الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

التمديد للمجالس البلدية... نتيجة حتمية لواقع مجنون؟

المصدر: "النهار"
منال شعيا
منال شعيا
التمديد للمجالس البلدية... نتيجة حتمية لواقع مجنون؟
التمديد للمجالس البلدية... نتيجة حتمية لواقع مجنون؟
A+ A-

"وضع مجنون". هكذا يختصر النائب السابق صلاح حنين الواقع السياسي. هو الخبير الدستوري الذي يعي حجم تهاوي المؤسسات، الواحدة تلو الاخرى. فلا رئيس للجمهورية منذ نحو عامين، ولا انتخابات نيابية جرت في موعدها، بل مجلس نواب مدّد لنفسه، وبالكاد حكومة تجتمع وتتخذ القرارات... وتنفذّها.
اما البدعة الجديدة فهي ما بات يرّوج له في الكواليس، من تمديد للمجالس البلدية، فالاستحقاق الذي يحين وقته بعد اقل من شهرين، لا يزال مهددا، وسط عدم دعوة الهيئات الناخبة بعد. فاذا كانت البلديات هي اخر الاستحقاقات المنتخبة والتي تمارس دورها كما يفترض، كيف يمكن الحديث عن تمديد لها، في وقت بتنا دولة بلا شرعية.
يعلّق حنين: " اولا، من غير الشرعي وغير القانوني التمديد للمجالس البلدية، وسبق للجنة دستورية ان دافعت بشراسة عن هذا الامر. لانه في المبدأ القانوني، من الممنوع ان يمدّد لمجلس منتخب. تماما، كما هو الحال بالنسبة الى مجلس النواب".
ويقول حنين لـ"النهار": " في الواقع، اننا نعيش في واقع بعيد كل البعد من الواقع القانوني والدستوري، فمجلس النواب مثلا لا يحق له اليوم التشريع او المناقشة، هو حاليا هيئة انتخابية فقط، لا تشرّع ولا تناقش، وعلى الرغم من ان المجلس شرّع عددا من القوانين الحالية، فانه لم يكن في وضع شرعي او دستوري. من هنا، لا اوافق القول ان ثمة حلا قانونيا او اطارا قانونيا يمكن ان يتخذه مجلس النواب للتمديد للمجالس البلدية".
في الاساس، ليس في أدراج مجلس النواب حاليا اي مشروع قانون او اقتراح يقضي بالتمديد للبلديات، ووفق حنين، فان اي تمديد يكون خلافا للدستور، ويمكن للمجلس الدستوري، هذا اذا اراد القيام بدوره، الطعن به جملة وتفصيلا.
لا يزال حنين يصرّ على ان للقانون هيبة، وان المجالس المنتخبة كالبلديات ومجلس النواب، تتمتع بوكالة تكون مقرونة بفترة محددة، تماما كما مجلس النواب بولاية من اربع سنوات، والبلديات بولاية من ست سنوات، وبالتالي هذه الوكالة تتجدّد فقط بالانتخاب، عند انقضاء مهلتها، لا بالتمديد.
يأسف حنين الى "اننا بتنا في مؤسسة غير شرعية لا تعمل ضمن الاصول، اذ لا ضوابط دستورية، واذا مددنا للمجالس البلدية نكون كمن قضى على اخر عقدة في الحلقة المتكاملة، من رئاسة الجمهورية الفارغة، الى مجلس النواب الممدد، وصولا الى حكومة مترّنحة. بالفعل، نكون قد ضربنا الحلقة كلّها".
امام هذا المشهد، فان بداية المعالجة تكون من انتخاب رئيس، الى اجراء انتخابات نيابية سريعة خلال فترة ثلاثة اشهر، تمهيدا لتشكيل حكومة متجانسة، تحوز ثقة المجلس الجديد. هكذا فقط، يعاد الوضع الطبيعي الى واقع مجنون، فرّغ من محتواه وشلّت كل مرافقه.
والمفارقة ان كارثة النفايات "نجحت" في فضح الكثير من العجز والفشل في تركيبة الدولة، ليس كسلطة تنفيذية فقط انما كبلديات سرعان ما تخبطت بأزمتها، وكادت ان تغرق فيها، باستثناء قلة قليلة سارعت على ايجاد حل منطقي وعلمي. من هنا، فاذا كنا نريد التعلّم من تجربة الزبالة، فان اول الغيث ينبغي ان يكون باجراء انتخابات بلدية سليمة، تأتي بالشخص المناسب في المكان المناسب، لا بمزيد من اصحاب الرأسمال المرتهنين للسياسيين، او بمن يتجاهلون القانون صبحا ومساء، او من " الجائعين" الذين يريدون الانتفاع على حساب ابناء بلدتهم... فتكون اخر معاقل الدولة قد سقطت، وبتنا دولة بلا هيكلية.


 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم