السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

"نوم الغزلان" للينا أبيض: فصول من الذلّ السوري

نداء عودة
"نوم الغزلان" للينا أبيض: فصول من الذلّ السوري
"نوم الغزلان" للينا أبيض: فصول من الذلّ السوري
A+ A-

ضايا الإنسان تشغل بال لينا أبيض في مسرحها، فتتوغل في عيني نازح هارب من الموت، كعينين تمتلآن خوفا وتصارعان حلم النوم بحرية. في أوطان تلاحق أحلام الحرية وتعتقلها، نسجت الفنانة أبيض من كتّاب وضعوا نصوصا تروي تجربتهم في سجون الرأي خطوطا وشخصيات فإذا بـ"نوم الغزلان" مسرحية تولد وتستعد للعرض من الرابع من نيسان إلى العاشر منه على مسرح "ايروين هول"، الجامعة اللبنانية - الأميركية.


■ ما الذي أوحى لك بـ"نوم الغزلان"؟
- هي جملة استفزت مشاعري حين قرأتها في كتاب "تقاطع نيران" للكاتبة سمر يزبك، الذي تروي فيه تجربتها مع الثورة السورية إذ تقول في مكان ما من الرواية إن خطاها تعثّرت فوقعت عيناها على إنسان ميت وعيناه شبه مفتوحتين، كما نوم الغزلان، لتستنتج أن كل شخص يعيش تحت نظام دكتاتوري استبدادي لا يستطيع أن ينام مرتاحاً، يلاحقه القلق والتعسف وسجون الرأي. فكّرت بالسوريين كملايين مبعثرين في الأرض، ساهرين على الثورة التي تحوّلت عن طبيعتها.
■ ذهبت إلى نصوص لكتاب آخرين، فماذا عن ذلك، وهل استفزك مشهد الطفل الغريق إيلان - نائماً كالغزلان - على الشاطئ؟
- ثمة أيضاً نص للكاتب فرج بيرقدار "تغريبتي في سجون المخابرات السورية - خيانات اللحظة والصمت"، ونصّ ياسين الحاج صالح "بالخلاص يا شباب"، كذلك ما كتبه صالح لزوجته المخطوفة وهي ناشطة حقوقية، أو رواية "قوقعة" لمصطفى خليفة. هناك صدى بين كل هذه النصوص. الطفل إيلان هو نتيجة للخوف والرعب والجموح الجنوني عند السوريين نحو البحر فـ"الغريق لا يخاف من البلل".
■ بناء على ما تقدم، كم يعنيك الوضع السوري؟
- الكثير. ثمة علاقة قوية بيني وبين سوريا، كنت أذهب لحضور أعمال مسرحية ومهرجانات، نسجت صداقات رائعة، وكثيراً ما حلمت وأنا في طريقي إلى دمشق أن أصل فأجلس في بيت تراثي أمام بحرة ماء وتحت شجرة نارنج أشرب قهوة. في دمشق روائح عطرية خاصّة جميلة وأناس عميقون وطيبون.
■ يستفزك أدب السجون كمسرحيتك عن كتاب نوال السعداوي "مذكراتي في سجن النساء". ما الصور القاسية التي دفعتك الى هذا العمل اليوم؟
- من "سجن النساء"، إلى نصّ فرج بيرقدار حيث لا تزال محفورة في ذاكرتي صورة من أقسى الصور التي طالعتني في حياتي، حيث أجبر السجان أحد السجناء على ابتلاع فأر، ردا على إضراب السجناء عن الطعام. وذات يوم قابلت سيدة سورية وأخبرتها أني أكتب نصّاً عن الشقاء السوري، فأجابتني "لا بل عن الذل السوري".
■ وما حكاية الحلم التي استفزتك؟
- في أحد نصوص فرج بيرقدار حلم "مازن أبو الحلم" أن انقلاباً حصل في البلاد، فروى الحلم لصديقه، الذي باح به تحت التعذيب، فاعتقل صاحب الحلم. هكذا هو حلم السوريين بالحرية.
■ هل يمكننا إسقاط إنسانيتنا التي عاشت الحرب الأهلية اللبنانية على مأساة السوريين؟
- هي التجربة الإنسانية نفسها مع القتل والخطف والسجن والتهجير. كنا نهرب إلى سوريا في الحرب كما يهرب السوريون إلينا اليوم.
■ كم باستطاعة الفن أن يخدم هذه القضية في نظرك؟
- أجد أن الفرد الذي يقبل على المسرح يملك أصلاً الاستعداد لاختبار أحاسيس إنسانية جديدة والتفاعل معها. في المسرح مجال للتغيير، ويهمني أن أحاول التأثير على المتلقي لتغييره.
■ رغم ثقل واقع النزوح على لبنان، ألا تجدين أن ثمة عنصرية موغلة تجاه النازح؟
- تاريخنا في لبنان مع العنصرية فظيع. إن لم يكن أمام الإنسان سوى النزوح هرباً من الموت فماذا في إمكانه أن يفعل؟ نحن أكثر الناس شعورا بويلات الحرب، وقد عانينا التعلّق بالحياة حين كنا نضطر الى التهجّر، لنعود فنعمر بيوتنا بعد تدميرها مرات عدة. لا ألوم شخصاً هرب من الذبح، الحياة ثمينة، وبين الحياة والموت اختار السوريون الحياة.
■ الممثلون تلاميذك، والفنانون الذين تأثروا بفنك ويعملون معك منذ سنوات كم آمنوا بالعمل وتفاعلوا معه؟
- ثمة نوستالجيا نعيشها جميعاً في العمل الذي يطرح واقع الهجرة الى ألمانيا، حيث نستمع إلى تجارب لم ترو قبلاً. نعود الى المهاجرين المنتظرين على الحدود، منهم من مات في البحر ومنهم من نجا، وإلى تجارب هؤلاء مع المهربين، هناك من أحرقوا أصابعهم حتى لا يبصموا في اليونان أملاً بالإنتقال إلى ألمانيا حيث قوانين هجرة، هناك مخيمات تركيا والزعتري، لكننا نعود في النهاية إلى آذار 2011 لنقول إن السوريين يعيشون هذا الكابوس لأنهم حينها طلبوا الحرية.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم