الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

"يا طير الطاير" حكاية طموح

المصدر: "دليل النهار"
جوزفين حبشي
"يا طير الطاير" حكاية طموح
"يا طير الطاير" حكاية طموح
A+ A-

الاصوات الجميلة كثيرة. لكن عندما يعزف الصوت الجميل على وتر وجع شعب ومعاناته، ويصبح الناطق باسم القضية الفلسطينية من جهة، والحلم الذي يتحقق رغم كل العراقيل والمصاعب والتحديات من جهة اخرى، يحلق صاحب الصوت عالياً ويطير نحو آفاق النجاح والشهرة.
هذا ما حصل مع ابن غزّة محمد عساف الذي نقل الى العالم العربي كله قضية شعبه الفلسطيني، من خلال مشاركته في برنامج Arab Idole وفوزه بلقب "محبوب العرب" في موسمه الثاني. وهذا ما حاول التركيز عليه فيلم "يا طير الطاير" للمخرج وكاتب السيناريو الفلسطيني الشهير هاني ابو اسعد المرشّح مرّتين في السابق لنيل جائزة الاوسكار عن شريطيه "الجنة الآن و"عمر"، والحائز جائزة الغولدن غلوب عن فيلم Paradise Now.


لقد سعى الفيلم ومخرجه الى استخدام نجاح شاب في مقتبل العمر (لديه قاعدة جماهرية كبيرة صحيح لكن مسيرته الفنية لا تزال في بدايتها وقصته مؤثرة لكنها ليست مبهرة او استثنائية) لتسليط الضوء على الوضع في غزة تحديدا وفلسطين عموماً، واظهار اهمية الكفاح من اجل الحرية والايمان من اجل تحقيق الاهداف. لكن المفاجأة أن المخرج الشهير والموهوب، قدم الوضع الغزاوي والفلسطيني بشكل سطحي، مع صورة نمطية وكثير من الكليشيهات، فتحوّل الفيلم من القضية الفلسطينية الى قضية فتى يغرق في مشاكله الاقتصادية والاجتماعية والشخصية والنفسية، ويحاول تحقيق حلمه بالغناء والخروج من افقه الضيق. قضية تذكرنا بافلام اخرى مستوحاة من قصص واقعية وهي دائماً محط تقدير الجمهور، لقدرتها على جعله يتفاعل معها، ويتماهى مع بعض محطاتها، ويتفاءل ويسعى الى تحقيق احلامه بدوره. ومن هذه الافلام One Chance للمخرج دايفيد فرانكل الذي استعاد سيرة بول بوتس الشغوف بغناء الاوبرا الذي واجه اخفاقات وعراقيل كثيرة قبل ان يشارك في برنامج Britain's Got Talentويحقق النجاح والشهرة العالميين. واذا ركزنا على كون فيلم "يا طير الطاير" يقدم قصة طموح وحلم شخصي يتحقق بعيدا عن الابعاد الوطنية، فإنه مقبول في عرضه سيرة محمد عساف المقدمة مع كثير من التصرّف.


مؤثر حيناً وطريف ومضحك احيانا اخرى، رغم بداية متعثرة بسبب مجموعة اولاد جسدوا ادوار محمد عساف وشقيقته المريضة المشاغبة واصدقائه الذين شكلوا معه اول فرقة غناء في الافراح الشعبية في قطاع غزّة. هؤلاء الممثلون الصغار، رغم ظرفهم، نطقوا بحوارات بعيدة عن الواقعية، تكثر فيها الكليشيهات عن الوطن والطموح والرغبة في الانطلاق، باسلوب لا يخرج عادة من فم الاولاد. ويكمل الشريط مشواره، فيكبر الصغير محمد ليصبح شابا يائسا بعد موت حلمه مع موت اخته وغرقه في بحر مشكلات شخصية واجتماعية وامنية. لكن امله يوصله الى جلسات اختيار المشاركين في برنامج "أراب أيدول" في مصر من خلال مغامرة تشبه مغامرات افلام "المهمة مستحيلة"، والفوز تاليا باللقب، ليتحوّل رمز أمل للشعب الفلسطيني والعربي كله.
انها قصة طموح واصرار على تحدي العراقيل المحلية الضيقة والفقر والمرض والذل والصعوبات وصولاً إلى النجومية والشهرة العربية، تقدمها مجموعة من الممثلين باداءات متوسطة، تفاجئنا خلالها المخرجة والممثلة اللبنانية العالمية نادين لبكي التي قررت حتما المشاركة لأن الفيلم لهاني ابو اسعد، وليس لأهمية الدور... شريط يجعلنا نتعرّف اكثر ونتعاطف اكثر مع هذه الظاهرة التي اسمها "محمد عساف"، وخصوصا بعد كل ما عاناه، وتحديدا المسؤولية الضاغطة التي شعر بها بعدما تحوّل ناقل معاناة الشعب الفلسطيني، وكاد ينهار خوفاً من ان يخذل الصورة الايقونية التي بناها له شعبه، بينما هو في الحقيقة مجرد شاب يحلم بالغناء لتغيير واقعه البسيط فقط لا غير.


الفيلم ابتداء من الخميس 18 شباط في صالات غراند وامپير و فوكس.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم