الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

جينزي المفضل... هل استُغِل ولد سوري لإنتاجه؟

المصدر: "النهار"
سوسن أبوظهر
جينزي المفضل... هل استُغِل ولد سوري لإنتاجه؟
جينزي المفضل... هل استُغِل ولد سوري لإنتاجه؟
A+ A-

هل تساءلتم يومياً في أي ظروف أُنتجت الملابس المعروضة بأناقة في واجهات المتاجر، كيف تعمل النساء في #بنغلادش والهند لإنتاج الجينز المفضل لدينا أو تلك السترة الباهظة الثمن التي انتظرنا موسم التنزيلات لاقتنائها؟
ليس هؤلاء وحدهم الضحايا، إذ انضمت إلى نادي العمالة القسرية فئة مهمشة ومنكوبة. إنهم اللاجئون السوريون، خصوصاً الأولاد منهم.
في تحقيق أُعد بعد تقصٍ ميداني في #اسطنبول ومرسين وأضنة، رصدت "الغارديان" ظروف تشغيل السوريين من القُصَر والبالغين في مصانع تركيا.
نقرأ أن شكري يقف وسط جبال من القماش الأبيض ويحمل ملابس لتوضيبها في صناديق. العمل الملقى على عاتقه لا يختلف عما يمارسه أي رجل بُنيته قوية، غير أنه لا يتجاوز الثانية عشرة من العمر. بعدما فر منذ عشرة أشهر مع عمه من القامشلي، صار الفتى حرفياً ماهراً يعمل 60 ساعة أسبوعياً براتب شهري لا يتجاوز 600 ليرة تركية.
وإذ سأل الصحافي فريديريك جوهانيسون المسؤول عن المصنع عن تبريره لتوظيف ولد مثله في تلك الظروف، يشير إلى أنه رفع كتفيه بلا مبالاة قائلاً :"ليس ذنبي إذا كانوا (اللاجئون) بحاجة للعمل".
ويُعتقد أن نحو ربع مليون لاجئ سوري يعملون بصورة غير قانونية وظروف قاسية في تركيا. وكانت منظمة "هيومان رايتس ووتش" المدافعة عن حقوق الإنسان حذرت أخيراً من انتهاكات يتعرض لها هؤلاء، خصوصاً في قطاع إنتاج الملابس، حيث العمل مضنٍ صحياً ونفسياً وجسدياً في غياب الحماية القانونية والانتظام في تلقي الرواتب.
أخيراً، وبموجب اتفاق مع #الاتحاد_الأوروبي، أعلنت الحكومة التركية اعتماد تشريعات جديدة تتيح للاجئين السوريين التقدم لإجازات عمل من ستة أشهر قابلة للتجديد وتقاضي الحد الأدنى للأجور.
ومعلوم أن الكثير من المصنوعات التي تباع في الأسواق الأوروبية مصدرها المصانع التركية التي تحل في المرتبة الثالثة بعد الصين وبنغلادش في تأدية تلك المهمة.
لكن قلما التفتت الشركات الكبرى إلى ظروف العمل في سلسلة الإنتاج قبل أن تصل البضاعة منمقة ومرتبة إلى المستهلك الأوروبي، وغض صانعو السياسات الاقتصادية الطرف عن دخول اللاجئين السوريين إلى المراتب الدنيا في هرمية العمل.
ودعت منظمات تدافع عن حقوق العمال في مصانع القماش والملابس إلى عدم استغلال سوء أحوال اللاجئين لتشغيلهم في ظروف سيئة، بينها الأجور المتدينة وعمالة الأولاد.
القمصان التي كان شكري يوضبها على سبيل المثال ستذهب إلى إيطاليا، وعليها شارة الماركة التجاربة "بياتزا إيطاليا". وفي مصانع أخرى، تُعد البضاعة لمصلحة أسماء تجارية ألمانية. يا لها من مفارقة، ألمانيا تستقبل أعداداً من اللاجئين ثم تضيق بهم، وفي أسواقها منتجات من صُنع مواطنين لهم.
ونقل الصحافي جوهانيسون عن مسؤولة في شركة "أورساي" الألمانية الحرص على تحسين ظروف العمل في حلقة الإنتاج، وأنه سبق للمؤسسة وقف التعامل مع مصنع تركي رُصدت فيه انتهاكات.
القضية ذاتها أثارها "مركز الأعمال وموارد حقوق الإنسان"، وهو منظمة غير حكومية بريطانية تتابع أخلاقيات العمل في الشركات. وقد حذر من أن الأسماء التجاربة الكبرى لا تتخذ خطوات حاسمة لضمان عدم استغلال اللاجئين وتفادي "انتقالهم من ظروف النزاع إلى الاستغلال المعيب".
وسأل المركز 28 من الماركات التجارية الأهم التحقق من سلامة هرم الأعمال في المصانع التركية التي توفر المواد التي تحمل أسماءها. طبعاً لم تكن الاستجابة كبيرة، فالتخلي عن اليد العاملة الرخيصة التي يوفرها اللاجئون السوريون، خصوصاً الأولاد منهم، لا يناسب واضعي خطط الإنتاج وجني الأرباح.
وحدهما "أتش أند أم" و"نيكست" اعترفتا باكتشاف عمالة غير شرعية للأولاد السوريين لدى المزودين في المصانع التركية عام 2015، وتحدثتا عن اتخاذ إجراءات لإرسال هؤلاء اللاجئين إلى المدارس. وتعتبر "الاندبندنت" أن تهرب معظم الشركات البريطانية من الإجابة على هذا التساؤل أو عدم التحقيق فيه، يشي بحجم السوق التركية، سواء في المصانع أو المزارع، التي تعتمد على عرق السوريين واستعدادهم للقبول بالقليل. أما "مركز الأعمال وموارد حقوق الإنسان" فأشار إلى انتهاج تلك الشركات مبدأ تجاهل الانتهاكات من خلال التخلي عن مراقبة عمل المُزودين، بما في ذلك العدول عن زيارات غير معلن عنها سابقاً إلى المصانع التركية.
وردت نقابة مُصدري الملابس الجاهزة في اسطنبول على تقريري "الغارديان" و"الاندبندنت" بأن تشغيل أولاد يخالف القوانين التركية، وعرضت تقديم أدلة على عدم توظيف لاجئين في ظروف غير إنسانية.
لكن الأولاد السوريين يعملون في تركيا، ويبدو أن مُشغَليهم الأتراك لا يبالون بمخالفة القوانين. والإعلام التركي يرصد تلك الحالات. والشهر الماضي أوردت وكالة "دوغان" أن الشرطة صادرت 1200 سترة نجاة غير صالحة للاستخدام من مصنع في إزمير. المفارقة أن أولاداً وفتيات سوريين كانوا يعملون فيه. أطفال سوريون ينتجون سترات فاسدة تزيد من أعداد الأولاد السوريين الذين يقضون غرقاً قبالة السواحل التركية أو الجزر اليونانية. يا لها من مأساة!
[email protected]
twitter : @SawssanAbouZahr

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم