الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

مشاعر البارانويا من اللاجئين السوريين تعصف بالانتخابات الأميركية

المصدر: "النهار"
هشام ملحم
هشام ملحم
مشاعر البارانويا من اللاجئين السوريين تعصف بالانتخابات الأميركية
مشاعر البارانويا من اللاجئين السوريين تعصف بالانتخابات الأميركية
A+ A-

تحوّلت أزمة اللاجئين السوريين في أعقاب الهجمات الإرهابية التي قام بها تنظيم "داعش" في فرنسا، قضية انتخابية ملحّة في الولايات المتّحدة خلقت جدلاً حادًّا بين عدد من المرشحين الجمهوريين والرئيس أوباما، حيث أعلن هؤلاء إما رفضهم استقبال لاجئين من سوريا، او فقط استقبال اللاجئين المسيحيين منهم، في موقف نافر يتعارض مع القوانين الأميركية التي ترفض أي مقاييس إثنية او دينية للمهاجرين او اللاجئين.


 


وفي اليومين الماضيين تحوّلت قضية اللاجئين السوريين – خاصة بعد التقارير الصحفية التي تحدّثت عن استخدام أحد الإرهابيين جواز سفر سوري، وإن كانت التحقيقات الاولية تبيّن انه ربما جواز سفر مزوّر- الى قضية خلافية بين الحكومة الفيدرالية وحكام جمهوريين لعدد من الولايات الذين أعلنوا رفضهم استقبال او استيعاب أي لاجئ سوري في ولاياتهم. واتسم السجال ليس فقط بالحدة والفظاظة، بل بنبرة تمييزية وطائفية فاحت منها رائحة العنصرية والبارانويا البغيضة، التي دفعت بالمرشح الجمهوري المتقدم في استطلاعات الرأي دونالد ترامب إلى الدعوة لمراقبة المساجد وبحث مسألة اغلاق بعضها، وذلك في موقف يتعارض مع جوهر الدستور الاميركي الذي يحترم الحريات الفردية ومنها حرية العبادة الدينية. هذا السجال الصارخ لا سابقة له في أي حملة انتخابات رئاسية في العقود الاخيرة.


 


المفارقة ان اثنين من المرشحين الذين رفضوا استيعاب اللاجئين السوريين، وهما عضوا مجلس الشيوخ تيد كروز، وماركو روبيو هاجر أبواهما من كوبا الى الولايات المتحدة هربًا من قمع النظام الشيوعي. والمرشح الثالث الذي اتخذ موقفًا متشددًا من اللاجئين السوريين هو حاكم ولاية لويزيانا بوبي جيندل، وهو من أبوين هاجرا من الهند. ومع ان المرشح جيب بوش يدعو منذ بداية حملته الى مواجهة "داعش" ونظام الاسد في الوقت عينه، وإلى إعلان مناطق آمنة في سوريا واستيعاب بعض اللاجئين السوريين، الا ان تصريحاته في الاسابيع الاخيرة اتسمت بتمييز طائفي نافر لصالح اللاجئين المسيحيين، والمبالغة بوضع المسيحيين "الذين يتعرضون للمذابح" في سوريا ولبنان. ويوم الأحد قال بوش ان على الحكومة ان تتحقّق بدقّة من خلفية أي لاجئ سوري (الواقع ان عملية التحقق من خلفية وأهلية اللاجئين تستمرّ لسنة او حتى سنتين)، ثم تابع "وأنا اعتقد ان تركيزنا يجب ان يكون على المسيحيين الذين لا مكان لهم في سوريا بعد الآن، حيث يتمّ قطع رؤوسهم، وإعدامهم من قبل الطرفين، وعلينا مسؤولية مساعدتهم".



ويوم الاثنين ردّ الرئيس اوباما خلال مؤتمره الصحفي في نهاية مؤتمر الدول العشرين الصناعية في انطاليا - تركيا على هذه التصريحات الطائفية، معتبرًا اياها "معيبة". وأضاف اوباما في اشارة ضمنية الى خلفية المرشحَين كروز وروبيو "عندما أسمع بعضهم يقول علينا فقط ان نستوعب المسيحيين وليس المسلمين، وعندما أسمع قادة سياسيين يقولون انه يجب ان يكون هناك امتحان طائفي لقبول أي لاجئ هارب من بلد في حالة حرب، وخاصة عندما يكون هؤلاء انفسهم متحدرون من عائلات استفادت من الحماية التي توفّرت لهم عندما هربوا من القمع السياسي، فهذا أمر معيب".



ويوم أمس الاول اعلن المرشح كروز، انه سيتقدم بطرح مشروع قانون في مجلس الشيوخ يمنع دخول اللاجئين السوريين الى الولايات المتحدة. وأضاف كروز ان مشروعه يمنع دخول اللاجئين السوريين المسلمين الذين يجب إرسالهم الى دول ذات أكثرية مسلمة، ولكن مع السماح باستقبال اللاجئين المسيحيين "لأنه لا توجد هناك مجازفات بقيامهم بأعمال إرهابية"، معتبرا ان قبول اللاجئين المسلمين هو نوع "من الجنون" مدعيا ان المسيحيين "مستهدفون للإبادة والقمع. المسيحيون يتم قطع رؤوسهم وصلبهم وعلينا ان نوفّر الملجأ لهم". وحتى الآن وصل عدد اللاجئين السوريين الذين قبلتهم الولايات المتحدة منذ 2011 حوالي 2160 ، وكان الرئيس اوباما قد اعلن ان حكومته سترفع العدد الى 10 آلاف في السنة المقبلة.
من جهته قال المرشح بن كارسون الذي تتسم حملته بلغة دينية غيبية "ان قبول لاجئين سوريين مسلمين يعني المجازفة بدخول عناصر من داعش معهم". واتخذ المرشح روبيو موقفًا مشابهًا، إذ وصف أعمال الارهاب في باريس بأنها تعكس وجود "صراع حضارات" بين الغرب والاسلام. ويوم أمس غرّد المرشح بوبي جيندل قائلأ "انه بصفته حاكما لولاية لويزيانا اصدر امرًا طلب فيه من أجهزة الولاية اتخاذ كل الخطوات المطلوبة لمنع استقبال اللاجئين السوريين في الولاية".



ويوم الاثنين، انتقلت عدوى العداء للاجئين السوريين بسرعة مذهلة الى الحكام الجمهوريين لعدد من الولايات الهامة الذين بعثوا برسائل الى الرئيس اوباما أعلموه برفضهم استيعاب أي لاجئ سوري في ولاياتهم، ومن بين هذه الولايات: إيلينوي، وإنديانا، وماساتشوستس، ولويزيانا، وميتشغان وألاباما وتكساس وأركنساو. واللافت ان حاكم ولاية ميتشغان، ريك سنايدر، والتي تضم ولايته أكبر تجمع للعرب-الاميركيين في البلاد، كان قد اعلن في السابق عن استعداده لقبول اللاجئين السوريين، ولكنه غيّر رأيه مؤخّرًا. والمفارقة الاخرى، هي ان حاكم ولاية انديانا، قبل بضع سنوات كان الجمهوري المعروف ميتشل دانيال المتحدر من والد سوري.



دستوريا، الحكومة الفدرالية هي التي تقرر مسائل مثل قبول واستيعاب اللاجئين، ولكن الولايات قادرة على إعاقة او عرقلة هذه العملية عبر المحاكم وغيرها من الإجراءات. وهذه المواقف تعتبر نافرة لأنها تتعارض مع تقاليد وممارسات الحكومات الاميركية من جمهورية وديموقراطية في العقود الاخيرة، حيث تم استيعاب أعداد كبيرة من اللاجئين الهاربين من الاضطهاد السياسي او الحروب من بينهم الكوبيين والفيتناميين والبوسنيين وغيرهم.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم