السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

أوروبا حلم ضاع من اللاجئين السوريين!

المصدر: "النهار"
أ.ق
أوروبا حلم ضاع من اللاجئين السوريين!
أوروبا حلم ضاع من اللاجئين السوريين!
A+ A-

"أخشى أن تكون أوروبا قد ضاعت منّا الآن" هذا ما يقوله جاسم الصالح أستاذ الرياضيات الســــوري، الذي هرب من #دمشق منذ أربعــة أشهر، والـــذي وجد نفسه عالقاً في اليونان في انتظار تهريب خطيبته إلى تركيا عبر الحدود مع سوريا، وعلى رغم أن خطيبتــه قد لحقـت به منذ أسبوع، بعد أن فشلت محاولتان سابقتان لتهريبها، فإن العروسين الجديدين ربما يكونان قد فقدا الفرصة التي كانا ينتظرانها.
هذه حكاية لاجىء واحد من عشرات الحكايات المأسوية المماثلة التي يرويها المراسلون الصحافيون عن الظروف الصعبة التي يعيشها اللاجئون الشرق اوسطيون في جزيرة ليسبوس اليونانية، حيث تحولت مراكز اللاجئين إلى معسكرات اعتقال ينتظرون فيها إجراءات ترحيلهم إلى تركيا بموجب الاتفاق بين الاتحاد الأوروبي وأنقرة.
ووصفت صحيفة "التايمس" البريطانية الحالة المزرية للاجئين في ليسبوس، حيث يتم احتجاز اللاجئين مثل الماشية على حدّ قول متطوّعة ألمانية في مركز موريا .
ويخضع مركز الإيواء لحراسة أمنية مشددة، إذ لا يسمح بدخوله لغير رجال الأمن والجيش اليوناني، بينما ترفض طلبات الصحافيين للدخول إليه ومعاينة الأوضاع داخله. كما يشهد المخيم يوميًّا مشاحنات وتضاربًا بالايدي بين السوريين والافغان لدى توزيع الاغذية او الاسرّة.
ونقلت الصحيفة عن بعض اللاجئين الموجودين داخل المركز، ومن بينهم صباح (19 عامًا) التي تقول نحن لا نفهم ما يحدث هنا، لسنا أحرارًا، ولا نعرف أي شيء .
وتروي اللاجئة الإيزيدية يسرا قصتها، حيث قطعت بحر إيجه برفقة صهرها نحو جزيرة ليسبوس اليونانية، آملة أن تكون نقطة انطلاق من أجل حياة جديدة، إلا أن الجزيرة تحوّلت الى سجن.
أما نبيل، وهو لاجئ باكستاني، فإنه يختبئ مع رفقاء له بالجزيرة ويرفض دخول مركز موريا وقد أشار بأصبعه إلى المركز قائلا لا أريد أن أكون هناك. سأختبئ داخل الغابات إلى أن يغيّروا القوانين. وإن لم أفعل ذلك، فسيعيدونني إلى بلدي حيث سأتعرّض للقتل .
وأقرّ قادة #الاتحاد_الأوروبي اتفاقًا مع أنقرة يقضي بإبعاد اللاجئين الجدد إلى تركيا مقابل الإسراع بإرسال المساعدات إليها، وإلغاء تأشيرات دخول الأتراك إلى القارة العجوز والانضمام إلى الاتحاد.
ويشير الشرطيون والمسؤولون الحكوميون والعاملون الإنسانيون الى أوضاع معلقة في جزيرة ليسبوس، المحطة الاولى في أوروبا للهجرة التي بدأت العام الماضي. والسبب هو تسرع أوروبا لتطبيق خطة معقدة مثيرة للجدل في نظر قانون اللجوء، بعد ايام من تبنيها.
وحذّر الناطق باسم المفوضية العليا للاجئين في ليسبوس بوريس شيشيركوف من ان تكدّس المهاجرين في موريا في ظروف معيشية صعبة "يولّد الاستياء والغضب".
وعلى غرار منظمات اخرى غير حكومية، علقت المفوضية العليا للاجئين بعض أنشطتها في موريا لتجنّب الظهور بمظهر من يغطي الاحتجاز داخل المخيم الذي يضم ايضا أطفالا وحوامل ومرضى.
وتحاول فرق المفوضية العليا تقديم معلومات للمهاجرين الذين لا يتلقّون من السلطات الا وثيقة عن اوضاعهم كمحتجزين، من دون التطرّق الى ايّ حق محتمل لهم باللجوء.
ولم يصل الى ليسبوس ايّ من العناصر الـ 2300 الموعودين في اطار تعزيزات أوروبية الى اليونان لدعم دائرة الهجرة اليونانية العاجزة عن التعامل مع هذه الاعداد.
ولم تبدأ اليونان ولا تركيا الاصلاحات التشريعية المطلوبة وفقا للاتحاد الأوروبي ليبقى الاتفاق ضمن أطر القانون الدولي.
ويعتبر رئيس بلدية ليسبوس سبيروس غالينوس ان الاتفاق التركي الأوروبي "غير عادل وغير منطقي". وقال: "على أوروبا حماية هؤلاء الاشخاص والا تتركهم يقعون في أيدي المهرّبين. كان يجب منذ البداية توزيع المهاجرين على الاتحاد الأوروبي انطلاقا من تركيا، ومن شأن ذلك ان يسمح ايضا بمراقبة دخول الجهاديين الى أوروبا بشكل افضل".
ويرى قانونيون في بريطانيا أن الاتفاق التركي الأوروبي ربما يكون الخطوة قبل الأخيرة باتجاه قطع الطريق على آلاف اللاجئين الذين يحلمون بالوصول لأوروبا التي يرون فيها الملاذ الآمن، في ظل معاناتهم القاسية في كثير من دول الجوار التي يخضعون فيها لقوانين مشددة في الإقامة والعمل.
وعبّر ناشطون سوريون عن مخاوفهم الحقيقية من تضييقات إضافية ربما تصل الى غلاق أبواب أوروبا في وجه اللاجئين تماما أو تقييد فترة إقامتهم. وتشير مصادقة محكمة العدل الأوروبية الأسبوع الماضي على قرار بإبعاد أحد طالبي اللجوء إلى بلد آمن ثالث، جنبا إلى جنب مع الاتفاق الأوروبي التركي الى تغير حقيقي في التعامل الأوروبي مع ملف اللاجئين.
وبحسب الاتفاق التركي الأوروبي، فستتمّ دراسة كل طلبات اللجوء المقدمة من اللاجئين السوريين الآتين من تركيا في اليونان، الأمر الذي يثبّط همم الأشخاص الذين يريدون الهروب عبر اليونان إلى أوروبا.
فعلاً فإن الموجة الكاسحة من المهاجرين، الذين كانوا ينتقلون في قوارب مطاط رخيصة من تركيا إلى الجزر اليونانية عبر بحر إيجه، تحولت ما بين عشية وضحاها، إلى مجرد "مويجة" ضعيفة. ففي حين كان الآلاف يصلون إلى الشواطئ اليونانية يومياً آتين من تركيا، فإن عددهم اليوم لا يتجاوز المئات، وفي بعض الأيام أقل من ذلك، وهو ما يمثل مؤشراً، على أن أكبر موجة هجرة في القرن الحادي والعشرين قد بدأت في التباطؤ، أو أن المهاجرين قد غيّروا مسارهم بعدما رفعت دول أوروبا، حواجز جديدة امامهم.
وفي الحي السوري من مدينة أزمير، الذي كان يعجّ في السابق بالمهاجرين الذين يتسوّقون لشراء حوائجهم، بدت الفنادق الرخيصة خاوية تماماً، كما لم يعد أحد ينام في ساحات المساجد، أو في الحدائق العامة بالحيّ. يقول طالبو اللجوء السوريون والمهرّبون الذين يخدمونهم على الساحل التركي، إن الكثير من المهاجرين يشعرون بالقلق خوفاً من تنفيذ الاتحاد الأوروبي لوعده بوقف عمليات تهريب البشر، وإعادة اللاجئين من الجزر اليونانية، إلى الأماكن التي انطلقوا منها. وكان ذلك قبل الهجمات الانتحارية في بروكسيل، والتي ضاعفت دون أدنى شك من عزم الحكومات الأوروبية على المضي قدماً فيما كانت قد قرّرته.
وإزاء ذلك بدأ مهرّبو البشر وتجار الترحيل بالبحث عن مسارات جديدة لإيصال اللاجئين الى أوروبا، ويهمس بعضهم إن السفر الى رومانيا عبر البحر الأسود ربما يكون أحد الخيارات. ومع ذلك، فإن الشيء المؤكّد أن أوروبا بالنسبة إلى كثير من المهاجرين السوريين في تركيا، والبالغ عددهم 3 ملايين مهاجر، قد باتت بعيدة كل البعد الآن.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم