الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

وفاز "العدالة والتنمية" ... فماذا عن حرّيّة الاعلام التركي؟

المصدر: "النهار"
جورج عيسى
وفاز "العدالة والتنمية" ... فماذا عن حرّيّة الاعلام التركي؟
وفاز "العدالة والتنمية" ... فماذا عن حرّيّة الاعلام التركي؟
A+ A-

بعد كسر حزب #العدالة_والتنمية" جميع نتائج الاحصاءات التي كانت تتوقّع فوزه الأحد بطريقة مشابهة لفوزه"الباهت" في حزيران الماضي، باتت #تركيا على مشارف أسئلة كثيرة مرتبطة بمرحلة الحكم الجديدة وتداعياتها. فتلك الدولة لا تواجه أزمات أمنيّة واقتصاديّة واجتماعيّة فحسب، إنّما هي في طور أزمة معقّدة، لكن غير مستجدّة، تطال نظرة السلطة الى الحرّيّات الاعلاميّة من جهة والى القانون الذي يحمي تلك الحرّيّات ويصونها من جهة أخرى.


بطبيعة الحال، تركيا ليست الدولة الوحيدة التي تُنتهك فيها حقوق الاعلاميّين والصحافيّين في هذا الشرق الذي يعجّ يوميّاً بتلك الخروقات. لكنّها، كبلد يضع نصب عينيه الانضمام الى #الاتحاد_الاوروبي وكعضو فاعل في #حلف_شمال_الاطلسي مع جميع المترتّبات على تلك العضويّة، تتحمّل مسؤوليّة أكبر في احترام الحرّيات الاعلاميّة وصونها في كلّ الظروف. إنّما يتبيّن ممّا يحدث على الأرض أنّ الهوّة بين المبدأ والتطبيق تكاد تتحوّل الى هوّة سحيقة.


مراقبون من "منظّمة الأمن والتعاون في أوروبّا" أعربوا عن قلقهم من قيود على الحرّيّات الاعلاميّة وحرّيّة التعبير رافقت الانتخابات التي جرت الأحد. البعثة التي أرسلتها المنظّمة لمراقبة الانتخابات عقدت مؤتمراً صحافيّاً في العاصمة التركيّة تحدّثت فيه عن ملاحظاتها، فأشارت الىوجود اعتداءات جسديّة على حزبيّين. ورأت أيضاً أنّ قيوداً فرضت على حرّيّة إقامة الحملات الانتخابيّة خصوصاً في الجنوب الشرقي من البلاد وتحديداً في الاسبوعين الاخيرين، حيث طاولت الاعتداءات والاعتقالات حزبيّين ومؤيّدين وناشطين في حزب #الشعوب_الديموقراطي. وجاء تقرير وفد "الجمعيّة البرلمانيّة لمجلس أوروبّا" مشابهاً لمنظمة الأمن والتعاون. فرئيس الوفد أندرياس غروس، أكّد أنّ الانتخابات كانت حرّة لأنّ معيار الحرّيّة يعني وجود خيار متنوّع يتكوّن من مختلف الانتماءات السياسيّة داخل البلاد. لكنّه يتابع مشدّداً على أنّ المنافسة لم تكن عادلة، بسبب "الظلم الكثير والعنف، فالخوف هو عدوّ الديموقراطيّة وحرّيّة الخيار". وأضاف قائلاً:"على الرئيس#رجب_طيّب_أردوغان أن يوحّد ما كان منقسماً خلال الاشهر الخمسة الماضية".


الصحافي عصمت بركان في صحيفة "حرّيّات دايلي نيوز" التركيّة كتب فيها مقالاً تحت عنوان:"الآن، هل تظنّون أنّ الفاشيّة قدمت الى تركيا؟". في المقال، يذكر بركان كيف انتهت احتجاجات متنزّه جيزي سنة 2013 والتي قابلها الرئيس التركي #رجب_طيّب_أردوغان (كان حينها رئيساً للوزراء) باتهام المحتجّين بأنّهم مجموعة من "النهّابين". واعتبر أنّ ما جرى كان 29 شهراً من "بيئة انتخابيّة هدّامة" انتهت بإيصال البلاد الى توتّر غير مسبوق في تاريخها. ورأى أنّ بناء السلام الاجتماعي لا يقع فقط على الحزب الفائز بل تتحمّل مسؤوليّته المعارضة أيضاً. ويعتبر الكاتب أنّه إذا كان هنالك من سلام، فإنّه لا يمكن له أن يكون أحاديّاً، مؤكّداً ضرورة عدم إقفال الباب بوجه الحوار لأنّ الاحزاب التركيّة هي متنافسة وليست متعادية بين بعضها البعض. ودعا الى إعادة إحياء حكم القانون وعودة الديموقراطيّة وذلك يقع بالدرجة الاولى على الحزب الحاكم، لكنّه لا يعفي المعارضة من تلك المهمّة.


أمّا الصحافي عمر نور الدين فكتب في صحيفة "زمان" التركيّة الصادرة باللغة العربيّة مقالاً يتحدّث فيه عن سلسلة الاعتداءات التي تعرّضت لها وسائل الاعلام المعارضة لحزب #العدالة_والتنمية" وخصوصاً منذ أواخر سنة 2013 وتصاعدت خلال شهر أيلول الفائت بشكل كبير حتى قال الكاتب عن ذلك الشهر أنّه كان "أيلول الصحافة الأسود في تركيا". ومن جملة ما كتبه كان تعرّض "مجموعة دوغان وهي المجموعة الإعلامية الأكبر في تركيا، لحملات شبيهة لما تعرضت له صحيفة زمان ومجموعة سمان يولو، وامتد الأمر إلى مجموعة "إيباك" وصحيفة بوجون، وفرضت أشكال جديدة من الرقابة على القنوات التليفزيونية ...". وبالنسبة لزميله في الصحيفة نفسها ممتاز أر توركونه فكان أكثر حدّة في التوصيف، حيث اعتبر الوصاية على مجموعة "ايباك" تدلّ الى أنّ "الديكتاتور جنّ جنونه".


روي غرينسلايد كتب في صحيفة "الغارديان" البريطانيّة أنّ تركيا أصبحت واحدة من أكثر الدول سَجناً للصحافيّين. ومن ناحية ثانية، أشار الى كون العمل الصحافي، بما فيه نشر التقارير وتغطية الاحداث، أصبح أمراً فيه مجازفة. وأوضح أنّ قناتين تابعتين لمجموعة "إيباك"، وبعد مداهمتها، بثّتا أفلاماً وثائقيّة عن الحرب العالميّة الثانية وحياة الجِمال. وأعلنت نينا أونيانوفا منسّقة برنامج لجنة حماية الصحافيّين في الشرق الاوسط وآسيا الوسطى أنّه،ببثّ وثائقيّات عن الجمال قبل أيّام من الانتخابات، أثبت سياسيّو تركيا أنّهم لم يعودوا مهتمّين حتى بالادّعاء بأنّهم يحترمون الديموقراطيّة. ويعتبر غرينسلاند سجلّات أردوغان غير مشجّعة، لذلك يتوقّع أن يندفع أكثر في قمع الحرّيات.


تحليلان يلخّصان تصرّف الحزب الفائز تجاه مسألة الحرّيات داخل تركيا مستقبلاً:


الأوّل يفيد بأنّ أردوغان وصل الى الفوز الذي كان يبتغيه عبر محاصرة الاعلاميّين والشخصيّات المناوئة له وبالتالي فإنّه يستطيع إعادة الحياة الاعلاميّة والديموقراطيّة الليبيراليّة الى مسارها الصحيح بعد زوال خطر الهزيمة عنه وعن الحزب الحاكم .


أمّا التحليل الثاني فيفيد بأنّ أردوغان سيستغلّ "نشوة"الانتصار لكسب مزيد من السلطة والقضاء على معارضيه نهائيّاً حتى لا تتكرّر "فاجعة" نتائج حزيران الماضي.


وبالنسبة للتحليل الصحيح، يبقى الجواب مخبّأً في جعبة الأشهر والسنوات الآتية.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم