الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

"جردة" البرلمان لعام 2015... غير مشجعة!

المصدر: "النهار"
منال شعيا
منال شعيا
"جردة" البرلمان لعام 2015... غير مشجعة!
"جردة" البرلمان لعام 2015... غير مشجعة!
A+ A-

33 جلسة للانتخاب ولا رئيس للجمهورية بعد. بهذه النتيجة "المشجعة"، يطوي مجلس النواب عام 2015 بلا رئيس. دعوة تلو اخرى من رئيس المجلس نبيه بري، والنواب هم انفسهم من يحضر جلسة الانتخاب التي لا تدم اكثر من نصف ساعة، قبل ان ترجأ الى موعد اخر.


هكذا، لم ينجح المجلس، وللعام الثاني على الشغور الرئاسي، في ايصال رئيس للجمهورية الى قصر بعبدا. استمر الفراغ. بقي القصر الجمهوري فارغا، وظلّ التعطيل يجرّ تداعيات سلبية. انعدمت الحياة السياسية، ووصل الخلل في النظام الى درجة لا يمكن ضبطه.
فلا برلمان يشرّع الا للضرورة التي يفسرّها بعض النواب،
ولا حكومة تجتمع، لولا المحاولة الاخيرة عبر عقد مجلس الوزراء واقرار "صفقة التصدير"، والاّ لبقي ملف النفايات يترّنح، الى درجة اننا امضينا موسم الصيف كلّه مع زبالة، ووطئنا اول الشتاء، مع اكوام الزبالة نفسها، الى درجة انه كان يمكن ان نزّينها، في موسم الاعياد!
اللافت، ان البعض اعتاد على عدم وجود رئيس، كما لو ان قصر بعبدا المقفل منذ 25 ايار 2014، بات مشهدا اعتياديا لا استثنائيا، وهنا الخطورة. لان تخدير اللبنانيين او الهائهم بقصص اخرى لا يمكن ان يلغي اننا بتنا دولة بلا رأس. واذا كان المجلس لا يتحملّ وحده مسؤولية انتخاب رئيس، فان اكثر ما يعطي المشهد اللبناني سوداويته هو ان التسويات الخارجية هي من تحرّك الملف الرئاسي او تعيده الى الوراء. فمتى تحين الساعة، سيقف النواب في المجلس ويصفقون للرئيس الذي يكون قد ادّى خطاب القسم، لان ما كتب قد كتب. وما الجلسات الـ33 الا دليل على عدم نجاح اقناع النواب في النزول الى المجلس للانتخاب، وانه ليس امامهم سوى اشهار سلاح المقاطعة، محاولين اقناع الرأي العام ان " الديموقراطية" تقضي ذلك. الا انه حين يطلب منهم، سيسعون الى اقناع "جمهورهم" ان الرئيس المقبل هو من سينقذنا من "الويلات".
ربما تكاد تختصر جلسات الانتخاب، صورة المجلس لعام 2015، لولا المسعى الاخير لبري، والذي "فعلّ" من رئيس "اللقاء الديموقراطي" النائب وليد جنبلاط، في امرار جلسة تشريعية على يومين، خلال شهر تشرين الثاني الماضي.


"أشهر" القوانين
38 قانون اقرّ خلال هذه الجلسة بكلفة 4 مليارات دولار: هذا هو " تشريع الضرورة". وهذا هو "الانجاز" الذي حققه المجلس عام 2015، فلولا هذه الجلسة، لكانت أبواب المجلس بقيت مقفلة الا لجلسات انتخاب، لا تنتج رئيسا.
ولولا هذه الجلسات، لتوقف "عمل" العديد من السياسيين. هكذا، مرّرت البنود بسرعة في جلسة يتيمة هذه السنة، فما هي أبرز القوانين التي باتت جاهزة؟
صحيح ان معظم القوانين التي اقرّت كانت ذات طابع مالي، الا انه وفي عزّ "المعمعة التشريعية"، مرّ قانون مهمّ هو قانون سلامة الغذاء بعد "المعارك" العديدة التي فتحها وزير الصحة وائل ابو فاعور حفاظا على مطابقة مواصفات الاغذية.
عدا ذلك، تحوّل المجلس عام 2015 شبه حكومة، في غياب آليات منتظمة تحدّد عمل مجلس الوزراء في شكل طبيعي، فكان ان سعى النواب الى تحديد الصرف في غياب الموازنات. والنتيجة: انفاق بلا موارد.
ويمكن القول ان "أشهر" قوانين هذا العام كانت انفاقية بامتياز، لا بل معظمها أتت على طريقة القروض، وسط غياب الموازنة لعشرة اعوام متتالية، وابرز هذه القوانين فتح اعتماد اضافي بـ4500 مليار ليرة لتغطية العجز في مختلف اعتمادات مشروع موازنة الـ2016، بعدما كان قدره 5417 ملياراً و10 ملايين و691 الف ليرة، فضلا عن فتح اعتماد اضافي في الموازنة بقيمة 861 مليار و932 مليون ليرة لتغطية العجز في الرواتب والاجور، وخصوصا بعدما علت الاصوات اكثر من مرة، احتجاجا على التهديد بعدم امكان دفع الرواتب في اكثر من مؤسسة عامة ووزارة.
هذه الاموال يضاف اليها الـ 2400 مليار ليرة لمصلحة الجيش وتجهيزه بالعتاد، الى جانب كلفة مشروع نقل مياه الليطاني الى الجنوب وتسديد قرض تأهيل معملي الذوق والجية، على الرغم من "الوضع" السيء لهذين المعملين، وخصوصا اذا تمت المقارنة بين الواقع والكلفة المالية لعملية التأهيل، من دون ان ننسى طبعا مشروع سدّ بسري الذي قدّرت كلفته بـ500 مليون دولار، وسط "فشل" سياسة السدود "وعبقرية" من وضع الخطة العشرية الشهيرة، اذ تهاوى سد وراء اخر، من سد شبروح الى سد جنة، الى سد عين دارة!
وبموازاة الانفاق، برزت قوانين مهمة ذات صلة بالشرعية المالية الدولية وتلك التي تتعلق بالانضمام الى مجموعة "غافي" المالية، ومنها قانونا التصريح عن نقل الاموال عبر الحدود ومكافحة تبييض الاموال وتمويل الارهاب.
اما وبعد... لا يعتبر طبعا امرار اقتراح قانون استعادة الجنسية "انتصارا" يمكن تسجيله لعام 2015، وخصوصا بعد الطعن الذي قدّم اخيرا في القانون. في الاساس، لا يظنن احد ان ايّا من المغتربين "يهرولون" في هذه الظروف الى العودة الى الوطن، بغض النظر عن وجوب تكريس هذا الحق، الا ان تصنيف هذا القانون في باب " تشريع الضرورة" لم يكن في توقيته المناسب هذا العام. يكفي فقط ان ننظر الى أكوام " الزبالة" لنعرف كيف يمكن ان نشجع من هاجر، لئلا نقل من هجّ من الوطن، الى العودة اليه!.
بهذه اللمحة، اقفل مجلس النواب العام الحالي. ليست الصورة مشجعة: جلسة تشريعية واحدة، واكثر من 30 جلسة انتخاب بلا رئيس! فهل سيفتتح البرلمان سنة 2016، برئيس منتظر، في اول جلسة حدّد موعدها في 7 كانون الثاني المقبل؟

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم