السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

فنانون دعوا إلى التظاهر، فماذا يقولون عن المتظاهرين؟

المصدر: "النهار"
فاطمة عبدالله
فنانون دعوا إلى التظاهر، فماذا يقولون عن المتظاهرين؟
فنانون دعوا إلى التظاهر، فماذا يقولون عن المتظاهرين؟
A+ A-

استقرّ مشهد #وسط_بيروت على تناقضين: الرفض والامتنان. فيما كثر رأوا في الأرجاء فوضى لا تليق بالوسط التجاري وخراباً بلغ حدّه، تمسّك آخرون بحقّ الشعب المقهور بإعلان الغضب مهما يشتدّ قسوة. الحال أنّ وضع الإنسان في وطن الفساد والاختناق بـ #النفايات ما عاد يُطاق ولا بدّ من صرخة. عبر صفحتها على "فايسبوك"، نشرت المخرجة نادين لبكي فيديو يدعو اللبنانين إلى التحرُّك. فنانون رفعوا الصوت رفضاً للقمع والمرض والسرقة وعبث السلاح والموت على باب المستشفى، فكانوا للمتألمين بمثابة أمل. نطلّ من الطبقة السادسة في مبنى "النهار" على أرضٍ شهدت ليل الخميس مواجهة الشعب مع جدار السلطة وعناصر أمنها. نسأل فنانين ظهروا في الشريط عن رأيهم بالمشهد البيروتي القائم، وفق البعض، على "الفوضى والخراب". أيُجدّدون دعوة الشعب إلى التظاهر، أم يرون ما حدث كافياً لاستنكار "الشغب" والفصل بينه وبين الحقّ بالاعتراض؟ فؤاد يمّين، ندى بو فرحات، ميشال أبو سليمان، بديع أبو شقرا، وريتا حايك، أسماءٌ رفعت في الفيديو شعار "أنا مش زبالة" كدعوة إلى اعتبار الشارع خشبة نجاة.


امتلأ الشعب غضباً فماذا ينتظرون؟
يعزف فؤاد يمّين على غيتاره كلمات تشبه مراثي المرء في الأوطان الصعبة: "هيدي صرخة ضدّ الريحة. ضدّ ريحة الزبالة". نسأله عن مشهد الأرض بعد الحراك وما استفاق عليه وسط بيروت من تحطّم وتكسير. يؤكد حقّ الشعب في التظاهر. "ما حدث فشّة خلق من مواطنين فاض بهم الغضب وبلغوا درجات من العصبية. في حراك الشارع، يستحيل ضبط الناس. ثمة أشخاص كثيرون وأراءٌ عدّة، وإن أقدم الجزء على شيء، فليس بالضرورة أن يمثّل ذلك الكلّ. لا مناص من ذلك، والمطلوب إيجاد حلّ للواقع الذي يتظاهر الشعب من أجله". يرفض يمّين أن يُنعَت المتظاهر بـ"الأزعر" مهما يبلغ من غضب. أحدٌ من المتظاهرين، كما يقول، لم يأتِ إلى الشارع بغرض التكسير. "كلّ ما حدث كان ردّ فعل لم يفاجئني. الشارع لا يُضبَط بالريموت كونترول".


تتمسّك ندى أبو فرحات بموقف الرافض اعتبار ما حدث شغباً. "ليل الخميس كان ليل القمع. كلما طالب المواطن بحقّه، كلما بلغ القمع حِدَّة، وهذا دليل عجز الدولة عن تقديم حلّ". نسأل عن واقع المشهد الصباحي بعد ليلٍ قاسٍ، فتجيب بأنّ "خراطيم مياه قوى الأمن لم توفّر أحداً، لا البشر ولا الحجر". ثم تتابع: "الخراب الذي يتكلّمون عنه سببه قوى الأمن. هم في النهاية يتلقّون الأوامر. المُخرِّب هو مَن يصدر الأوامر لإلقاء القنابل المسيلة للدمع، وليس المواطن صاحب الحقّ في التظاهر. سأختصر المشهد: كيف لا يشعر بالخجل مَن لا يزال يجرؤ على لوم الشعب؟ إنْ ثمة مِن خراب فالسلطة تتحمّل مسؤوليته".





نزال عالشارع هالخميس ٨ تشرين الاول لأنو الشتي جايي . #انا_م...

نزال عالشارع هالخميس ٨ تشرين الاول لأنو الشتي جايي . #انا_مش_زبالة #طلعت_ريحتكم


Posted by Nadine Labaki on Tuesday, October 6, 2015



نَيْل الحقوق بربطة العنق وعدم الإزعاج


تعذّر الحديث إلى نادين لبكي لانشغالها بالسفر، وكنا نودّ لو نقف معها على توصيف المشهد. نتوجّه إلى ميشال أبو سليمان ونسأله رأيه في ما يجري. ننقل إليه قول البعض إنّ في الأمر سلوك الزعرنات، فيجيب: "إذا وُصِف أولئك الذين يطالبون بحقّ الشعب بعيشٍ أفضل بالزعران، فليكن. يبدو أنّ الحقّ لا يُكتَسب إلا بالغضب. ثم ماذا يريدون؟ أن ينزل الشعب الموجوع إلى الشارع بالبزّة الرسمية مع ربطة العنق والحذاء اللمّاع؟ إن شاؤوا ذلك، فسنفعل. المسألة أننا نواجه مافيا عوض مواجهة الدولة، وإلا لكانت الاستقالات انهالت. يضيّقون علينا العيش منذ أربعين عاماً، ويُمعِنون في العجز والكسل. لم يُحرِّر مارتن لوثر كينغ أصحاب البشرة السمراء إلا بعد عنف. ما حدث بديهيّ، أما غير البديهيّ فأن ننزل إلى الشارع ونقول للأمن الذي يتربّص خلف الأسلاك الشائكة وعوائق الحديد: "يا ريت بتعطونا حقوقنا إذا ما في إزعاج".


لبديع أبو شقرا رأيٌ يوافق زملاءه في شريط "أنا مش زبالة". "المتظاهرون من كلّ الجهات، فكيف يُعقل ضبط رغبة كلّ منهم في التعبير عن غضبه؟ لا طابع سياسياً لهذه التظاهرات حتى يُصار إلى البحث عن موقف واحد. كلٌّ يعبّر وفق حجم الغضب. أنا ممن يتحفّظون عن اعتبار ما يحصل شغباً. يهمّ السلطة في أحيان استفزاز الشعب وتعمُّد رمي الملامة عليه. لديّ ملاحظات حول بعض الطروح والأفكار، وإنما شيءٌ لن يغيّر موقفي من أهمية الوعي. على المعترِض أن يفعل شيئاً عوض الاكتفاء بالاستنكار والرفض. الشتاء آتٍ، فأين نذهب بالنفايات؟ الصمت ليس حلاً ولا التظاهر وفق حسابات السلطة. ما يجري يحمّسني على مزيد من نُصرة الحراك. الشباب هم الأمل".


ترفض ريتا حايك أن يُقال عما يحدث "فوضى". "أين النظام والقانون في أيامنا؟ أين اللافوضى في حياتنا؟". ترى أنّ المتظاهرين لم يخرجوا عما هو طبيعيّ بعدما بلغت الرداءة الذروة. "لا أدري لماذا انتظرنا كلّ هذا الوقت؟ مرض ونفايات وظُلمة وذلّ، فلماذا لم ننتفض منذ زمن؟ ثم كيف يريدوننا أن نتظاهر؟ بالرقص؟ لقد رقصنا. بالحراك السلمي؟ لقد تحرّكنا سلمياً ولم نحصد أيّ حلّ. لا بدّ في أحيان من التصعيد، وفي زمن النفايات، هو الطبيعي. المُستَغرب تواطؤ البعض مع قمع السلطة وعجزها. سنظلّ ندعو إلى الشارع ولن ينال منا أحد. الشعب لا يُهزَم".


[email protected]
Twitter: @abdallah_fatima

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم