الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

جيل جديد شاب من حكام الخليج....ما هي أولوياته؟

المصدر: "النهار"
جيل جديد شاب من حكام الخليج....ما هي أولوياته؟
جيل جديد شاب من حكام الخليج....ما هي أولوياته؟
A+ A-

دأبت #دول_الخليج في الاونة الاخيرة على تكليف شباب مناصب حساسة في خطوة غير مألوفة في منطقة اعتادت حكاماً ثمانينيين وسبعينيين في احسن الاحوال، غيّرت الصورة النمطية في السعودية وقطر والامارات خصوصا ، مثيرة تساؤلات عما يمكن أن يغيره هذا الجيل الجديد من "الحكام" في مجتمعات محافظة.


مبادرة رئيس الوزراء الاماراتي حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم أخيرا استحوذت اهتمام شباب عرب غزا وسائل التواصل الاجتماعي بتغريدات تمنى فيها بعضهم أن يكونوا اماراتيين فيما تحسّر آخرون ، بمن فيهم لبنانيون، على أحلامهم التي لم تعد تتجاوز رفع النفايات من شوارع بيروت مثلا.
محمد بن راشد عين ثمانية وزراء اماراتيين معدل أعمارهم 38 سنة، وأصغرهم امرأة في الثانية والعشرين لوزارة الشباب.وقبله، عين أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، محمد بن عبد الرحمن ، وهو في الخامسة والثلاثين، وزيرا للخارجية.


وكان تميم نفسه تسلم السلطة عام 2013، وهو في الثالثة والثلاثين، إثر تنازل والده الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني له عن المنصب، ليصير أصغر الحكام العرب ‏سناً، بفارق أكثر من 15 عاماً عن أصغر من يكبره من الزعماء العرب وعقود عن أكبرهم .‏


بدوره، حسم تعيين الملك سلمان بن عبدالعزيز محمد بن نايف وليا لولي العهد بعيد تسلمه الحكم في كانون الثاني 2015، الانتقال الى الجيل الثاني في العائلة.وتكرست هذه الخطوة مع تعيينه لهذا الامير الخمسيني لاحقا ولياً للعهد وتسمية ابنه الأمير محمد بن سلمان، وهو في مطلع الثلاثينات، وليا لولي العهد، اضافة الى منصبه وزيراً لدفاع أكبر مؤسسة عسكرية خليجية ورئيسا لمجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية.
الامير محمد بن سلمان بات يلقب "الرجل القوي" في السعودية. هو يعتبر على نطاق واسع مهندس التدخل السعودي العسكري في االيمن.وقد أعلن سلسلة اصلاحات اقتصادية ضخمة من شأنها إعادة تشكيل اقتصاد البلاد لمواجهة هبوط أسعار النفط في ما سيكون أكبر تغيير للسياسة الاقتصادية للمملكة.
وفي كانون الاول الماضي، أطل بنفسه ليُعلن تشكيل التحالف الإسلامي العسكري.


وليس بعيدا من هذا السياق، اختارت سفيرها في واشنطن عادل الجبير خلفاً لسعود الفيصل، مهندس ديبلوماسية المملكة.
في الامارات وقطر والسعودية، تتسلم وجوه شابة مراكز قرار في خطوة لم تعهدها الدول الثلاث، وقد تؤسس لمرحلة جديدة اجتماعية واقتصادية وسياسية.
الباحثان في مؤسسة"راند" بيكا واسر وجيف مارتيني رصدا التحولات في منطقة الخليج بعد سنوات من الزعماء الثمانينيين، والاثار المحتملة لتبدل وجوه القيادة الخيليجية التي تصير أكثر شباباً.فمع أن أكثر الملوك ورؤساء الدول كبار في السن، ولت في رأيهما الايام التي كان المسنون يحتكرون فيها القيادة في كل الميادين، وصار مألوفاً تعيين ولي عهد أو وزراء رئيسيين في الاربعينيات أو الخمسينات.


في الرصد ، يقول الباحثان إن بين الوزراء الجدد العديد من التكنوقراط الذين يتبنون نهجا تحليليا للسياسة العامة. وأولياء العهد ، الذين هم جميعهم باستثناء واحد في الخامسة والخمسين وما دون، يحملون وجهات نظر مختلفة في السياسة الإقليمية والدولية مقارنة بأسلافهم. فقد عايش هؤلاء ذكرى غزو الكويت مطلع التسعينيات والحرب الخليجية التي تلتها. وبعضهم ،بما فيهم نائب ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أمضى سنوات من أعمارهم داخل المنطقة أكثر من نظرائهم الأكبر سنا، الذين أمضوا سنوات في الخارج. وبين الزعماء الجدد الذين درسوا في الخارج، قصد كثيرون منهم جامعات في الولايات المتحدة بدل العادات السابقة من الدراسة في القاهرة ولندن وباريس.


سوريا


مطلع الالفية الجديدة، عندما تسلم الرئيس السوري بشار الاسد الحكم خلفا لوالده ، علّقت آمال كبيرة على "طبيب العيون الشاب" الذي درس في لندن ووصفه الغرب بأنه "اصلاحي".وحتى الاشهر الاولى من الانتفاضة السورية كان الغرب يتوقع تجاوبا منه مع المطالب الشعبية بالتغيير. ففي آذار 2011، قالت وزيرة الخارجية في حينه هيلاري كلينتون على برنامج تلفزيوني أن "ثمة زعيما مختلفا في سوريا.العديد من أعضاء الكونغرس من كلا الحزبين الذين زاروا سوريا في الاشهر الاخيرة،قالوا إنهم يعتقدون أنه إصلاحي".


في الواقع شدد الاسد القبضة الحديد على الحكم، وأجرى اصلاحات اقتصادية خجولة .وعندما انتفض الشعب على حكمه للمطالبة باصلاح حقيقي ، لم يتوان عن استخدام العنف لقمع انتفاضة شعبية سلمية وتحويلها حربا هي الاكثر دموية منذ عقود.
أستاذ العلوم السياسية الاماراتي عبدالخالق عبدالله يرفض المقارنة بين التجربتين السورية والخليجية. ففي رأيه أن التجربة الخليجية مختلفة تماماً. ويقول ل"النهار":"انها حالة خاصة... القادة الخليجيون لم يأتوا بقرارات مخالفة للدساتير ".
ما يحصل في دول الخليج في رأيه، تحوّل مهم جداً على المستوى القيادي و"انتقال من جيل الى جيل له تطلعاته وقد يؤسس لمرحلة جديدة اجتماعية واقتصادية".أما شكل هذه المرحلة وطبيعتها، فهي مسألة تحتاج في نظر عبدالله الى الرصد والمتابعة.
من الطبيعي أن تستأثر هذه المرحلة باهتمام مراكز الابحاث وصانعي القرار في الغرب في محاولة لرصد التغيرات الجديدة وانعكاساتها على السياسات في الخليج. الا أن الباحثين الاميركيين بيكا واسر وجيف مارتيني يبدوان حذرين لجهة وجوب عدم الخلط بين قضية الشباب والخبرة وبين قضية الإصلاح السياسي.


النظام الوراثي


يلفت الباحثان الى ضغوط النظام الوراثي، وأنه في ديناميات السلطة الأسرية، تكون القيادات الشابة قلقة من الخلف المنافس بقدر قلقها من الجمهور المضطرب. كما يعترفان بأن السلالات بيئات معادية للإصلاح السياسي ، وأن الزعماء لا يستطيعون القيام بتغييرات هيكلية في النظام السياسي تجرد الأسر الحاكمة من بعض نفوذها من دون أن يكونوا معرضين للإطاحة .
ومع ذلك، من الطبيعي أن يلجأ المعينون الشباب الى تسمية معاصريهم لمناصب رئيسية ولكن بعد توطيد سلطتهم .وهذا ما حصل مع الشيخ تميم الذي أجرى بعد سنتين ونصف سنة من تسلمه منصبه، إصلاحات جذرية في حكومته عين بموجبها مساعدين جددا له، ثلاثة منهم دون سن الـ45 عاما.


ديموقراطية العراق والانتفاضات العربية


والى القيود الاسرية، ليس واضحا بعد ما اذا كانت التجارب التي شهدها العالم العربي منذ حرب العراق كفيلة تشجيع الجيل الجديد من حكام الخليج على اعتناق الديموقراطية .فتجربة الديموقراطية في العراق بعد اطاحة نظام صدام حسين ليست نموذجية، فيما لم تعرف الدول التي شهدت منذ 2010 انتفاضات مطالبة بالحرية والاصلاح استقرارا سياسيا.هذا ناهيك عن تحول بعضها حروبا دامية كما هي الحال في سوريا وليبيا.
في تقدير الباحثين الاميركيين أن الجيل الجديد من زعماء الخليج سيتبنى نموذجا بديلا وهو الحكم الرشيد الذي يركز خصوصاً على تقديم الخدمات العامة على نحو فعال، وتحسين نماذج الإدارة العامة لبلادهم ومتابعة الإصلاحات الاقتصادية التي تضمن الازدهار على المدى الطويل داخل دول مجلس التعاون الخليجي.


زخم عسكري


الثابت حتى الان هو الزخم العسكري الجديد في الخليج في ظل القيادات الجديدة. فالى السياسة الخارجية الجديدة التي دشنها الملك سلمان بخفض التوتر داخل مجلس التعاون الخليجي، وخصوصا مع قطر، وتراجع المواجهة مع "الاخوان المسلمين" في سلم الاولويات، دشنت "عاصفة الحزم" توجها عسكريا جديدا للسعودية تلاها اعلان تأليف "التحالف العسكري الاسلامي" وصولا اخيرا الى ابداء السعودية استعدادها لارسال قوات برية الى سوريا للمشاركة في الحرب على "داعش" واعلانها استضافة منازرات "رعد الشمال" بمشاركة 20 دولة عربية واخليجية واسلامية.
"عاصفة الحزم" شكلت تحولا كبيرا في الاستراتيجية العسكرية للمملكة.وقد شاركت فيها شخصيات شبابية من دول الخليج ، بمن فيهم أبناء ملوك وأمراء دول التحالف العربي المشاركة.


ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ظهر في اليوم الأول من غرفة العمليات كقائد للعملية مع دول التحالف.و أعلن ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة مشاركة نجليه الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة والشيخ خالد بن حمد آل خليفة في مهمات قوات التحالف العربي للدفاع عن "الشرعية" في اليمن.
ولم تقتصر مشاركة الإمارات على توفير معدات حديثة ومتطورة لتأمين مطار عدن الدولي وغيره، بل دفعت اليها شخصيات بارزة. وتداولت مواقع التواصل الاجتماعي صورة ولي عهد إمارة رأس الخيمة الشيخ محمد بن سعود بن صقر القاسمي في اليمن.وظهر إلى جانبه ذياب بن محمد بن زايد ال نهيان ابن ولي عهد أبوظبي، ببدلته العسكرية.


لا شك في أن النفوذ الايراني في المنطقة ، وخصوصا التوقعات بزيادة طموحات الجمهورية الاسلامية بعد انهاء عزلتها عقب الاتفاق النووي بينها وبين الغرب من الدوافع الرئيسية للزخم العسكري الخليجي الجديد، الا أنه يعكس ايضا بحسب المحللين الاميركيين تطلعات الجيل الجديد الى تنويع التعاون الأمني لتفادي الإفراط في الاعتماد على الولايات المتحدة بوصفها الضامن الأوحد. وفي رأيهما أن التزام الإمارات التنمية العسكرية هو أكثر من مجرد توجه عابر، و"هو ما رأيناه أيضا في نظام التجنيد الذي تم اعتماده مؤخرا، وهي الخطوة التي اتخذها الشيخ تميم بدوره في قطر".
في الخلاصة، يدعو الباحثان صانعي السياسة في الغرب الى تجاوز الصورة النمطية للقيادة الخليجية. وإذ يستثمر الزعماء الخليجيون الجدد في الحكومة الإلكترونية، وتطوير القطاع الخاص، ومبادرات الابتكار، سيكون لدى واشنطن خيارات أكبر في التعامل مع القوى الإقليمية.


[email protected]
twitter:@monalisaf


 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم