السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

"داعش" يدمّر دير مار إيليا السعيد في الموصل

المصدر: "النهار"
بغداد- فاضل النشمي:
"داعش" يدمّر دير مار إيليا السعيد في الموصل
"داعش" يدمّر دير مار إيليا السعيد في الموصل
A+ A-

هذه ليست المرة الأولى التي يُقدم فيها تنظيم الدولة #داعش على تفجير دير مسيحي، فقبلها ارتكب الكوارث، والمرجح انها لن تكون الأخيرة في المناطق التي يسيطر عليها، دون تفريق بين ان تكون مسيحية او تعود لحقب قديمة من تاريخ العراق، مثلما فعلوا في آثار متحف الموصل نهاية شباط 2014. وكذلك الحال بالنسبة للاماكن الاسلامية، حيث أقدم التنظيم على نسف جامع النبي يونس نهاية تموز من العام نفسه. كما دمّر أغلب المزارات الايزيدية.ومع ذلك، تبدو عملية التدمير الاخيرة التي نفذها "داعش"، ونسف خلالها دير مار إيليّا التاريخي مؤلمة، وتتخذ طابع التنكيل اكثر منها عملية تصب في اطار "المعايير الشرعية " الكارثية التي يتبنّاها التنظيم، ولعلها تأتي من باب التنفيس عن غضب خسائره الاخيرة في الرمادي ومناطق اخرى. يعزز ذلك، ان الدير يقع تحت سيطرة "داعش" منذ اكثر من عام ولم يتم تدميره.


يقول الصحفي المسيحي ظافر نوح لـ"النهار"، ان دير مار إيليا التاريخي يقع في وادٍ جميل جنوب غربي الموصل، وتحديدا جنوب معسكر الغزلاني. وكان ذلك يحول دون ذهاب العوائل اليه نتيجة تواجد الجيش في المنطقة. وفي حدود عام 2001 سمحت الحكومة بزيارات محدودة للدير. ويؤكد ان الدير لم يشهد صلوات او قداسات دينية نتيجة بنائه القديم.


اما المصادر التاريخية فتقول، ان الدير اسسه ‏إيليا الحيري العبادي في القرن الأول للهجرة، السابع للميلاد (610 م) ، وان جميع غرف الدير كانت منقوشة، ولذلك سمي "الدير المنقوش" ويسمى ايضا دير سعيد، نسبة الى ‏سعيد بن عبدالملك بن مروان - والي الموصل – الذي جدد بنائه عام 708م، بعد شفائه من المرض. وتشير مصادر اخرى الى ان أبو عثمان الخالدي احد شعراء الإمارة الحمدانية بالموصل قال في الدير شعرًا يقول احد ابياته: "يا حُسنَ ‏دير سعيد إذ حللتُ به ... والأرض والرَّوض في وشي وديباجِ".


وتقول بعض المرويات الشعبية في الموصل، ان لتراب الدير ايليا "خاصية دفع أذى العقارب". لكنها للأسف لم تحل دون "عقارب داعش" .
تاريخيا تعرّض الدير الى عملية هدم على يد الملك الفارسي طهماسب بعد حملته على الموصل عام 1743م. والدير مهجور منذ عقود طويلة، وقد قامت القوات الاميركية بصيانته وإعادة إعماره عام 2008 .


وكان تنظيم "داعش" الإرهابي شنّ حملة ترهيب وتدمير واسعة بعد سيطرته على الموصل في حزيران 2014 ، ضد الاقليات الدينية وخاصة المسيحين والايزيدين، وقد خيّر المسيحيّين حينذاك، بين اعلان الاسلام او دفع الجزية، كما عمد التنظيم الارهابي الى تهديم الكثير من كنائسهم ودور عبادتهم. الأمر الذي أجبر آلاف العوائل على مغادرة الموصل باتجاه محافظات كردستان وكركوك وبغداد وبلدان أخرى خارج العراق.


وتأتي حادثة تهديم الدير متزامنة مع حملة يقوم بها "داعش" ضد الممتلكات المسيحية في الموصل كما تفيد كثير من المصادر، حيث قام التنظيم المتطرف مؤخرًا ببيع نحو 500 وحدة سكنية تابعة لمواطنين مسيحيّين عبر مزاد علني لتغطية ضائقته المالية.


اليونيسكو


اعربت المديرة العامة لليونسكو عن قلقها الكبير حيال تدمير دير مار إيليا.
وقالت في بيان: "فهو أقدم أديرة العراق، والشاهد الثمين على التنوع الثقافي والديني الغني في هذا البلد. كان هذا الدير طوال 1400 سنة مكانا للصلاة والتأمل ومعترفا بوجوده من قبل الجميع من كل الطوائف والأديان، مشيرة الى ان تدميره ما هو إلا عدوان عنيف آخر ضد الشعب العراقي، ويؤكد على جرائم الحرب التي يقع المسيحيون ضحايا لها، ودليل على حجم التطهير الثقافي الدائر في العراق"، صرحت إيرينا بوكوفا، المديرة العامة لليونسكو.


واضافت: "لقد ولدت المسيحية في الشرق الأوسط، وهي جزء لا يتجزأ من تاريخ العراق والشعب العراقي. وما هذا التدمير المتعمد إلا جريمة حرب يجب ألا تبقى من غير عقاب. وتذكرنا هذه الجريمة أن المتطرفين يخافون من التاريخ لأن معرفة الماضي تلغي كل الذرائع التي يستخدمونها لتبرير جرائمهم، وتظهرهم على حقيقتهم كتعبير صرف عن الحقد والجهل. ولكن المتطرفين ليسوا قادرين على أن يمحوا الماضي على الرغم من جرائمهم المتكررة. فتاريخ هذه المنطقة معروف في العالم أجمع، ويذكرنا جميعا بأنه ليس ثمة "ثقافة بلون واحد".

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم