الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

معرض - جورج باسيل في "آرت أون 56": الأنفاس تنمو في اللوحة ولا تموت

لور غريّب
معرض - جورج باسيل في "آرت أون 56": الأنفاس تنمو في اللوحة ولا تموت
معرض - جورج باسيل في "آرت أون 56": الأنفاس تنمو في اللوحة ولا تموت
A+ A-

يعرض الفنان اللبناني المقيم في عمان جورج باسيل في غاليري "آرت أون 56 "، الجميزة، عشرين لوحة كبيرة الحجم تحت عنوان "فقدان النفس"، حيث الالوان الزاهية والكثير من الصبايا يجلسن ويكشفن ربما عن جمالهن او عيوبهن او حتى تفاهتهن من دون ان يفقدن تلك النكهة الحلوة التي تميزهن بالإطلالة والقامة والغنج. كلما شعرن بالحاجة لاستعمال الاغراء كسلاح يؤمّن لهن رغباتهن المفضوحة او المستورة او الخبيثة، لجأن الى هذا السلاح بسهولة لأن الطبيعة زوّدتهن كل الامكانات المتاحة مهما صعبت المواقف والمتطلبات والتوقعات.


المعرض، الذي يستمر الى نهاية تشرين الاول 2015، يقدم لنا بصراحة وببهجة مواقف نستشف منها الانتصار بادياً على الملامح، او الانكسار، حيث الانكماش يخيم على الوجه ويقلص من تكاوينه التي كانت مفلوشة على القماشة ثم تقوقعت فأصبحت تشبه الصفحة المجعلكة البالية بعد اخفاقات ذاتية تدل على تدهور الحالات النفسية.
أتوقف أمام لوحات اخرى فيها ما يشبه الانسان الهجين. لا اعرف أكان رجلا أم انثى. حليق الراس، يشبه مصاباً بمرض خطير. أهو من الذين نصادفهم احيانا في أروقة المستشفيات ام ان الفنان اراد تحويل الجمال البشري الى اشباه "الزومبي"؟
ثمة لوحات مزهرة تتحول فجأة إلى هياكل عظمية شبه ممسوخة. أهي التحولات الفيزيائية ام النفسية أم الشعور بشيء من الرهبة عندما ننظر الى مجموعات او ثنائيات في مظهر يوحي بالتحولات المباغتة التي نشمئز منها للحظة ثم نعتاد عليها؟ انها فعلا أحجية لكنها ليست مفرحة.
لوحات باسيل تمنحنا الأنفاس، تضاعفها، ولا تستأصلها. ذلك أنها تتمكن من ولوج المرايا والطبقات الدفينة والخلفيات لاستيضاح ما لا يمكن إيضاحه بالشكل المباشر. وإن بدا أن شخوص اللوحات هي التي تفقد أنفاسها، فإن الفقدان الحقيقي إنما يطاول الوجود الإنساني في بلادنا ومنطقتنا. أليس لهذا السبب، يا ترى، يقول باسيل انه يعيش ويعمل في الاردن وانه جاء الى لبنان بلده ليعرض ما انتجه في غربته؟ فهل هو من فقد القدرة على التنفس ام هم "أبطال" لوحاته يمثلون ربما حالات عابرة من يأس في مكان ما، او فرح في لحظة اخرى؟ لا نملك إلا أن نتساءل ما اذا كانت اللوحة مرآة لمكنونات الرسام، أو بالأحرى تارة متنفساً للشياطين التي يتوق الى طردها من روحه، وطورا رسولة للخفة الجميلة التي يود نقل عدواها الى المتلقي. من لوحات البهجة التي تذكّرنا بأعمال شهيرة في قاموس الفن الى لوحات الانحلال واليأس، يتمخطر جورج باسيل بارتياح بين ضربات ريشته كأنه يغرف من مخزون معرفته وقد اكتشف للتوّ امكاناته التشكيلية.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم