الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

مشهدية "14 شباط" في البيال تنتهي بصورة موحِّدة لـ"14 آذار"

محمد نمر
مشهدية "14 شباط" في البيال تنتهي بصورة موحِّدة لـ"14 آذار"
مشهدية "14 شباط" في البيال تنتهي بصورة موحِّدة لـ"14 آذار"
A+ A-

فرض حضور الرئيس سعد الحريري إلى بيروت ومشاركته في الذكرى الـ11 لاستشهاد والده الرئيس سعد الحريري مشهدية مفاجئة أعادت الأمل إلى جمهور قوى 14 آذار باستعادة حضورها ودورها الوطني. وتوافد ألوف المحازبين والأنصار إلى مجمع "البيال". وسط اجراءات أمنية مشددة كان محورها فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي. وفاضت القاعة المتشحة بالأزرق والتي تتسع لنحو 4500 كرسي بالمدعوين، وجدرانها المزينة بصور شهداء "14 آذار" التفت حول منصة حملت شعار الاحتفال "الحق معك... واليوم أكثر" يتوسط شاشتين عملاقتين.


أنظار الحضور كانت مركزة على بوابة دخول الشخصيات، وسجلوا حضور وزراء ونواب وسفراء وشخصيات دينية وسياسية وقيادات أحزاب 14 آذار، وكان التصفيق مدوياً مع وصول رئيس حزب "القوات" سمير جعجع، لتكتمل الصورة أخيراً بدخول الحريري ورحلة مصافحة وتقبيل للجالسين في الصف الأول، واشتدت الأعصاب مع اقترابه من جعجع فحصل الحضور على رغبتهم في رؤية الزعيمين يتبادلان القبل، وهدية أخرى باحتضان حار مع وزير العدل أشرف ريفي.
في الرئاسة، حمل الحريري سلاح الصراحة والجرأة، ووجهاً لوجه أمام جمهور "14 آذار"، موضحاً سبب "الحوار" مع رئيس "تيار المردة" سليمان فرنجية، واضعاً انسحاب جعجع وترشيح "القوات" للنائب العماد ميشال عون ضمن خانة "الحق الديموقراطي"، لكنه توجه إلى جعجع قائلاً عن المصالحة: "يا ريتك عملتها من زمان".
أما رسالته الى إيران، فأتت مدعومة بالدفاع عن عروبة لبنان وعن الدول العربية والخليجية، متسائلاً: "هل نحن أمام أحزابٍ تعمل لله، أم أمام أحزابٍ تعمل للفتنة؟"، وشدد على أن "لبنان لن يكون تحت أي ظرفٍ من الظروف ولايةً إيرانية. نحن عرب، وعرباً سنبقى". وشدد على أن "تيار المستقبل مشروع وطني عابر للطوائف، خصوصاً عندما يكون غيرنا مشروعاً طائفياً عابراً للأوطان".
ولم يرض الحريري أن ينهي الاحتفال من دون صورة جمعت قيادات "14 آذار" على منصة واحدة، علها تكون بارقة أمل لعودة وحدة هذا المسار من جديد.
وأكمل رحلته المسائية بزيارة لضريح والده في وسط بيروت، حيث قرأ الفاتحة عن روحه وروح رفاقه الشهداء.


"ما حدا أكبر"
الرئيس الحريري استهل خطابه بالقول: "في ذروة الحصار السياسي وحملات التشهير التي نظّمها عهد الوصاية ضد الرئيس الشهيد رفيق الحريري، خرج، رحمه الله، على اللبنانيين ليقول: "ما بيصح إلا الصحيح وما في حدا أكبر من بلدو" (...) هناك من قرّر أن يقاتل في الأماكن الخاطئة وتحت شعاراتٍ خاطئة. وإذا كانت الدولة، ومن خلفها القوى المشاركة في طاولة الحوار، قاصرةً عن وضع حدٍ لهذا الخلل، فإنّ هذا القصور يستدعي رفع مستوى الاعتراض السياسي على إقحام لبنان في الصراعات العسكرية، ومناشدة أهل العقل والحكمة والوطنية في الطائفة الشيعية، المبادرة لتفكيك أخطر الألغام التي تهدد سلامة العيش المشترك.
إن لبنان يدفع يومياً من تقدّمه واستقراره، ضريبة الارتجال السياسي، والاستقواء العسكري، والتذاكي الدبلوماسي، والارتباك الاقتصادي والاجتماعي، والاندفاع غير المسؤول في تعريض مصالح لبنان للخطر والتحامل على الدول الشقيقة، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية ودول الخليج العربي التي لم تبادرنا يوماً بأي أذى.
أيّ عقلٍ متهوّر يحرّك هذه السياسات، في مقاربة العلاقات الأخوية؟ هل نحن أمام أحزابٍ تعمل لله، أم أمام أحزابٍ تعمل للفتنة؟ نحن عرب على رأس السطح. ولن نسمح لأحد بجر لبنان الى خانة العداء للسعودية ولأشقائه العرب. لن يكون لبنان تحت أي ظرفٍ من الظروف ولايةً إيرانية. نحن عرب، وعرباً سنبقى".
وأضاف: "كانت لدينا جرأة المبادرة، وتحريك المياه السياسية الراكدة، من منطلقٍ يتجاوز المصالح الخاصة لتيار المستقبل، الى مصلحة لبنان بإنهاء الشغور الرئاسي. مصير رئاسة الجمهورية في يد اللبنانيين. الرئاسة تصنع في لبنان وعلى أيدي اللبنانيين، ونحن من جانبنا، نملك الشجاعة لاتخاذ الموقف، والإعلان أننا لن نخشى وصول أي شريكٍ في الوطن الى رأس السلطة، ما دام يلتزم اتفاق الطائف وحدود الدستور والقانون، وحماية العيش المشترك، وتقديم المصلحة الوطنية وسلامة لبنان على سلامة المشاريع الإقليمية.
أربع محاولات لملء الفراغ
أود أن أتكلم بكل صراحة: نحن انطلقنا من أن الفراغ كارثة، والبعض لا يزال حتى اليوم يقولون: لا ضرورة للعجلة، و21 شهر من الفراغ ليصبحوا 24 و36، ليست لديهم أية مشكلة. أنا أطلب من كل واحد منكم، من كل لبناني ولبنانية، أن يقارن بين لحظتين. لحظة انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان، الذي نوجه إليه التحية، واللحظة التي نحن فيها اليوم. ليقل لي أحد عن أمر واحد بقي كما كان ولم يتراجع أو يتدهور.
(...) أربعة من الزعماء المسيحيين، اجتمعوا في بكركي، في البطريركية المارونية، التي نكن لها كل احترام وتقدير، واتفقوا، في ما بينهم، وبرعاية بكركي، أنه ما من مرشّح مقبول لرئاسة الجمهورية سوى أحد هؤلاء الأربعة.
بدأنا بمحاولة إنهاء الفراغ بالدكتور سمير جعجع، مرشّحنا ومرشح 14 آذار. نزلنا إلى الجلسة وكل جلسة، 35 مرة، من دون نتيجة، وبقي الفراغ. في هذه الأثناء، طرحت داخل 14 آذار، فكرة أنه إذا لاقى الرئيس أمين الجميل قبولا من قوى 8 آذار أو من أي طرف في 8 آذار، يسحب الدكتور جعجع ترشيحه لمصلحته. هذا الأمر لم يحصل وبقي الفراغ.
قبل ذلك، كنا قد فتحنا حوارا مع العماد ميشال عون، وكانت نتيجته تشكيل حكومة جديدة. لكننا لم نتوصّل لنتيجة بملف رئاسة الجمهورية، ولم نرشح العماد عون، بعكس ما يقول البعض اليوم، ولا حتّى وعدناه بتأييد ترشيحه، وبقي الفراغ.
أنا اليوم أتحدث عن نفسي بعد أن تحدث عني الجميع، فليس وحده الرئيس نبيه بري يبق البحصة، أنا أيضا أبقها.
من الأربعة، لم يبق إلا الوزير سليمان فرنجية. ونعم، بعد سنة ونصف من الفراغ، وبعدما رفض كل الأطراف، من حلفاء وخصوم، تبنّي مرشح توافقي من خارج الأربعة الذين تعاهدوا في ما بينهم في بكركي، فتحنا حوارا مع الوزير فرنجية. هل رأيتم متى؟ بعدما أقفل كل مجال. التقيت الوزير فرنجية في باريس، وتوصّلنا معه إلى تفاهم. هذا التفاهم سمعتموه منه كما هو في مقابلته التلفزيونية، كل ما قيل عندي في البيت كما هو، قاله الوزير فرنجية على التلفزيون: الهدف هو إنهاء الفراغ، ووضع حدّ للتدهور، والعمل على تحسين وضع لبنان السياسي والاقتصادي والاجتماعي والأمني والمعيشي، وحماية النظام والسلم الأهلي.
أين الغلط؟ ولماذا أنتم متفاجئون؟ أصلاً ما هو دوري؟ وما هو إرث رفيق الحريري سوى المحافظة على النظام والسلم وتحسين حياة الناس؟
خطوة خلطت الأوراق؟ نعم. خطوة أرغمت الجميع على إعادة وضع إنهاء الفراغ الرئاسي، الذي كان الجميع قد نسيه، في واجهة المشهد السياسي وعلى رأس الأولويات السياسية بالبلد، نحن فخورون بهذه النتيجة. خطوة أدّت بحلفائنا القوات اللبنانية لأن يتوصلوا بعد 28 سنة، لمصالحة تاريخية مع التيار الوطني الحر، نحن كنّا أوّل الداعين وأكثر المرحبين بهذه المصالحة. وليتها حصلت قبل زمن بعيد، كم كانت وفّرت على المسيحيين وعلى لبنان! خطوة أدّت بالدكتور جعجع أن يقرر الانسحاب من السباق ويعلن الجنرال عون مرشح القوات اللبنانية لرئاسة الجمهورية، هذا من حقه وحق الجنرال عون في نظامنا الديموقراطي ودستورنا.
وصلنا إلى هنا، عظيم. أين المشكلة، بات لدينا ثلاثة مرشحين: الوزير فرنجية، الجنرال عون والنائب هنري حلو. ويمكن أن يكون هناك مرشّحون آخرون. لدينا دستور ونظام ديموقراطي يقول: تفضّلوا إلى مجلس النواب وانتخبوا رئيسا، إلا إذا كان مرشحكم الحقيقي هو الفراغ؟
ونحن كما كل مرّة، من 21 شهرا، من 35 جلسة، سنكون أوّل الحاضرين، ومن ينتخب رئيساً، سنكون أول المهنئين، وأنا سأكون أول من يقول له مبروك فخامة الرئيس، وأوّل من يقول: مبروك للبنان! بهذه البساطة. أمّا أن يحمّلونا مسؤولية الفراغ، بعد 21 شهر تعطيل جلسات انتخاب، ويقولوا إمّا المستقبل يعلن أن الجنرال عون مرشّحه أو أن الفراغ سيستمرّ، وليست هناك عجلة؟ "إيه هيدي ما بتركب عا قوس قزح".
تقاطعون كل جلسة، وتمنعون النصاب، ولا تقبلون إلا أن تعرفوا النتيجة سلفا، وتريدون تحميلنا نحن المسؤولية؟ وعلى فكرة، لا نقبل من أحد أن يقول لنا أنه من حقّنا الدستوري أن نقاطع الجلسات، ليبرر هو مقاطعته غير الدستورية للجلسات. لأن الحق الدستوري ليس ملكي ولا ملكه ولا ملك أحد. الحق الدستوري، ملك الدستور، وملك البلد، وملك المواطنين. هذه رئاسة الجمهورية! ليس حقّي ولا حقّك الدستوري، مقاطعة جلسة انتخاب رئيس الجمهورية، وفرض الفراغ على رأس البلاد والعباد.
(...) نحن فخورون أنه ليس لدينا أي دور إقليمي، ليس لدينا أي دور بالدم السوري، وليس لدينا أي دور بالدم العراقي وليس لدينا أي دور بالدم اليمني.
أعود وأكرر: نحن عند التزامنا، وعندما نعطي التزاماً، نسير فيه حتى النهاية. نحن صادقون، نريد رئيسا للجمهورية، ونريد أن نتخلص من الفراغ ودفعنا الثمن داخلياً وخارجياً".
وتابع الحريري : "يعزّ عليّ، وعلى الأخوة والأخوات في تيار المستقبل، أن يأتي هذا اليوم، وسط مناخات غير مستقرة بين قوى ١٤ آذار، وأن تتقدّم التباينات في وجهات النظر، على الثوابت التي نلتقي حولها.
وهذه مناسبة لدعوة قوى ١٤ آذار، وفي طليعتها "تيار المستقبل"، للقيام بمراجعاتٍ نقدية داخلية، يمكن أن تتولّى الأمانة العامة، الدكتور فارس سعَيد، تحريكها والعمل عليها، لتتناول كل جوانب العلاقة بين قوى انتفاضة الاستقلال، بهدف حماية هذه التجربة الاستثنائية في حياة لبنان. مصير لبنان في يدنا نحن، ولبنان سيُحكم من لبنان، ولن يحكم من دمشق أو طهران أو أي مكانٍ آخر(...)".


[email protected]
Twitter: @mohamad_nimer

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم