الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

عبوات واستنفار في ملعب غزير... كرة السلة تجرّ الوطن إلى حافة الهاوية

أحمد رميتي
عبوات واستنفار في ملعب غزير... كرة السلة تجرّ الوطن إلى حافة الهاوية
عبوات واستنفار في ملعب غزير... كرة السلة تجرّ الوطن إلى حافة الهاوية
A+ A-

الجماهير فقدت أعصابها، وبات الخروج إلى الشارع وإطلاق سيل من الشتائم والشعارات الطائفيّة أمر طبيعي. كرة السلة اللبنانية اليوم في خطر، وفي حال لم يتحرك المعنيون والقيّمون على اللعبة، قد يشهد الوسط السلوي اللبناني في الأسابيع المقبلة أحداثاً مبهمة تضع الوطن على أعتاب مرحلة حرجة تهدد مصير السلم الأهلي.


ظنّ المراقبون أن المعركة التي اندلعت بين جمهور نادي الحكمة ونظيره الرياضي (بيروت) في مرحلة الاياب من الدوري المنتظم، والتي بالمناسبة نشبت في الفضاء الافتراضي ثم انتقلت إلى أرض الملعب وامتدت إلى طرقات وأنفاق العاصمة، ظنّوا أن هذه المعمعة وضعت تحت السيطرة إثر استنكار إداريي الفريقيْن ما حصل، لكن ما جرى الأسبوع الماضي في ملعب غزير خلال المباراة التي جمعت النادي الأخضر مع فريق التضامن (كسروان) كسر كل التوقعات، وأكّد أن اللاعبين لم يخرجوا من هذا المنطق بعد.


عقب المواجهة "المجنونة" التي جرت يوم الجمعة الماضي، وانتهت بفوْز الفريق الكسرواني بفارق نقطة على النادي المضيف، ألقت جماهير النادي الأخضر التي كانت حاضرة بكثافة وبلغ عددها أكثر من 4000 مشجع على المدرجات، عبوات مائية أصابت رأس صانع ألعاب فريق التضامن محمد إبرهيم، على خلفيّة الأخطاء التحكيمية التي شهدتها المباراة وتحدث عن صحّتها أمس الأوّل، رئيس الاتحاد للعبة المهندس وليد نصّار، إضافة إلى الصفعات واللكمات الواضحة التي تعرض لها لاعبيْ الحكمة هايك غيوقجيان وجو غطاس من أجنبي نادي التضامن الصربي فلادان فوكوسافليفيتش، فيما فاجئ اللاعب جاد خليل نجل مدير فريق التضامن طوني خليل، والذي يقدّم موسماً ناجحاً ولافتاً، في أسلوب استفزازه جماهير القلعة الخضراء بعدما توجه بشتائم قاسية للمشجعين مستخدماً أصبعه الأوسط، بينما تحدثت بعض وسائل الاعلام تباعاً عن إشكال كبير وقع بين القوى الأمنية وجمهور الحكمة خارج حرم الملعب.


على الأثر، شهدت مواقع التواصل الاجتماعي صراعاً معيباً بين أنصار الفريقيْن، وزاد من الطين بلّة، الاتهامات التي تبادلها كل من رئيسي الناديَيْن في صفحتيهما، وكان لافتاً "الزكزكات" التي أثارها بعض مشجعي نادي الرياضي نظراً إلى أن الحكمة هو غريمه التقليدي، فتوعّد جمهور فريق الأخضر اللاعب الصاعد جاد خليل بالضرب، كاشفاً أمس عن رغبته في الحضور إلى ملعب نادي التضامن قبيْل المباراة التي انتهت بهزيمة ثقيلة وقاسية للفريق المضيف، علماً أن الاتحاد يمنع أي وجود لجماهير فريق الضيف في قرار أصدره مسبقاً تفادياً لتطوّر الخلافات التي تقع فور نهاية كل مباراة.
وفي إطار متّصل، عصفت الأجواء المشحونة في غزير، ملعب نادي المتحد (طرابلس) الذي استضاف أمس الأوّل نظيره نادي بيبلوس، وشهدت المباراة استفزازت متبادلة بيْن الفريقيْن، أسفرت عن طرد لاعب أجنبي من كليهما، أحدهما كان قد توجه في المباراة السابقة بلكمة قاسيّة على وجه لاعب المتحد المتألق والخلوق شارل تابت، أفضت إلى نقله إلى المشفى بعيْد انتهاء المباراة، من دون أن يتخد الاتحاد قرارات صارمة في حقه، كما حاول مشجعو الفريق الطرابلسي مساء السبت النزول إلى أرض الملعب لملاحقة المعتدي لاعب نادي بيبلوس الأميركي أندري سميث بهدف التعرض له بالضرب على مرأى من القوى الأمنيّة وأعضاء الاتحاد اللبناني لكرة السلة.


الحكمة: الله معنا ونحمّل الاتحاد كامل المسؤوليّة


وعلى خطٍ مواز، أصدرت اللجنة الادارية لنادي الحكمة (بيروت) بياناً جاء فيه: "لسنا مع تشويه الوقائع ولا مع تزويرها، انطلاقاً من كلام السيد المسيح، فليكن كلامكم نعم نعم أو لا لا. إننا إذ نأسف مُجدداً لما حصل من إشكالات خلال مباراتنا مع نادي التضامن الذوق ونطرح الأسئلة التالية: من هو الرأس المُدبّر لما حصل؟ ومن هي اليد الخفية التي كانت خلفها؟، إن أي مراقب يستطيع أن يلاحظ بأنها ليست وليدة الصدفة. ما جرى من انتهاكات لكرامات الناس واعراض اللاعبين وسلامتهم يستحق الوقوف عنده بكل حزم من دون عنف. لاعب التضامن الزوق فلادان ينهال بالضرب على لاعبنا هايك بلكمة على ظهره، ثم على لاعبنا جو غطاس بصفعة على وجهه، ويدفع لاعبنا الأجنبي ديماريوس، وثم لاعب التضامن الاخر برانكو يضرب لاعبنا إيلي رستم على رأسه".
وحضت اللجنة على الأخلاق الرفيعة التي تحلى بها لاعبو الفريق الأخضر، مضيفةً في اجتماعها الاستثنائي الذي عقدته أمس الاثنين:" نُهنئ لاعبينا على الأخلاق العالية التي أظهروها برباطة جأشهم وعدم انجرارهم إلى مسلسل العنف الذي تعرضوا له. لا يسعنا الا ان نلفت النظر بأن هذا الضرب والأذية بعنف وشراسة والتي لا تمت بالروح الرياضية وللرياضة بصلة، كوفئ عليها فلادان بـ 17 رمية حرة بدل أن يوقّف ويطرد فوراً من المباراة مع أول عمل عنفي قام به، وذلك بحسب قانون العقوبات المُعتمد من الاتحاد، كما حصل في المباراة التي اقيمت بعد 24 ساعة من مباراتنا بين ناديي المتحد وبيبلوس حيث طرد لاعبان على رغم أن تصرفهما كان اقل بكثير مما قاما به فلادان وبرانكو من تصرفات عنفية".
وختمت اللجنة بيانها بالقول: "أمام هذه الوقائع التي استعرضناها، نحمل اتحاد كرة السلة المسؤولية الكاملة طالبين منه تصحيح الأخطاء التي حصلت بحق فريقنا خلال هذه المباراة، التي شهدت أكبر مجزرة تحكيمية خلال هذه البطولة ان لم يكن خلال تاريخ اللعبة. ونطمئن من يدّعون صداقتنا، ان لا خوف على نادي الحكمة من مؤامرات أي كان، ما دام الله معنا، فمن علينا"؟


الاتحاد يفسد فرحة الحكمة بالفوْز
بدوره، قرّر الاتحاد اللبناني لكرة السلة في اجتماعه أمس الاثنين، إيقاف جمهور الحكمة في المباراة الرابعة التي يستضيفها يوم الخميس من الأسبوع الجاري أمام نادي التضامن، على خلفيّة الأحداث التي أعقبت المباراة الثانية في غزير، كذلك قرر أعضاء الاتحاد توسيع التحقيقات في شأن المزاعم حول قيام بعض لاعبي التضامن بإستفزاز جمهور الحكمة للبناء على الشيء مقتضاه.


خليل: جمهور الحكمة تعرض لفريق التضامن والله ستر إنو ربحنا
أكد مدير فريق التضامن طوني خليل في حديث إلى "النهار"، أن "الحركة التي قام بها ولدي جاد فور نهاية المباراة هي حركة غير نابية إطلاقاً، ويمكن إعادة المشهد مراراً وتكراراً عبر التسجيل الذي نشرته وسائل الاعلام للتأكد من ذلك"، مضيفاً أن "لاعب نادي الحكمة الأميركي تيريل ستوغلين تعرض للاعب مازن منيمنة بحركة غير رياضية إطلاقاً، كذلك حاول الاعب جو غطاس إصابة الصربي برانكو كفيتكوفيتش للحد من خطورته على أرض الملعب"، مشيراً إلى أن "هذه المباراة أظهرت مجزرة تحكيمية بحق فريق التضامن، أبرزها الخطأ الذي وقع فيه مراقب وحكام المباراة في طرد مدرب فريق الكسرواني من أرض الملعب خلال الدقائق الأخيرة من المواجهة الساخنة".


ولفت إلى أن "نادي الحكمة فاز على أرض فريق التضامن في مجمع نهاد نوفل، واحتفل في وسط الملعب، من دون أن يتعرض له أحد من الجماهير الحاضرة والتي كانت تواكب فريقها طوال الموسم. بينما فور انتهاء المباراة في ملعب غزير، أمطرت جماهير الحكمة أرض الملعب بعبوات المياه، ما أجبرنا على الانطلاق سريعاً نحو غرف المراحيض تفادياً من إصابة أحد لاعبينا"، مطالباً "الاتحاد اللبناني للعبة بأخذ الاجراءات الصارمة وفق القوانين المنوطة بها لمحاسبة المخالفين والخارجين عن القواعد والأحكام الرياضية".


واستغرب خليل "التهديد الذي توجه به مشجع جمهور الحكمة بشير هيكل إلى فريق التضامن في صفحته بموقع التواصل، حيث توعّد بتطويق الملعب ومنع الوسائل الاعلامية بنقل المباراة المقبلة التي ستقام على أرض ملعب غزير في حال تكررت أحداث مماثلة لما جرى يوم الجمعة الفائت"، رافضاً "اللعب في ملعب محايد في حال اقترح الاتحاد هذا الأمر، لأن من حق التضامن مواصلة مبارياته على أرضه وبحضور جماهيره".
وأعرب عن أمله في أن "تنتهي السلسلة بين الفريقيْن من دون العوائق التي شابتها في المواجهة السابقة"، واعداً بأن " لا يتعرض أحد من الجماهير إلى الجهاز الفني ولاعبي نادي الحكمة مهما كانت هوية الفائز"، سائلاً "لو فاز الحكمة على ملعب غزير الجمعة الماضي، هل كان سيقود هذه الحملة الإعلامية الضخمة والمبرجمة ضد فريق التضامن باعتباره منافساً شرساً على لقب البطولة"؟، كاشفاً عن أن "أحد المسؤولين في الحكمة أضاف في أحد المواقع الالكترونية المقرّبة من النادي، مقطعاً إلى بيان الحكمة يتهم فيه مدير فريق التضامن وعدداً من اللاعبين بتوجيه إشارات معيبة ونابية إلى جمهور فريق الأخضر، وذلك بطلب من رئيس نادي الحكمة مارون غالب".


حالة من الارباك والضياع تواكب القيّمين على اللعبة التي خطفت أنظار المراقبين في الوسط الرياضي، وسط أنباء عن عدم استكمال الدوري هذا العام في حال تصاعدت وتيرة التشنجات بين الفرق المتنافسة على اللقب. إذاً، هل ستستكمل مباريات كرة السلة هذا الموسم، أم سيفضي كل ما تقدمنا به وما تشهده الساحة السلوية إلى إصدار قرار من وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق بمنع حضور الجماهير إطلاقاً إلى أرض الملعب، على غرار ما حصل في السنوات الماضية، لتكون كرة السلة الأكثر شعبية في لبنان والتي رفعت علم الوطن بين عمالقة اللعبة آسيوياً ودولياً هي الخاسر الأكبر؟

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم