الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

"الديكوسين" المسرطن في هوائنا... خطة ترحيل النفايات السرّية "أبغض الحلال"؟

المصدر: "النهار"
محمد نمر
"الديكوسين" المسرطن في هوائنا... خطة ترحيل النفايات السرّية "أبغض الحلال"؟
"الديكوسين" المسرطن في هوائنا... خطة ترحيل النفايات السرّية "أبغض الحلال"؟
A+ A-

مع نهاية العام 2015، وبعد مرور نحو خمسة أشهر على تكدس النفايات في الشوارع، يمكننا أن نبارك للبنانيين بوصول "الديوكسين" السام والمسرطن إلى هوائنا، ويتزامن الأمر مع انتهاء وزير الزراعة من إعداد خطة جديدة لحل الأزمة وصفها بـ"أبغض الحلال"، فيما اعترف الرئيس فؤاد السنيورة بأنها "مكلفة وغير معقولة"، لكن على الرغم من ذلك، وبعد إسقاط خطة المطامر، أمل السنيورة في أن "تعيد الخطة الجديدة اللبنانيين إلى عقولهم".


لم يستسلم شهيب للكارثة وللعراقيل الشعبية التي حالت دون استخدام أي مطمر على الاراضي اللبنانية، لأسباب صحّية وطائفية وسياسية، إضافة إلى السبب الرئيسي وهو غياب الثقة بالدولة. وركز العمل على خيار الترحيل، قبل أن يرتفع حجم الأضرار على لبنان واللبنانيين. واللافت في مجتمعنا أن اللبنانيين والحملات المدنية تشعل البلد عند الاتجاه نحو تحوّل مكب إلى مطمر صحّي، لكنها تصمت او يبدو صوتها خجولاً أمام المكبّات العشوائية وحرق النفايات الذي سيؤدي إلى مقتلنا.


 


400 مرة!


شهيب أكد لـ"النهار" أن "نسبة الأضرار بسبب هذه الأزمة أصبحت عالية وأكبر من أي كلفة مادية، سواء أكان على المستوى الصحي أو الاقتصادي، السياحي أو المعنوي"، كاشفاً عن أن "نسبة الديكوسين ارتفعت بمعدل 400 مرة في الهواء عن العام 2014 نتيجة الحرق". وسبق أن حذّر الوزير من هذه المادة، لكن الملفات السياسية، خصوصاً المتعلقة بمبادرة ترشيح النائب سليمان فرنجية غطّت على كل القضايا.
هذه النسبة لم تأتِ من عدم، بل قام فريق الوحدة البحثيّة، بالتعاون مع الجامعة الأميركية في بيروت وجامعة سيدة اللويزة وجامعة القديس يوسف، تحت إشراف رئيسة فريق عمل إدارة النفايات الصّلبة في الجامعة الأميركيّة الدكتورة نجاة صليبا، بقياس مستويات الدّيوكسين والهيدروكربونات العطرية المتعدّدة الحلقات في الهواء، بتمويل من المجلس الوطني للبحوث العلمية، وتبيّن معهم أن حجم الديوكسين تضاعف 400 مرة عن عام 2014.
وتعرّف الدكتورة صليبا الديوكسين بـ"المادة السامّة جداً، التي يجب ألا تتواجد في الهواء، وتنتج عن احتراق المواد البلاستيكية"، وتوضح: "في العام 2014 قمنا بقياس مستويات المادة واتضح أن لا وجود لها في الجو والمستوى كان مقبولاً، لكن بعد الأزمة وحرق النفايات في العام 2015 تضاعفت مستويات الديكوسين 400 مرة".


 


فريق بحثي
تنشُّقُ هذه المادة السامة سيؤدي بـ"التأكيد" إلى أمراض سرطانية بحسب صليبا، وتقول: "اذا دخلت المادة إلى جسم الانسان فمن الصعب جداً التخلص منها، وهي مادة لا تتفاعل مع الهواء، بل تترسب وتدخل في المياه والتراب، وتبقى لمدة طويلة، ويمكن للهواء أن ينقلها إلى أي مكان".
لم يُجرِ الفريق بإشراف صليبا القياس فوق نفايات تحترق، بل على أحد أسطح المباني في منطقة سكنية تحرق في أحد مكباتها النفايات، وتأكّد وجودها، وترفض صليبا الكشف عن اسم المنطقة التي تمّ فيها الاختبار: "لا نريد تحديد المنطقة كي لا يحسب الناس أن المادة موجودة فيها فقط، بل هي موجودة في كل منطقة يتم فيها حرق نفايات"، لافتاً إلى أن "الهواء وحده قادر على إبعاد المادة وقذفها إلى مكان آخر، إلا إذا دخلت جسد الانسان أو المياه والتربة". وتستعد الجامعة الأميركية بالاشتراك مع مجلس البحوث للمشاريع العلمية لمؤتمر في 28 كانون الثاني تكشف فيه نتائج الدراسة التي أجريت.


 


موافقة مجلس الوزراء
وبالعودة إلى خطة النفايات، يقول شهيب لـ"النهار": "أبقينا على سرية العمل لإنجاحه على كل المستويات القانونية والادارية والفنية والبنى التحتية، هو ليس سراً لكنّنا لا نريد أن نقع في الخطأ الذي وقعنا فيه المرة الماضية، حين تمّ إسقاط الخطة قبل أن تبصر النور"، مشدداً على أن "خيار ترحيل النفايات ما كان ليطرح لولا إسقاط مبدأ المطامر". والخطة الجديدة ستضمن "رحيل كل ما هو غير مطمور إلى الخارج، وتمّت دراسة كل ما يحيط بالخطة من ناحية تضمن النفايات المياه والمواد المشعة"، بحسب شهيب الذي لن يكشف عن الخطة إلا بعد "الموافقة" عليها في مجلس الوزراء.
وبدأ "التيار الوطني الحر" برشق الخطة قبل الكشف عنها، إذ اعتبرها الوزير الياس بو صعب "فضحية ثمنها هدر للأموال"، فكان ردّ شهيب: "كل ما يتمّ تداوله في شأن الكلفة يحتاج إلى دقّة شديدة"، ويضيف: "أحترم الجميع وسأعود إلى مجلس الوزراء والقرار له".
وعن إمكانية عدم موافقة بعض الوزراء على الخطة، يقول شهيب: "من لديه خطة بديلة تزيل النفايات بأسرع وقت وأقل كلفة أنا بتصرّفه، والرئيس تمام سلام جدّيّ في إنهاء الملف".
سألنا وزير الاعلام رمزي جريج عن آلية الموافقة على مثل هذا الملف، فأوضح أن "آلية عمل الحكومة حددها الدستور، فهناك مواضيع يجب طرحها بالتوافق وإذا تعذّر ذلك، يطبّق التصويت الذي عادة يكون بالأكثرية للقضايا العادية فيما هناك 14 موضوعاً موضوعة في الدستور - المادة 65، تحتاج إلى الثلثين، وبالتالي إذا كان هناك أكثرية لإقرار الخطة الخاصة بترحيل النفايات فإن معارضة وزراء الوطني الحر وحدهم لا تكفي، لأن الملف ليس موضوعًا ميثاقياً وينطبق عليه التصويت الأكثري"، مضيفاً: إذا كان هناك احتجاج على كل قرار، فهذا يعني اننا لا نستطيع أخذ أي قرار". ولم يطّلع جريج على الخطة بعد.
الخطة باتت جاهزة، وعند أول جلسة ستكمل طريقها نحو التنفيذ في حال كسبت دعم 13 وزيراً فقط، فالـ "الديوكسين" يفتك باللبنانيين، ويبقى الأهم اتخاذ القوى الأمنية قراراً بمنع حرق النفايات مهما طالت الأزمة.


 


[email protected]
Twitter: @Mohamad_nimer


 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم