الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

هل تُسقِط أميركا وأوروبا العقوبات عن روسيا؟

المصدر: "النهار"
هل تُسقِط أميركا وأوروبا العقوبات عن روسيا؟
هل تُسقِط أميركا وأوروبا العقوبات عن روسيا؟
A+ A-

منذ بدء الانخراط العسكري الروسي في #سوريا، خرجت تكهنات بأن الرئيس الروسي فلاديمير #بوتين يتطلع الى زيادة نفوذه في هذا البلد تمهيدا لتعزيز دوره في اي حل سياسي ومقايضته برفع العقوبات الدولية عن بلاده. وبعد أربعة أشهر من المغامرة الروسية في سوريا وعلى عتبة المحادثات المتعثرة في جنيف، ثمة اشارات واضحة الى عملية مهادنة مع موسكو، بما فيها تصريحات من هنا وهناك بامكان رفع العقوبات عنها، على رغم عدم ايفائها بتعهداتها في شأن أوكرانيا.


منذ ضمها القرم عام 2014، تزايدت القيود واجراءات الحظر على موسكو، أكبر مصدر للنفط والغاز الطبيعي الى أوروبا، وأبعدت من مجموعة الثماني. واشنطن جمدت أصول أكثر من مئة شخصية روسية ، غالبيتهم من المحسوبين على بوتين وحظرت عليهم السفر. والاتحاد الاوروبي أضاف اليهم نحو مئة آخرين. أما المبالغ المستهدفة قكبيرة جدا، بينها 572 مليار دولار لـ "بنك روسيا" وحده في الاشهر التي تلت فرض العقوبات. وبعد اسقاط الطائرة الماليزية في تموز 2014 في هجوم مفترض نفذته قوات موالية لموسكو، ردت واشنطن بعقوبات أقسى استهدفت قطاعات رئيسية في الاقتصاد الروسي، بما فيها صناعة الاسلحة ومصارف وشركات مملوكة للدولة. وفي محاولة لضرب الكرملين في المكان الذي يؤلمه، حظرت العقوبات نقل الاموال والتكنولوجيا الى شركات النفط والغاز الروسية التي توفر نصف ايرادات الدولة.


الوضع السيئ للاقتصاد الروسي حاليا يثبت أن هذه العقوبات كان لها أثر واضح عليه. سعر "الروبل" تراجع 76 في المئة منذ فرض الاجراءات العقابية، وأسعار السلع ارتفعت بمعدل 16 في المئة عام 2015، وتوقع صندوق النقد الدولي انكماش الاقتصاد الروسي بأكثر من 3 في المئة.
ومع ذلك، تقول ايما آشفورد ،الباحثة الزائرة في "معهد كاتو" إن هذه الاجراءات التي تصفهh بأنها "عقوبات غير ذكية" لم تؤد غايتها الرئيسية ولم ترغم موسكو على تغيير سلوكها. وتنقل عن وكيلة وزارة الدفاع الاميركية كريستين وورموث قولها في شباط 2015 أن العقوبات "لم تغير حتى الان ما تفعله روسيا على الارض، وهذا مصدر قلق كبير لنا".


وفي المقابل، تقول آشفورد في مقال طويل في "الفورين بوليسي"، أن العقوبات الغربية ضد روسيا كانت لها نتائج غير مقصودة، بما فيها خفض روسيا الانفاق على الرعاية الصحية والبنى التحتية والرواتب الحكومية الامر الذي راكم المتاعب المعيشية للمواطنين الروس.وفاقم المشاكل قرار موسكو اصدار عقوباتها الخاصة التي حظرت استيراد مواد غذائية غربية.
وليس خافياً أن بوتين استطاع التحايل على العقوبات، بتحوله جزئيا نحو الصين. وكان توقيعه اتفاق الغاز البالغة قيمته 400 مليار دولار في ايار 2014 مع بيجينغ رسالة واضحة من موسكو أن لديها بدائل لاسواق الغاز الاوروبية.
وبين النتائج العكسية للعقوبات وفقاً لآشفورد تمكينها بوتين من التهرب من المسؤولية عن ادارته السئة للاقتصاد الروسي، والقائها على ما سماه "عوامل خارجية".


مقاربة جديدة
في البداية، كانت الادارة الاميركية تصر على أن العقوبات على روسيا تحتاج الى مزيد من الوقت لتؤتى ثمارها وترغم بوتين على تغيير سلوكه، الا أنها بدأت أخيرا تعتمد مقاربة جديدة على ما يبدو.


وزير الخارجية جون كيري اغتنم المنتدى الاقتصادي في دافوس للحديث عن احتمال رفع العقوبات عن روسيا هذه السنة إذا طبق اتفاق مينسك.ومذذاك، كرت سبحة التصريحات التي تردد مثل هذا الموقف.
وكتب وزير المال الالماني فولفغانغ شويبله الاثنين في صحيفة "فرانكفورتر الغماينه تسايتونغ" أن على الاتحاد الاوروبي اقامة علاقات أكثر وثوقاً مع روسيا للمساعدة في ايجاد حل للأزمة السورية وخفض التوتر في الشرق الاوسط بين السنّة والشيعة.


وقبله، قال وزير الاقتصاد الفرنسي ايمانويل ماكرون أمام رجال أعمال فرنسيين في موسكو أن باريس تود رؤية العقوبات مرفوعة هذا الصيف.
وأمس، كرر السفير الاميركي في موسكو جون تفت في مقابلة أوردتها السفارة على موقعها على الانترنت ما قاله كيري من أنه يمكن رفع العقوبات على موسكو بعد تطبيق اتفاق مينسك الذي ينص على وقف للنار بين كييف والانفصاليين الذين تدعمهم موسكو في شرق أوكرانيا وسحب الاسلحة الثقيلة وانسحاب التشكيلات المسلحة الاجنبية والمرتزقة من مناطق الانفصاليين.
الواضح أن احتمالات رفع العقوبات صارت أكبر، الا أن الاميركيين والاوروبيين يحاولون الضغط على موسكو لانجاز بعض الامور، على غرار التعاون في شأن أوكرانيا وسوريا.


مارك كاتز، البروفسور في جامعة جورج مايسون في فيرفاكس بفرجينيا، وهو خبير في الشؤون السوفياتية يقول إن كيري كان "يحاول ايضاً تهدئة حلفاء أوربيين مستائين من العقوبات"، وخصوصاً فرنسا والمانيا اللتين نفد صبرهما من عجز كييف عن التزام تعهداتها بموجب اتفاق السلام ، وإن كانتا تشكيان أيضاً من تلكؤ روسي.


وتعتمد أوروبا على الشحنات الروسية من الغاز، وهي تحاول التأقلم مع موجات اللاجئين الذين يتدفقون على حدودها من سوريا خصوصاً.ومع انطلاق محادثات جنيف التي تشكل روسيا لاعيا رئيسياً فيها، لم تعد الازمة الاوكرانية أولوية للعواصم الكبرى.


سوريا
جيمس نيكسي ،رئيس برنامج آسيا وأوراسيا في مؤسسة الرأي "تشاتهام هاوس" البريطانية أن "النداءات لعلاقات أفضل مع روسيا تظهر نجاح بوتين في اقناعهم بأنه مهتم بحل النزاع، حتى عندما لا يكون هذا هو الحال".وفي رأيه أن "أولوية الغرب هي سوريا، وأولوية بوتين هي أوكرانيا.مصالحهم مختلفة جدا عن مصالحنا...قد يقول بوتين :اذا قدمتم لي خدمة في أوكرانيا ووفرتم لي نفوذا في سوريا، عندها سأغير اتجاه قاذفاتي وسأبذل مزيدا من الجهد للتركيز على الداخل، وهذا أكثر جاذبية للغرب الذي يواجه مشكلة التطرف الاسلامي لا روسيا".


عوائق
...في مواجهة اشارات الانفتاح الغربي حيال رفع محتمل للعقوبات عن موسكو، ثمة في المقابل عوائق لا تزال تعترض تطبيعاً للعلاقات.ففي 21 كانون الثاني الماضي، جاء في تقرير بريطاني أن بوتين "ربما" وافق على قتل الجاسوس الروسي السابق الكسندر ليتفينينكو على يد عميلين للحكومة قبل عشر سنوات تقريبا.
وبدوره، أبلغ آدام سزوبين الذي يشرف على عقوبات وزارة الخزانة الاميركية الى هيئة الاذاعة البريطانية "بي بي سي" أن بوتين فاسد ،وأن واشنطن تعرف ذلك منذ زمن بعيد.
الموعد الاقرب لمكاشفة جديدة في الموضوع الاوكراني سيكون في محادثات مقررة في الثامن من شباط بين فرنسا والمانيا وروسيا وأوكرانيا. فهل تكون نتائج الاجتماع مؤشرا للاتجاه الذي ستسلكه العلاقات بين موسكو والغرب؟


[email protected]
Twitter:@monalisaf


 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم