السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

"صمت النجف" يقلق الكتل السياسية العبادي خائف ويسعى لإرضاء المرجعية

المصدر: "النهار" – بغداد
فاضل النشمي
"صمت النجف" يقلق الكتل السياسية العبادي خائف ويسعى لإرضاء المرجعية
"صمت النجف" يقلق الكتل السياسية العبادي خائف ويسعى لإرضاء المرجعية
A+ A-

اذا كانت مرجعية النجف اعلنت الجمعة قبل الماضية بوضوح تام، انها لن تدلي بآرائها في الشأن السياسي، الا فيما يستجد من الامور، فإن الغموض ما زال يحيط بتفسير ذلك القرار، خاصة بالنسبة للفئات البعيدة عن صناعة القرار. اذ يرى عدد غير قليل من المراقبين، ان القرار يصب في اطار الاحتجاج على الاداء الحكومي من جهة، وعلى أداء الكتل السياسية المختلفة من جهة اخرى، لجهة عجزهما في إصلاح امور البلاد الآخذة بالتفاقم. لكن البعض يخمّن الى ان القرار يأتي ربما، في اطار التمهيد لإجراءات وأحداث مفصلية مقبلة على مستوى ادارة الدولة وتغيير وجوه قادتها. على ان الاحزاب والتيارات السياسية التي استهدفتها رسالة المرجعية الاولى ادركت ربما حجم الغضب وعدم رضا النجف عن أدائها، خاصة مع الاشارة اللاحقة التي لوحت بها المرجعية الدينية، حيث عمد ممثلها في محافظة كربلاء الشيخ عبد المهدي الكربلائي، بعد يوم واحد من تعليق الخطبة السياسية في خطبة الجمعة، الى الظهور العلني وهو يقوم بـ"كنس" النفايات في احد احياء المدنية. في دلالة واضحة على الرغبة بـ"كنس الجماعة السياسية التي دمرت البلاد" على حد تعبير مصدر مقرب من مرجعية النجف.


ولعل اول من تلقى إشارات النجف الاخيرة، هو رئيس الوزراء حيدر العبادي الذي حظى بدعم غير مسبوق من النجف عشية تسلم منصب رئاسة الوزراء في ايلول 2014. ويبدو انه ادرك ضمنا ان إشارات النجف تستهدفه اكثر من غيره لجهة تردّده في اتخاذ القرارات الحاسمة التي تسهم في توجيه قاطرة البلاد الى مسارها الصحيح، وتقول بعض المصادر، ان المرجعية قالت صراحة لمبعوث العبادي ان "صاحبك لا يصلح لإدارة البلد"، لذلك عمد العبادي الى القاء خطبة مقتضبة قبل سفره الى ايطاليا وألمانيا الاسبوع الماضي، طالب فيها الكتل السياسية بإجراء تعديل وزاري وتشكيل حكومة تكنوقراط. الامر الذي فسره كثيرون على انه محاولة من العبادي لامتصاص نقمة مرجعية النجف، عبر رمي كرة الاصلاحات في ملعب الكتل السياسية، وتاليا الإيحاء للنجف، بأن من يحول دون الاصلاحات هي الكتل السياسية وليس رئيس الوزراء.
زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر التقط هو الآخر، إشارات مرجعية النجف وطرح مطلع الاسبوع مشروع اصلاحات تفصيلية شملت السياسة والاقتصاد والأمن.
ولعل اجتماع رئيس الوزراء العبادي يوم امس، برؤساء الكتل داخل التحالف الوطني الشيعي، يمثل آخر استجابة لرسائل مرجعية النجف. وتشير المصادر الى ان الاجتماع كان "عاصفا" وشهد خلافات كبيرة بين مكونات التحالف الوطني على طريقة اجراء الاصلاحات وتأليف حكومة التكنوقراط المرتقبة التي طالب بها رئيس الوزراء حيدر العبادي. وتتمحور بعض الاعتراضات حول عدم "استشارة" العبادي لمكونات التحالف بشأن عملية التغيير المحتملة. حتى ان كتلة المواطن التابعة للمجلس الاسلامي الاعلى، اشترطت ان تشمل عملية التغيير منصب رئيس الوزراء ايضا.
مراقبون للشأن السياسي يرون، ان الحديث عن حكومة التكنوقراط لا معنى له في ظل هيمنة الجماعات السياسية المختلفة على المشهد السياسي وهي لا تسمح بأيّ تغيير يصبّ خارج مصالحها الخاصة، وسيكون من المستحيل قبولها بحكومة غير ممثلة فيها. ويرون ان طموحات رئيس الوزراء حيدر العبادي في التغيير أكبر من "قدرته على اتخاذ القرارات الحاسمة والمناسبة" خاصة بعد إخفاقه في استثمار دعم مرجعية النجف وموجة الاحتجاجات الشعبية التي انطلقت في تموز 2015.
لكن مجمل التحركات الاخيرة، سواء المتعلقة بحوزة النجف، او الكتل السياسية، توحي بأن ثمة متغيرات مقبلة في افق السياسية العراقية، حتى ان هناك من يتحدث، عن اتفاق ضمني اطرافه النجف وايران والولايات المتحدة الاميركية، يهدف إلى إخراج حيدر العبادي من رئاسة الوزراء، وتسليمها الى واحد من ثلاثة اشخاص، هما زعيم القائمة الوطنية اياد علاوي، او وزير الامن الوطني فالح الفياض، او وزير التخطيط السابق عن التيار الصدري علي شكري. ويخمّن كثيرون، ان أيّ تغيير غير مدعوم من قبل مرجعية النجف وايران والولايات الاميركية المتحدة لن يكون تغييرا جذريا، ولن يتجاوز عملية تدوير للوجوه السياسية ذاتها التي هيمنت على المشهد العراقي منذ سنوات وتسبّبت في خرابه.


 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم