الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

أبو بهيج

ملحم الرياشي
A+ A-


رحل الرجل الذي أحبّ ما بناه، وأحبّ ما بناه اجداده على اكتاف دير الخنشارة العتيق. رحل الرجل الذي كان يعشق الكلمات ويحسن اختيارها وتزيينها وترتيبها شعراً ونثراً وتراثيات. كتب قصيد المناسبة بحبّ وخبرة سوسيولوجية ندُرت لدى اصحاب الشأن، وقاله حيث يجب أن يقال، ليتردّد بعد ذلك طرفةً أو حكمةً على ألسنة ابناء قريته واترابه: "بيت بطرس فجّار، بيت جحا تجّار، بيت موسى قهار وبيت حنّا نجّار..." (في وصفه لبعض فروع آل الرياشي) وقال ايضاً في مكانٍ آخر: "هيدي الحرب/ ناس فاتت عالمقابر/ وناس فاتت عالعنابر/ وناس ركبتها المصايب (وهو يدلّ الى نفسه ضاحكاً)/ وناس ركبت عالدنابر"...
رحل ابو بهيج الذي أحب وصدق وصادق الخنشارة، كما تحب الصقور اعشاشها. لم يكن الياس الرياشي رجلاً عادياً، ولم يكن يوماً هذا السهل على الرغم من سهولة فكرته، بل كان كالوعر العابر الى مساحات الحياة يقول كلمته ويقف لها بقوة، بتلذّذ الشعر والبطولة.. يفخر بعائلته ويتجاوز العائلية، يحب قرميدات الخنشارة ولا ينفك ينظر الى الافق الاوسع، يحرص على رأيه ولا يخشى له طريقاً؛ قد تختلف معه، لا همّ.. قد تتفق معه وهي لذّةٌ لديه، لكنك في الحالين لا يمكن إلاّ أن تحبه.
كان ابو بهيج من جيلٍ يعشق طرقات القرية وادراجها وكنائسها، ويعرف أن الحجر صمود اجيالٍ وقيم وعائلة؛ اليوم نواكبك ايها الساكن الدائم في احياء الخنشارة، لتسكن ابداً على اكتاف ديرها العتيق، وفي انتظارك كثيرون هناك علّكم تقفون معاً حرّاساً على الخنشارة، وانت الخائف الخائف من اضمحلال تقاليدَ وتراثاتٍ في الواجب الاجتماعي والتضامن العائلي و"العونة" بين اهل القرية، ويجب ان تبقى، وانت المساهم في ابتداع التجديد وبجرأة،في وجه التقليد، وانت من خطّ لنفسه طريقاً مميزاً خاصاً يهاجم ما يجب أن يزول، يدافع عمّا يجب أن يبقى.
نستودعك يا صديقي قلب المولود في المغارة... والله معك!

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم