الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

معرض - فاطمة الحاج في "غاليري ألوان" تدهشنا حقاً وتحرّرنا

لور غريّب
معرض - فاطمة الحاج في "غاليري ألوان" تدهشنا حقاً وتحرّرنا
معرض - فاطمة الحاج في "غاليري ألوان" تدهشنا حقاً وتحرّرنا
A+ A-

يرتبط اسم الرسامة فاطمة الحاج عندي بالألوان وأقواس القزح والشموس الشرق والسهول والجبال والمياه التي تتغلغل في قلب التربة وتحولها الى مشاهد خلابة فيها الكثير من الشاعرية وقد أقول الحنان الذي يشبه انحناءة الام فوق رضيعها لينمو ويكبر ولا يشيخ لأنه رمز الحياة الممتدة الى اللانهاية. لا أريد أن أكتب شعراً بل أنقل الانطباع الأول لي في مقاربة لأعمال فاطمة الحاج اللافتة في معرضها بـ"غاليري ألوان"، صيفي فيلدج، الذي يستمر إلى الرابع والعشرين من آذار.


تتحرر اللوحات من تجربة العودة الى الانطباعيات والسرديات في الحركة والشكل والواقعية، بل تتخطى كل المطبات وتسير بخفة نحو التجريدية المبسطة، لكن من دون أن تجعلها مساحات ومسطحات وتعاريج خالية من التصور المنطقي لما هو مستمد من مشاهدات طبيعية، تمزجها بخبرة وترميها على القماشة وتختزل مساحاتها فتضيف احيانا ظلالا او خيالات تخبر عن حياة ما. فهي لا تتوقف عند التشابهات والايحاءات بل تلمح الى ان ثمة ثلوجاً وعواصف خفيفة عبرت في مكان ما، وهي بالكاد تتذكرها في حركات صغيرة ومباغتة لتتفادى السردية اللونية والخطوطية.
ما أعجبني في اللوحات السبع والثلاثين المعروضة، ذلك التقسيم اللين والمتمايل للتتابع في الالوان ولتنقيطاتها وشحطاتها وفجواتها، من دون ان تكسر الشاعرية المنسابة من صبغة الى صبغة ومن تموج الى تموج. تمر احيانا اشباح بين الالوان فيغمق المشهد، غير ان فاطمة الحاج باتت محنكة في تنقلاتها على قماشتها مما يبعد عن الاجواء الشعور بالثقل اللوني او بالتركيز المعجق على حركة ما قد تزعج العين، إذا بالغت في تمددها عشوائيا او مجانا.
يضاف الى هذا كله، وعيٌ مرهف تتمتع به الفنانة وخصوصاً عندما تتحول لوحتها من السردية الانطباعية والتعبيرية احيانا الى التجريدية الشكلية التي تذكّرنا بالفنان اللبناني الكبير الراحل شفيق عبود، لكن من دون أن تقع فاطمة الحاج في تجربة التأثر المباشر.
تتنقل الفنانة بين الوان لبنان وتتلاعب بكل سنتيمتر في لوحتها فتتفنن في التدرجات المتتالية التي تحفظ الواجهة البصرية للمساحة، مع تموجات صغيرة واشارات منمنمة ورموز غامضة تجعل لوحاتها كلها ضامنة للتنوع التدرجي للملوانة فتجيء في غالبيتها منسجمة مع طموحات تطهيرية لمشحات او تكتلات قليلة تصون التماسك اللوني الذي يتنقل من الفاتح الى الخامق وبالعكس، ويظهر اللوحات كحدائق لا بداية لها ولا نهاية.
معرض فاطمة الحاج يستحق فعلا المشاهدة. انه يضيف الى ايامنا السوداء بعضاً من أحلام أطفال يرفضون أن يشيخوا!


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم