الأحوال، لم تتضمن خطتها الطموحة أي إشارة إلى أن المساواة بين الجنسين في العدد ستنعكس على الرواتب.
وكان المنتدى الاقتصادي العالمي في اجتماعه الأخير في منتجع دافوس السويسري في نهاية 2014، لفت إلى أن الأمر سيتطلب 118 سنة، نعم 118 سنة، حتى تُردم الفجوة في سوق العمل بين الرجال والنساء. ففي أرقام تقرير الهوة الجندرية الصادر عن المنتدى أن النساء عموماً يتقاضين حالياً ما كان يُدفع لزملائهن الرجال في المناصب نفسها عام 2006، أي أنهن متأخرات عشر سنوات في الحقوق المالية.
ويسترعي الانتباه أنه في تلك الفترة زاد عدد النساء في سوق العمل العالمية بنحو 250 مليوناً. رقم كبير بلا شك، لكنه إضافة عددية لا نوعية، إذ لا تنال هؤلاء النسوة، خصوصاً في البلدان النامية، إلا فُتات الرواتب.
ويُصنف تقرير الهوة الجندرية في 145 بلدأ بحسب أحوال مواطنيها، ذكوراً وإناثاً، في الحصول على حقوق وفرص متساوية في الرعاية الصحية والتربية والمشاركة الاقتصادية والتمكين السياسي.
وعام 2015 تصدرت ايسلندا المرتبة الأولى، وتلتها النروج وفنلندا والسويد وإيرلندا. وبخلاف ما قد يتبادر إلى الذهن، لا تقتصر لائحة الدول العشرة الأولى على بلدان غربية معظم سكانها من البيض المُرفهين. فقد حلت رواندا الأفريقية في المرتبة السادسة نظراً إلى العدد الكبير فيها للنساء اللواتي يمارسن السياسة من المستوى المحلي إلى الوطني العام ولأن القوة العاملة فيها تضم نساء أكثر من الرجال، وبعدها الفيليبين الآسيوية، قبل سويسرا مثلاً في المرتبة الثامنة، ثم سلوفينيا ونيوزيلندا.
وفي المقابل، تخلو لائحة الدول في المراتب العشر الدنيا من المفاجآت، فمعظمها كما قد يتوقع أي منا، يا للأسف، من منطقتنا. اليمن المنكوب بالحرب هو الأول بين البلدان الأقل مساواة جندرية، ثم باكستان، سوريا المذبوحة المقسمة في المرتبة الثالثة، ثم تشاد وإيران والأردن والمغرب.
وجاء لبنان ثامناً. سويسرا حلت ثامنة في المساواة بين الجنسين، و"سويسرا الشرق" ثامنة كذلك، لكن في غياب المساواة. مفارقة مريرة. لكن لا عجب في بلاد لا يزال الحضور السياسي فيها حكراً في معظمه على أرملة ثكلى، أو شقيقة وابنة وزوجة، وحيث تُعد تسمية وزيرة إنجازاً وينجو مُمارس العنف الزوجي من العقوبة وتستخدم اللاجئات وقوداً لصناعة الدعارة، وحيث يعيش أبناء الأم اللبنانية غرباء في وطن يستند إلى نص تجاوزه الزمن يحصر الجنسية بسلالة الآباء لا الأمهات ليبرر العنصرية والطائفية.
وبعد لبنان، مالي، وأخيراً مصر، وهناك حكايات لا تُحصى عن الختان والتحرش الجنسي وتدهور الرعاية الصحية والتزويج المبكر إلى ما وراء الحدود في عقود عرفية هي أشبه ما تكون بصكوك بيع.
لننتظر إذاً 118 سنة، وربما أكثر، لا لردم الفجوة في الأجور فحسب، بل لتصل النساء إلى مرتبة المواطَنة، لا أنصافها وأرباعها!
[email protected]
twitter : @SawssanAbouZahr

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم